وصل
إلى برق الشرق :
ضدّ
الدكتاتورية وفي خندق الشعب
يحتفل
السوريون بالذكرى السابعة والخمسين
لجلاء الاستعمار الفرنسي عن جميع
الأراضي السورية، ونيل الاستقلال،
وتدشين الخطوات الأولى على طريق بناء
دولة وطنية متحرّرة. وإذا كان السوريون
يجدون الكثير من الفخار في أن سورية
كانت أوّل دولة عربية تتحرّر من
الإستعمار الغربي، فإنهم من جانب آخر
يدركون أنّ هذه الحقيقة ترتّب عليهم
قسطاً إضافياً من مسؤوليات العمل
القومي العربي العامّ، فضلاً عن
مسؤلياتهم الداخلية في النضال ضدّ
الدكتاتورية والاستبداد، وفي سبيل
بناء سورية حديثة ديمقراطية تعددية،
قويّة بأبنائها الأحرار المتمتعين
بالكرامة، والمتساوين في الحقّ
والقانون.
ليس
مصادفة، تالياً، أن تمرّ الذكرى
السابعة والخمسون للجلاء في ظلّ نكبة
كبرى تعيشها الأمة العربية، هي
الثانية بعد نكبة خسران فلسطين، تتمثل
في الغزو الأمريكي – البريطاني
للعراق، ووقوع هذا البلد تحت الإحتلال
العسكري المباشر، ممّا خلّف عشرات
الآلاف من أبنائه قتلى أو جرحى أو
يتامى أو ثكلى، وعرّضه للاستباحة
والنهب والتخريب، والاستيلاء على
ثرواته، والشروع في طمس هويته
الحضارية والوطنية، وما إلى هذا من
ممارسات تستعيد أهوال الغزو المغولي
للعراق، بل وتتفوّق عليه في أفانين
الوحشية والبربرية.
وإذا
كان نظام صدام حسين الدكتاتوري
الشمولي الاستبدادي قد تهاوى سريعاً،
فلأنّ معركة ذلك النظام الكبرى كانت
ضدّ الشعب العراقي في المقام الأوّل.
ولم يكن غريباً أن يتكشف بطش النظام
وسطوته الظاهرية عن
بنية هشة متداعية منخورة، تحوّلت
إلى أثر بعد عَيْنٍ حين بدأ الغزو
الأنغلو – أمريكي المنطلق من أراضٍ
عربية. وفي مآل كهذا درس لكلّ نظام شبيه
بالنظام العراقي، طغى وتجبّر واستبدّ
بمقدّرات الشعب وكرامته وحقوقه
الأساسية. والنظام الذي تهاوى في
العراق لم يكن يمثّل صدّام حسين وحده،
بل كان وما يزال يمثل طغاة العرب
المعاصرين أجمعين، وبلا استثناء.
إنّ
التهديدات التي اطلقها مجرمو الحرب
الأمريكيون ضدّ سورية، بذرائع
وتنويعات شتى، تندرج في سياق الحملة
الاستعمارية الجديدة الهادفة إلى
إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بما
يخدم المصالح الاسرائيلية، وذلك بضرب
الكيانات الوطنية وتصفية القضية
الفلسطينية. وما أن لوّح أركان الإدارة
الأمريكية بالهراوة الغليظة، حتى
سارعت السلطة إلى إغلاق الحدود
السورية – العراقية، وحَرِص رأس
النظام بنفسه على طمأنة واشنطن، عن
طريق لندن ومدريد والقاهرة، حول
استعداده للتعاون التامّ؛ ولن يطول
الأمر حتى يخضع تماماً، ويسلّم بأيّ
وكلّ مطلب أمريكي.
إننا
في "مجموعة العمل من أجل
الديمقراطية في سورية"، إذْ ننحاز
بلا تحفظ إلى صفّ بلدنا ضدّ أي تهديد
خارجي يتعرّض له، وننخرط دون تردّد في
خندق شعبنا لمقاومة أي غازٍ أجنبي،
نعلن أنّ النظام الحاكم لم يكن في
الماضي، وهو ليس اليوم راغباً في
مجابهة الولايات المتحدة من جانب
أوّل، وليس مستعداً لتمكين الشعب من
أدوات المقاومة من جانب ثانٍ. وكيف
يفعل ومؤسساته، كلّ مؤسساته التي تصنع
وتحرس طبيعته الدكتاتورية، منشغلةٌ
بقهر إرادة الشعب ونهب ثروات الوطن.
الحرية
لمناضلي سورية القابعين في غياهب سجون
النظام،
التضامن
كلّ التضامن مع أشقائنا في العراق.
باريس
في 17 نيسان 2003
"مجموعة
العمل من أجل الديمقراطية في سورية"
عبد
الحميد أتاسي، منذر إسبر، صبحي حديدي،
بشار رحماني، فاروق مردم بك،
فايز ملص، ماجد نعمة
|