صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 28 - 04 - 2004م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

الثـابـت و المتحـول

فائز البرازي

هناك دائمآ وفي كل أمة من الأمم ، ثوابت حضارية ، فكرية وثقافية تحمل في مضامينها ومفاهيمها ، مكونات الأمة وأسسها وجذورها . وليس من المستحب دائماً إستجرار النقاش والجدل حولها وإضاعة الوقت وتشتيت الفكر وزيادة التشرذم . فإما أن نقبل بها أو نرفضها . وإن رفضناها فقد يتوجب علينا البدء في رحلة بحث عن أمة أخرى ، وكيان آخر نقبله ويقبلنا فننتسب إليه . والهجرات كانت وستبقى على مر التاريخ والزمن إحدى نتائج هذا الرفض . وهذه الثوابت يمكن تحديدها بالتالي :

1- الإنتماء ضمن الهوية  . وضد الإنسلاخ أو الإنفلاش .

2- المواطنة ضمن الحقوق والواجبات . وضد التمييز على أي شكل .

3- الحرية ضمن الجماعة  . وضد فردية ( الأنا ) المطلقة .

4- العدالة والمساواة ضمن المجتمع . وضد الإستغلال على أي شكل .

5- الحق  ضمن الفردي والمجتمعي  . وضد الأهواء والمصالح .

6- الدين ضمن الروحانيات والأخلاق والمرجعية الإلهية ، وضد المادية المطلقة . 

إننا اليوم نتعرض – سواء إعترفنا أو نفينا – لصنوف من الغزو الفكري والإستلاب الثقافي من خلال طغيان ثقافة وقشور حضارة هابطة المستوى مفرغة من المضمون ، ذاتية محلية أو خارجية مستوردة ، تقدم قيمآ فكرية وثقافية بعيدة عن شواغل وهموم الأمة وطموحاتها ، وهذه تؤثر سلبآ بمجملها في انتماءاتنا وقيمنا وتراثنا وثقافتنا وأذواقنا ، وسيكون لها آثارآ نفسية وإجتماعية ونهضوية علينا كأمة وعلى مجتمعاتنا ضمن هذه الأمة .

إن أخطر ما يحيق بفكرنا ونهجنا ، سؤالآ نطرحه اليوم بمعظمنا مواطنين ، ومثقفين ، وطليعة مفكرة   :

( كيف نلحق بركب الحضارة .. لنكون مثل الأوربيين أو الأمريكيين ؟ ) بدل أن نفكر ونقدم مشروعآ نهضويآ ، ونموذجآ جديدآ للإنسانية . ثم أننا كأمة غالبآ ما يكون جدلنا حول ما يمكن أن أرجعه وأعيده إلى تساؤلات : هل الفكرة تصنع واقعآ ؟ كما تقول المدرسة المثالية ، أم أن الواقع يخلق الفكرة ويحدد نوعيتها كما تقول المدرسة الواقعية . إننا غالبآ لا نفكر في " التشابك " بل ننحى إلى " التجزيئات " التي أدت وتؤدي إلى تشرذم وإلى كيانات ضعيفة متناحرة . وتقول ( نازك الملائكة ) في كتابها " التجزيئية في المجتمع العربي " : [ من التقلقل الفكري العام تنشأ الظاهرة الكبرى التي تتغلغل في حياتنا كلها ، وهي الظاهرة التي نختار أن نسميها بالتجزيئية ، ونقصد بها جنوحنا إلى عزل الظواهر عن بعضها ودراستها مفصولة .. إننا نتناول مثلآ اللغة وكأنها عامل مفصول عن الدين ، ونرى السياسة ككيانآ مفصولآ عن قضايا الفن ، ويخيل إلينا أن العلوم دائرة معارضة لدائرة الآداب ، وتلوح لنا الشؤون الإقتصادية بعيدة عن شؤون الجمال والعواطف ، وهكذا تنتهي بنا كل دراسة إلى زاوية ضيقة نصدر منها أحكامآ مصطنعة تزيدنا حيرة وإرتباكآ ] .

ويقول الدكتور ( محمد جابر الأنصاري ) في كتابه " تجديد النهضة بإكتشاف الذات ونقدها " : [ عندما نتجادل حول حقوق المرأة ، ننسى الرجل والتربية والتنمية والقوانين .. وعندما نتجادل حول التنمية ، ننسى مسألة المرأة تمامآ ، وننسى معها التربية والموضوعات الإجتماعية والفكرية الأخرى .. وقس على ذلك ] .

وهذا من نتائجه برأيي ، أن نضيع كل شيئ ولا نصل إلى شيئ ، كما تقول قصيدة أجنبية :

بحثنا عن المسمار  ..  فأضعنا الحذاء  .

بحثنا عن الحذاء    ..  فأضعنا الفرس  .

بحثنا عن الفرس    ..  فأضعنا الفارس .

ـ  2  ـ 

بحثنا عن الفارس  ..  فأضعنا المعركة  .

بحثنا عن المعركة ..  فأضعنا المملكة   .

على أن هناك ( مفاهيم متغيرة ) ترتبط بأهدافها ونتائجها ، بتحقيق التطور والتطوير لهذه الأمة ، وفق الظروف ، وعلى مدى الزمن ومتغيراته . وهذه المفاهيم هي القابلة بل المتطلبة للجدل والحوار والبحث والدراسة والأفكار ، سعيآ وراء تحديد مفاهيمها والإقتراب من الإتفاق حول تلك المفاهيم ، ثم العمل على تطبيق هذه المفاهيم على أرض الواقع مع ما يمكن أن يطرأ عليها من تعديل وتغيير أثناء الممارسة وهذا هو التشابك بين الفكرة وبين الواقع أيهما أسبق . لا شيئ فيها مقدس وثابت إلا بمدى تلاؤمه مع هدف تطوير الأمة في سياق الوقائع والزمن وثوابت الأمة ، وهي متشابكة بدرجة لا تقبل التجزيء . وإن أهم تلك المفاهيم المتغيرة – وليس كلها – والتي أود نقاشها وعرضها للحوار :

1- مفهوم الدولة والسلطة .

2- الديمقراطية .

3- العلمانية .

4- الإصلاح والتحديث والتنمية .

5- أساليب التربية والتنشئة والتثقيف .

6- الإعلام .

7- العلاقة بالآخــر .

وأرجو أن نقيم جميعآ حوارآ مع أنفسنا بعد حوارنا مع بعضنا ، وأن نحاول الخروج عن الأحكام والأفكار المسبقة الجاهزة ولا نتشبث بها ، ونكون على إستعداد لتغييرها أو تعديلها أو تطويرها . إذ علينا جميعآ في كل مراحل الحياة ، وفي هذه المرحلة على وجه الخصوص ، الإقتراب والدنو لردم الهوة وتضييق الإختلاف، فهذا يساعد على خلق مساحة أكبر لأرضية مشتركة نبني عليها جميعآ وطننا ..

السابق

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ