وصل
إلى مركز الشرق العربي :
أيها
الحكام... إرحلـوا بسـلام !
مصباح الغفري
قد صَرَّحَ الأمرُ، لا لَبسٌ ولا شَبَهٌ ولا وسيط، فعِبدانٌ ،
وأحرارُ
أيستوي حافظٌ عهداً ولافظــهُ
ومؤمنون بأوطانٍ ، وكُفّارُ ؟
( ينبغي على الطاغية أن يُمَيِّزَ
بنظرةٍ ثاقبة، كلَّ الذين يتَّصفون
بالشجاعة والشهامة والتبصُّر والغنى،
وهــو ، شــاء أم أبى ، مضطرٌّ إلى
محاربتهم جميعاً، وإلى أن ينصبَ لهم
الشرك، إلى أن، يُطَهِّرَ منهم الدولة.
ـ طريقة التطهير؟
ـ إنها ليست
طريقة الأطباء، فهؤلاء يُخَلِّصون
الجسم من الخبائث، ويتركون ما هو طيَّب
فيه، أما الطاغية فيفعل العكس. )
أفلاطون
ـ الجمهورية ( فقرة 567)
1
أخي
في باب المندب وباب توما والباب الشرقي
وباب الهوا
أخي العربي، أينما كنت في هذا
التابوت المسجى بين المحيط الذي كان
هادراً والخليج الذي كان ثائراً، إضحك
من كل قلبك وعوّض عن نفسك سنوات التجهم
والدموع.
لا
نطلب منك أن تبتسم فقط، في هذه الظروف
التاريخية التي تمر بها أمة الفياغرا،
التي يؤكد جميع علماء الثدييات أنها
خير أمة أخرجت للناس، بل إننا نطلب منك
أن تضحك وتقهقه حتى تقلب على قفاك،
شماتة بحكامك البؤساء! رغم أن الشماتة
صعبة، ولا تليق بنا نحن
الجماهيرالغفيرة الغفورة.
2
لو أن الكاتب الفرنسي فيكتور
هيجو بقي حياً ، لما احتاج إلى الخيال
لكي يخلق أبطال روايته ( البؤساء) ، كان
يكفيه أن يشاهد صور القيادات العربية
التاريخية الممتلئة حكمة، والفائزة
بحب وغرام شعوبها، على القنوات
الفضائية، وهم يتنقلون كرقاص الساعة
بين البيت الأبيض والبنتاغون، فهؤلاء
اليوم هم بؤساء العالم وصعاليكه
وكلوشاريه.
ولو أن العالم الروسي بافلوف،
صاحب نظرية الفعل المنعكس الشَّرطي،
عاش إلى هذه الأيام العجاف، لما احتاج
إلى إجراء التجارب على الكلب لإثبات
نظريته ، فأي حاكم عربي يثبت صحة
النظرية أكثر من أي كلب!
ولو أن الله أمر الشعوب
العربية في القرن الحادي والعشرين، أن
تذبح بقرة ، لما تساءل واحد من ثلاثمئة
مليون عربي عن لون البقرة أو صفاتها،
بل لنفذوا الأمر فوراً دون مسألة،
ولاتجهوا زرافات ووحدانا إلى قصور
الحاكمين لذبحهم من الوريد إلى الوريد!
اضحك في عُبِّكَ يا أخي
العربي لأنك تعيش بعيداً عن السلطة،
فذلك دليل على أنك تتمتع برضى الله
والوالدين والناس أجمعين؟
3
من قال أن التاريخ لا يعيد
نفسه؟
التاريخ يعيد نفسه مرتين،
الأولى بشكل مأساة، والثانية بشكل
مهزلة!
في المرة الأولى يأتي الحاكم
، مفوَّضاً من البيت الأبيض، ممتطياً
صهوة الدبابة، فتكون لنا مأساة أين
منها يوم الطَّفِّ في كربلاء!
في المرة الثانية يأتي الحاكم
بتعديل الدستور ، وتكون الملهاة ،
لكنها ملهاة تفتقر إلى عناصر
الكوميديا.
في مصر نطَّ الرئيس المؤمن
السادات إلى الحكم بضوء أخضر أميركي،
ولأن 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات
المتحدة، شاهدنا تراجيديا الهبوط غير
الإضطراري في مطار بن غوريون.
وأعاد التاريخ نفسه بعد
اغتيال السادات بمهزلة لاعب الكشاتبين
والثلاث ورقات، في كازينو النظام
العالمي الجديد.
منذ معركة صفين، ونحن نراوح
بين التراجيديا والكوميديا. بين حاكم
يجلدنا باسم الدين، وآخر باسم قضية
فلسطين. حاكم يبيعنا نقداً وآخر يبيعنا
بالدين!
4
بؤس الوضع العربي، لا يعادله
سوى بؤس المثقف الذي يتصدى لتحليله.
لا نطمح إلى تغيير هذا العالم
ونظامه الجديد القديم، لكننا عازمون
على إيقاظ النيام وفتح أعينهم على
الهاوية التي قادتنا إليها أنظمة
الحكم التي لا تغفر أن يٌشـــرَكَ بها،
وتغفر ما دون ذلك لمن تشاء!
وهذه الأنظمة تنتظر مثل أي
مواطن، صكوك الغفران من الذين أتوا بها.
نحن عازمون على أن نبيِّنَ
للجميع، حكاماً ومحكومين، على أي
أنفاق مُرتَجَّــة بنوا بيوتهم
العنكبوتية، على أي خط انهدام أقاموا
أسس حياتهم وأنظمة الحكم التي تفوز
دائماً " سبحان الله" بإجماع شعبي
لم يحظَ به الأنبياء والرسل!
نحن زاهدون في أن نُدبِّجَ
الرسائل إلى الحاكمين، فلا حياة لمن
تنادي، ثم إنهم لا يملكون من أمرهم
شيئاً وتملك واشنطن وتل أبيب من أمرهم
كلَّ شيء!
فقد
علمتنا تجارب التاريخ أن إلقاء محاضرة
في المبغى عن مكارم الأخلاق ، جهد لا
طائل من ورائه.
لن نقول لكم يا أصحاب الجلالة
والفخامة والسمو : عودوا إلى الشعب ،
فأنتم غير قادرين على العودة إلى
قصوركم بدون موافقة موظف من الدرجة
العاشرة في قسم الشرق الأوسط في وزارة
الخارجية الأميركية في واشنطن، وبدون
حراسات مشددة من جميع قوى الأمن وأجهزة
التجسس التي نعجز عن إحصائها.
لكننا كمتفرجين في مسرح
العبث، سئمنا مشاهدة الكومبارس،بلغنا
حدَّ الاشمئناط من التعامل مع الصف
الثاني من مقاولي الباطن، ومن حقنا أن
نتعامل مع صاحب المقاولة مباشرة، فلا
يوجد مبرر واحد لكي ندافع عن الذين
باعونا في سوق النخاسة وقبضوا الثمن
والعمولة معاً، متمثلين بقول الشاعر
العربي :
لا أذودُ الطَّيرَ عـن شـجرٍ
قـد بَلَوتُ المُـرَّ من ثَمَـره !
لم يبق ما يبرر وجود أُجَراء
على كراسي الحكم في هذا الوطن الممتد
كتابوت بين الرباط وحلبجة.
خُدِعنا ألف مرة ومرة، ركبتم
ظهورنا منذ قرون ، غيرتم مواقفكم من
الصمود والتصدي إلى الصلح الذليل قبل
أن يصيح الديك ثلاث مرات، نقول لكم
جميعاً :
ـ حلّوا عن ظهورنا، ضُبّوا
حقائبكم بما فيها من المال الحرام
ودعونا وجهاً لوجه مع أسيادكم، نحن
كفيلون بهم وبأذنابهم في فلسطين
المحتلة.
من رأى العبرة بغيره فليعتبر،
خذوا العبرة من ديكتاتور العراق الذي
نجح في الإستفتاء بنسبة 100%
5
نحلم أن ننتخب لمرة واحدة،
حاكماً لا يفوز بالنسبة المشؤومة التي
فاحت رائحتها وأنتنت، نريد حكاماً
يصلون إلى الحكم بذات النسبة التي يصل
فيها غيرهم من حكام الثدييات في
العالم، فهل هذا كثير ؟
نحن على يقين بأن الحاكم
القادم ، مهما بلغت نسبة مؤيديه، مثل
الحاكم الزائل، كلاهما مُعيَّنٌ من
قبل أولي الأمر والنهي وأصحاب الحل
والعقد في ما وراء المحيط‘ لكننا نحلم
بقليل من البهجة والراحة بين
الخازوقين! سئمنا أن نتصبَّح ونتمسَّى
على ذات الوجوه التي شاخت وهرمت وشاهت
منذ عقود‘ فتبديل الدول رحمة!
الحكومات هي أعدى أعداء
الشعوب، نحلم بيوم تباع فيه كراسي
الحكام بالمزاد العلني، فالمجالس
البلدية وحدها تكفي لتحقيق الأمن الذي
حرمتنا منه أجهزة الأمن.
لكننا ندرك أن حلمنا حلم
شاعري و طوباوي، وإلى أن يتحقق وتوضع
جميع القيادات التاريخية في مصحات
الأمراض العقلية، لنا مطلب وحيد وبسيط
جداً :
أيها السادة المتربعون على
كراسي الحكم في آسيا وأفريقيا وأميركا
اللاتينية، عاملونا كما يعامل سادتكم
في واشنطن وفي تل أبيب خصومهم
السياسيين، هذا يكفينا، فهل هو كثير ؟
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|