مع
إدراك مركز الشرق العربي أن فتح ملفات
التفرقة لا يخدم المصلحة العامة في هذه
المرحلة التي يحتاج
فيها القطر للكلمة الجامعة ننشر
مشاركة الأستاذ
خالد الأحمد دون تعليق
مشاركات
وصل
إلى برق الشرق :
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة
مع السيد نزار نيوف
خالد
الأحمد*
قرأت
بكثير من الألم ما كتبه السيد نزار
نيوف حول مقالة أدرجت في النشرة
الإخبارية في موقع جماعة الإخوان
المسلمين خلاصتها أنها تحرض على الطرح
الطائفي ضـد الطائفـة العلويـة .
بداية
أنا والإخوان المسلمون ضد الطرح
الطائفي والعشائري ، وندعو إلى لحمة
الصف الوطني .
لم
أستطع الوصول إلى هذه المقالة التي
أشار إليها السيد نيوف، ولم أطلع
عليها، لكن من خلال قراءتي لما كتبـه،
استرعى انتباهي قوله ( الجناح العسكري
للإخوان المسلمين ) ويقصد به (الطليعة
المقاتلة) ، وحرصاً مني على بيان
الحقيقة، رأيت أن أكتب هذا الموضوع ،
وبالله المستعان :
الوقفـة الأولـى :
الطليعة المقاتلة ليست
جناحاً عسكرياً للإخوان المسلمين؛ ولم
تكن في يومٍ من الأيام كذلك، بل هي
تنظيم مستقل،
أسسه الشيخ مروان حديد ، بعد أن قام
استئصاليو النظام البعثي في عام (1964)
بهدم مسجد السلطان بالدبابات ، وقتل
عشرات الشباب المسلم في حماة .
من
يومها ، بل بالأصح
قبل ذلك أيضاً ،
مروان حديد يفكر وحده بمعزل عن
الجماعة ، حتى صار معروفاً في صفوف
الإخوان مصطلح ( جماعة مروان ) ، بل صدر
تعميم داخل الجماعة يحذر أبناءها من
اتباع جماعة مروان والعمل معهم .
وجماعة
الإخوان المسلمين لم تكن توافق على ما
يفعله مروان حديد منذ بداية عمله ،
وهذا معروف داخل الجماعة ، ولا ينكره
عاقل ، ولكن مروان حديد وخلفاءه
استفادوا من ضغط السلطة على الشباب
المسلم ، وجمعوا أعداداً كثيرة من
الشباب ، بعضهم من شباب الإخوان (لم
يلتزم بقرار الجماعة) وأكثرهم من خارج
الجماعة ، وردوا على السلطة بالسلاح،
السلطة التي قررت منذ البداية أن
تستأصلهم وتفنيهم ، وقرروا أن يدافعوا
عن أنفسهم كي لا
يموتوا كالدجاج .
ومن
الأدلة على ذلك :
1
ـ استنكر الإخوان المسلمون حادثة
مدرسة المدفعية ، ونشروا بيانهم في
مجلة المجتمع الكويتية العدد (452) شعبان
( 1399هـ). ونص البيان على أن ( الجماعة لا
علاقة لها بحادثة مدرسة
المدفعبة ، ونفت كذلك علاقتها
بالأحداث الجارية ، ونفت أنها حملت
السلاح ضد الدولة).
2
ـ أدعو السيد
نزار نيوف وكل مهتم بمعرفة الحقيقة أن
يقرأ كتاب (الثورة الإسلامية
الجهادية في سوريا) لمؤلفه (عمر عبد
الحكيم) وهو من تنظيم الطليعة المقاتلة
، ليجد أنّ شتائم الطليعة المقاتلة
للإخوان المسلمين لا
تغيب عن صفحات الكتاب ؛ لأن
الطليعة المقاتلة كانت ترى الإخوان
المسلمين غير مقاتلين ، وقد فروا من
ساحة المعركة إلى دول الخليج، وأن
الطليعة المقاتلة هي التي تخوض غمار
المعركة داخل سوريا .
3
ـ ولعل أقوى الأدلـة التاريخية على أن
الطليعة المقاتلة ليست هي الجناح
العسكري للإخوان المسلمين بل هي تنظيم
مستقل ، ما قاله الرئيس حافظ الأسـد في
خطابه يوم (8/3/1980) الذي سمعته وتابعته
شخصياً ، ومع هذا أنقله حرفياً من كتاب
( فان دام ) الصراع على السلطة في سـوريا
( ص 142) وهذا الكتاب رسالة دكتوراه أو
ماجستير حصل عليها ( فان نيكولاس دام )
السفير الهولندي في القاهرة ، يقول
حافظ الأســد :
(
أريد أن أوضح أمراً يتعلق بحزب الإخوان
المسلمين في سوريا ، الإخوان المسلمون
في سوريا ليسوا جميعاً مع القتلة ، بل
كثير منهم ، القسم الأكبر منهم ضـد
القتلة ، ويديـن القتل ، وهذا القسم
يرى أنه يجب أن يعمل من أجل الدين ورفع
شـأن الدين لا
من أجل أي هدف آخر ، هؤلاء أيها الشباب
، لا خلاف لنا معهم ،إطلاقا ، بل نحن
نشجعهم ، نحن نشجع كل امرئ يعمل من أجل
الدين ، ومن أجل تعزيز القيم الدينية
..... ) . انتهى كلام الرئيس .
الطليعة
المقاتلة حرضت ضد الطائفة العلوية ،
وهذا واقع لا
يستطيع أحد إنكاره ، لكن
إنصافا للحقيقة كان عملها ذلك رد فعل
على سلوك السلطة الطائفي آنذاك ،
وأعداد طلاب الضباط في مدرسة المدفعية
خير شاهد على ذلك ،
حيث كان فيها (300) طالب ضابط ، منهم (270)
علوياً ، و(30) من غير العلويين .
أما
جماعة الإخوان المسلمين فيشهد تاريخها
في سوريا ، ومصر ، والأردن ، واليمن ،
والجزائر ، وأينما كانت :
أنها متعايشة مع الآخر الوطني ،
العقائدي والسياسي والاجتماعي ، منذ
أن كانت حاضرة في الساحة السياسية خلال
الخمسينات ، وحتى ميثاق الشرف الوطني
الذي طرحته قبل أكثر من عامين .
ومجدداً
ودائماً تعلن الجماعة براءتها من
الطرح الطائفي ، ومن السلوك الطائفي ،
ومن العنـف، وتدعو
جميع المواطنين في سوريا إلى التلاحم
في صف واحد ضد العدو الصهيوني وأعوانه.
الوقفـة الثانيـــة :
يختم
السيد نيوف موضوعه بكلام عجيب ، تعودنا
على سماعه من الغوغائيين ، المطبلين
المزمرين ، الذين لا
يفقهون ، ولم أتوقع سماعه من
مثله، وهو الباحث عن الحقيقة، الذي
كلفه بحثه عنها عشر سنوات من العذاب في
أقبية السجون السورية . يقول السيد
نيوف: الإخوان المسلمون (منذ تأسيسها
على يد المرشد حسن البنا بدعم وتمويل
من شركة قناة السويس والأجهزة
البريطانية !!)
ومن
المؤلم أننا مازلنا نسمع كلاماً يقال
بدون أي سند من الحقيقة ، كما كانت
سلطات الأمن تجبر طلاب المدارس في
الصباح أن يرددوا ( .. ضد الإمبريالية ،
والصهيونية ، وعميلتهم عصابة الإخوان
المسلمين .. ) ويتضح اليوم لكل جاهل لا
يكلف نفسـه البحث عن الحقيقة أن الحركة
الإسلامية هي العدو الحقيقي للصهيونية
والإمبريالية ، وربما هي العدو
الحقيقي الوحيد ، لأن محاربة
الصهيونية والإمبريالية عند الإخوان
المسلمين قضية عقيدة ، وليست سياسة فقط
.
وهاهي
أمريكا اليوم ومنذ عشر سنوات تجند كل
إمكاناتها لمحاربة الأصولية ، لأنه
تبين أن الأصولية العدو الحقيقي
الوحيد لأمريكا وللصهيونية وذيلهم
بريطانيا .
هل
قرأت يا أستاذ نـزار كتاب ( المقاومة
السـرية ) لكامل الشريف ، وهو تاريخ حرب
العصابات التي قام بها الإخوان
المسلمون في مصر ضد القوات البريطانية
في منطقة قناة السويس
، وهل قرأت كتاب ( الإخوان المسلمون
في حرب فلسطين ) لكامل الشريف أيضاً ،
وهل عرفت أن الخديوي فاروق ( عميل
بريطانيا ) أصدر قرار حل الإخوان
المسلمين ، وهم يقاتلون اليهود عام
(1948) ، وجُمِع المجاهدون في فلسطين
و سيناء ، ووضعوا ضمن المعتقلات .
وبعدها بقليل اغتيل الإمام حسن البنا
يرحمه الله .
هل
تسمع شيئاً عن (حماس) الجناح العسكري
للإخوان المسلمين في فلسطين ، وعن
كتائب عز الدين القسام ، وكتائب الأقصى
.
ألا
تـرى أن العالم كله ( بتوجيه من
الصهيونية العالمية ) يحارب الإخوان
المسلمين لأنهم العدو الحقيقي
للصهيونية وأدواتها أمريكا وبريطانيا
.
أملـي
أن يعتذر السيد نزار نيوف عن خطئه هذا ،
وقد عهدته باحثاً عن الحقيقة ، يقول
الحق لا يخاف لومة لائم .
والحمد
لله رب العالمين
*باحث
سوري
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|