مشاركات
وصل
إلى برق الشرق :
صور
رمضانية
بالأبيض
والأسود
صغيرةً،
مكسورةَ الخاطر،
ترنو إلي بعين
دامعة، تلاحقني تطلب مني الف
ليرة كي
تأخذ ربطة
خبز لاخوتها. اتجاهلها فلا تيأس،
تسألني: هل تأكلون كل هذه الحلويات؟
نحن ثمانية ايتام...
البابا مات من زمان...
انا لست شحادة... انا في مدرسة راس بيروت
بس الماما مريضة وما عم تلاقي شغل...
لا
نريد إلا ربطة خبز؟ إذا اعطيتني تمر
سأدعو لك في صلاة
التراويح.
انا صائمة.. بنتك صغيرة ايضاً؟ هل تجوع
مثلي؟
كلا
كلا كلا.... ابنتي لا تجوع ولن تجوع.
الله يخليلك
اياها ويخليك الها. الله يخليك الف
ليرة كي اعود قبل المغرب.
احاول
ان اهرب
منها لكن كلماتها تلاحقني. ادفع
للحلونجي 70 الف ليرة واركض إلى السيارة.
لقد وسخت تلك
الفتاة الزجاج. اشتمها فتقول:
إني صائمة...
إني صائمة... إني جائعة... إني جائعة...
الف ليرة... الف ليرة... واهرب من الصدى
اعطاها رجل الف ليرة فأخذتها وراحت
تركض إلى منزلها.
إنها صادقة إذاً؟؟؟ ليتني اعطيتها.
الله
يستر. سوف نأكل حلاوة الجبن الليلة وقد
مات جارنا
بسبب اكله 2 كيلو من حلاوة الجبن
الطرابلسية الشهيرة بعد اللإفطار. كلا
انا لن اكثر
من الطعام.
*****
اقترب
الآذان وهسترت السيارات. شوفير عمومي
يسب من هنا وفتاة دلوعة تنفخ نار غضبها
من هناك. كلهم يتحججون بالصيام.
اي صيام
هذا واي
حضارة
هذه؟؟؟
يتنفس
المؤذن قبل النداء فنهجم. لا ادري بم
ابدأ: الشوربا، الفتوش، الكبة النية،
المغربية، الحمص بالطحينة، البطاط
المقلية، اللحمة المشوية، الفروج
المحمر،
الغراتين، اللازانيا... كلا سوف
اشرب الجلاب بالصنوبر. هل صحيح ان
التمر نافع قبل
الإفطار؟
لا أدري، سأجربه في المرة
المقبلة..
كأننا
لم نأكل من شهور. اختفت المائدة بسرعة؟
اين وضعنا الطعام الذي اضاعت الخادمة
يومها في إعداده؟ لا بأس...
الله اعطانا ولنا الحق في
التمتع بالنعمة.
أين حق تلك الفتاة وأهلها
إذاً؟
جاء
دور الكلاج وحدف رمضان. بنتي تحب
الكربوج أكثر وزوجتي لا ترضى إلا
بحلاوة الجبن. الشباب يلتهمون كل شيء
لا فرق عندهم وبعد ذلك يتذمرون من
الطعام. هذا لا احبه
وهذا قليل الملح وزنود الست يابسة. ورد
الشام لا يعجب ابنتي.
اكل الدب وقال حامض.
****
احس
بالضيق. بطني تنفجر. لن استطيع الصلاة.
انا نعسان. الشباب نسوا صلاة المغرب،
يعني مو شي جديد، وذهبوا إلى الخيام مع
اصحابهم. زوجتي تلاحق التلفزيون وبنتي تحب اغنيات
الهدير الهادرة.
زوجتي تفضل
الدعاة المودرن مع المذيعات
المودرن. نعم انا ارتاح لدعاة
الفضائيات أيضاً. على
الأقل
لا ينتقدون حبنا للأطايب في رمضان.
كما
انهم يحبون نعمة الثياب والسكن والشياكة
ولا
يطلبون مني ان اتواضع مع تلك الفقيرة
الباكية.
نعم
الله يحبنا
ويرسل لنا إلى الداون تاون من يصلي
معنا ويخبرنا قصص الصالحين بدل ان نذهب نحن إلى
المساجد الشعبية حيث الوعظ الممل.
لم لا يضعون تلفزيون
ودي في دي(DVD) في
الجامع كي نرتاح منهم؟ آه كم
احب ان اذهب إلى ذلك المسجد الرائع حيث
التي تايم
(Tea Time) ومعرض العمارة الإسلامية.
هذا هو الإسلام حقاً:
جدران واعمدة من القرن السابع.
عيوني تغمض
لوحدها. سوف انام الآن واصلي لاحقاً.
******
ما
هذه الكوابيس المزعجة!!! ابني صار
يتيماً... لا اصدق...
إنه
يلحق تلك المرأة المهذبة
ذات الحجاب الأبيض
ويطلب منها لقمة خبز!!!
يا الله ما ارق قلبها...
إنها
تعطيه الف ليرة كاملة... الف ليرة لولد
شحاد؟؟؟
كلا كلا هذا
ولدي وليس شحادا.
يا
الله!!! إنها تأخذ بيده كي يفطر مع
اولادها. يا الله ما هذه
السماحة
في عينيها...
كأنها تعرفني؟
اين رأيت هذا الوجه؟ إنها هي... نعم هي...
تلك الفتاة التي تجاهلتها انا اليوم.. يا
رب كيف يحدث هذا؟؟؟
اين
ابنتي ؟ اين زوجتي؟؟؟؟
لا
زال اولئك الدعاة يفرخون في الداون
تاون وعلى الشاشات ويذبلون في آخر
الموسم ولا زالت المساجد الأرستقراطية
تمتلئ في المواسم بالسيارات الفارهة
وتقفل لتغيير الديكور في آخر رمضان إلى
رمضان القادم.
على
الأقل عرفت الآن معنى الصوم الحقيقي
ولكن متأخراً على الأقل عرفت اهمية
التكافل الإجتماعي الحضاري في الإسلام
ولكن بعد فوات الأوان.
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|