الاستحقاقات
الأمريكية على سورية والدول العربية
(عرض
سريع للمذكرة التي حملها باول إلى
المنطقة العربية)
حمل
كولن باول وزير الخارجية الأمريكي
خلال زيارته إلى كل من سورية ولبنان
مذكرة تحمل عنوان (الواقع الجديد في
الشرق الأوسط) حيث سيقوم باول بإبلاغها
إلى عدد من الدول العربية الأخرى التي
يزورها في جولته الحالية ولوحظ أن
لهجة باول خلال زيارته إلى كل من سورية
ولبنان كانت حادة وصريحة، الأمر الذي
تم تفسيره بأنه يحمل تغيراً كبيراً في
اللهجة الأمريكية إزاء التعامل مع
حكام المنطقة في مرحلة ما بعد سقوط
النظام العراقي.
صحيفتا
(البيان) الإماراتية والأسبوع (المصرية)
نشرتا ملخصاً للمذكرة الأمريكية التي
بدأت واشنطن تعممها على أكثر من عاصمة
عربية. تقول المذكرة: (إن هناك مصلحة
حقيقية في ضرورة حدوث تعاون بين الدول
العربية والولايات المتحدة في بناء
شرق أوسط جديد يعتمد بالأساس على الأمن
والتعاون والسلام والديمقراطية).
وتقول
المذكرة: (إن الولايات المتحدة لن
تسمح بأن تكون هناك أي تنظيمات إرهابية
في أي دولة من دول المنطقة، وأن
الحكومات إذا لم تقدم التعاون الكافي
وتسيطر على مقدرات بلادها في التخلص من
هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية،
فإن الولايات المتحدة ستضطر آسفة إلى
التدخل القوي وبكافة الأساليب الممكنة
للقضاء على هذه الجماعات والتنظيمات
الإرهابية).
وأضافت
المذكرة: (إن الولايات المتحدة ستفعل
ذلك لاعتبارات أساسية منها توفير
الأمن والاستقرار لشعوب الشرق الأوسط
وكذلك شعوب العالم، بالإضافة إلى
الشعب الأمريكي، لأن (الإرهاب) الشرق
أوسطي هو الذي أدى إلى مقتل آلاف
الأمريكيين في العمليات الإرهابية
الآثمة على المدن الأمريكية في 11 أيلول
2001) !
وأكدت
المذكرة الأمريكية: (إن حكومات
المنطقة لديها مصلحة أساسية في التخلص
من هذه التنظيمات ومحاربتها وإن
التعاون في الشرق الأوسط أصبح إحدى
المسائل الجوهرية التي يجب أن تفكر دول
المنطقة في تحقيقها، وأن ذلك يتطلب
إزالة كل المسائل والعوامل التي تعوق
هذا التعاون).
وقالت
المذكرة: (إن أحد أسباب عدم التعاون هو
الموروث الثقافي للعداء الدائم في
المنطقة بسبب الحروب، وأن الولايات
المتحدة تفكر في تطوير صيغ التعاون
المعمول بها حالياً لأنها في بعض
الأحيان تكرس العداء مع دول أخرى في
المنطقة).
وتشير
المذكرة إلى أن إحدى الصيغ المهمة
للتعاون في هذه المنطقة تقضي بعدم
استبعاد الأطراف الأخرى من التعاون،
كما أنه ليس من المقبول في المرحلة
المقبلة لدينا أن يكون هذا التعاون
محدوداً في المجال السياسي وقاصراً
على تبادل الزيارات السياسية، ولكن من
المهم أن يمتد هذا التعاون إلى
المجالات الاقتصادية والعسكرية
والاجتماعية والتداخل الثقافي الذي
يتيح تغيير نظرة كل شعب تجاه الآخر،
وأن التعاون هو الذي سيكرس المفاهيم
الأمنية المهمة التي يجب أن تسود
العلاقات يبن الدول في هذه المنطقة).
وأكدت
المذكرة الأمريكية أن (هذه الأسس
العامة للتعاون سيتم بحثها تفصيلياً
مع حكومات دول المنطقة وأن هناك
تخطيطاً لعقد مؤتمر عاجل في إحدى دول
المنطقة أو في الولايات المتحدة بين
كبار المسئولين في دول المنطقة حول
التعاون، بمفهومه الشامل).
وقالت
المذكرة: (إننا نعلق آمالاً مهمة على
النتائج التي سيتم التوصل إليها،
وأننا سنجري مشاورات واسعة مع حكومات
دول المنطقة من أجل الاتفاق على تاريخ
لعقد هذا المؤتمر الذي نفضل أن يشارك
فيه قادة الدول أو رؤساء الحكومات).
وأضافت
المذكرة: (إننا سنبحث عدة تواريخ
ملائمة لذلك ولكن من المهم أن نحرز
تقدماً سياسياً في البداية لضمان نجاح
هذا المؤتمر، ولكن يجب ألا نخلط
الأوراق ببعضها وألا نعلق تقدم بعض
المسائل على إحراز تقدم في مسائل أخرى،
لأن ذلك أدى بالفعل إلى تأخير بدء
التعاون في المنطقة، وازدياد حدة
الاضطرابات والمشاكل السياسية
المتعلقة بسبب عدم وجود تعاون يدفع
بالحكومات إلى أن تتجاوز خلافاتها
لتبقي على أطر التعاون القائمة).
وأشارت
المذكرة إلى أن (المفهوم الجديد
لتطوير رؤية الحكم في دول هذه المنطقة
سيعتمد على إحداث تغلغل ديمقراطي في
صلب هذه المؤسسات والمجتمعات
الداخلية، لأن إحدى النقاط المهمة في
هذا المجال هي أن شعوب هذه المنطقة،
يحتاجون إلى ديمقراطية تبدأ من أسفل
إلى أعلى وليس العكس، لأن عكس ذلك يؤدي
إلى أن تكون الديمقراطية عبئاً على
الشعوب أكثر منها أداة حقيقية لتحقيق
أهدافهم وتطلعاتهم في هذه الحياة).
وتقول
المذكرة: (إن الديمقراطية وفقاً لهذا
المفهوم الجديد ستكون لصالح الحكومات
والاستقرار الدولي أيضاً).
وتقول
المذكرة الأمريكية: (إننا لا نطلق
دعوات مثالية خيالية من الواقعية كما
يتهمنا البعض في هذه المنطقة، خاصة
هؤلاء الذي قالوا لنا: وأنتم ماذا
ستستفيدون من أنظمة ديمقراطية تستجيب
لتطلعات شعوبها ؟ والإجابة: نعم
سنستفيد بالطبع من ذلك لأن هناك تيارات
سياسية تقوى وتنمو داخل الشعوب
وتحجبها الحكومات عن أن تؤدي أي دور
سياسي أو مجتمعي).
وتضيف
المذكرة: (إن تجربتنا أثبتت أن هذه
التيارات تكون قوية إلى الحد الذي يمكن
أن تهدد به الحكومات نفسها، كما أنها
تهدد المصلحة العالمية في الاستقرار
والأمن لأن البيئة غير الديمقراطية
تفرض ضغوطاً معيشية قوية على مواطني
هذه الدول فيلجأون إلى التعبير عن
أنفسهم من خلال الانضمام إلى جماعات
التطرف والإرهاب).
وتقول
المذكرة الأمريكية (إن أحد المضامين
الأساسية التي ينبغي تداركها في
الواقع الجديد للشرق الأوسط هو ما
يتعلق بالقضاء على الاختلافات فيما
بين هذه الدول وبعضها في ضبط التسلح،
خاصة أن التعاون الشامل سيقلص كثيراً
من مخاطر التحديات الأمنية القائمة
حالياً).
وتوصي
المذكرة: (بإعطاء إسرائيل الفرصة
الكافية للتأكد من إزالة هذه المخاطر،
في حين أن الدول العربية ليست في حاجة
إلى إثباتات كافية من إسرائيل، لأن
لديها مساحات جغرافية واسعة ومميزات
أمنية تفوق بكثير ما لدى إسرائيل).
وتقول
المذكرة: (نحن نعلم أن هناك تحديات
جديدة ستظهر في المنطقة، ونحن سنرحب
بالتعاون مع حكومات دول المنطقة في
القضاء على هذه التحديات، إلا أننا
مازلنا على رأينا من أنه أيا كانت هذه
التحديات الجديدة فإنها ستكون أقل
خطراً بعد أن استرد الشعب العراقي (حريته
المفقودة) في هذه المنطقة، خاصة أن
النجاح الذي تحقق في العراق سيعطي
الشعوب الجرأة الكافية الآن للوقوف في
وجه القرارات غير العادلة أو التضييق
غير المبرر لحرياتهم ومعتقداتهم وكل
ذلك سيحتاج إلى الكثير من المجهودات،
ولكن ينبغي أن يتركز الجهد الحالي في
تفكيك البنية التحتية للمنظمات
الإرهابية وشل نشاطات هذه المنظمات
والقضاء على فروعها لأن استقرار
العالم سيبدأ من هذه المنطقة).
وتقول
المذكرة: (إننا لن ندع أي حكومة أو نظام
يقدم دعماً مباشراً لهذه المنظمات
الإرهابية، لأن هذه الأخطاء المتراكمة
التي حدثت في الماضي هي التي أدت إلى
الامتداد السرطاني للإرهاب الذي طال
الأراضي الأمريكية).
وتضيف
المذكرة: (إن كل شيء يتطور في العالم
حولنا وكل ظاهرة لابد أن تنمو وتكبر،
وإذا أردنا أن نحد من تطور أي ظاهرة
شريرة مثل الأعمال الإرهابية فلا بد أن
نبذل مجهوداً في تحجيم هذه الظاهرة
وإلا فإننا سنواجه في السنوات المقبلة
تطوراً خطيراً لهذه الظاهرة مما يعني
أن الإرهاب المتطور في السنوات
المقبلة سيكون أشرس وأعنف من الإرهاب
القائم حالياً).
وتشير
المذكرة إلى أن (الولايات المتحدة على
استعداد لان تفتح حواراً مع بعض
الحكومات القائمة في هذه المنطقة
وستعتبر أن الحوار فرصة لبناء الثقة مع
هذه الحكومات، ولكن بشرط أساسي وجوهري
هو أن نقطة البداية لنجاح واستمرار هذا
الحوار هي التأكيد على الحقائق
القائمة على أرض الواقع والبعد عن لغة
المغالطات والشعارات الجوفاء التي
يثبت بعد ذلك أنها لا تحمل أفعالاً
جدية).
وتقول
المذكرة: (إن إحدى المشاكل الهامة التي
تواجه هذه المنطقة هي غياب الخطوات
العملية السريعة والمدروسة لتحقيق
إنجازات السلام والتعاون والأمن وأن
الولايات المتحدة ستهتم كثيراً بهذا
الجانب).
واقترحت
المذكرة الأمريكية: (أن تكون حكومات
المنطقة جادة في الإقدام على تغيير لغة
الخطاب السياسي والمفردات الإعلامية
التي لا تساعد على تحقيق الأهداف
الجديدة في الشرق الأوسط).
وأشارت
المذكرة إلى أن لغة الخطاب السياسي
تحمل قدراً كبيراً من العداء المتوارث
عبر السنين الطويلة بين الدول العربية
وإسرائيل وأنها في الأغلب تأتي
تحريضية على القيام بأعمال إرهابية أو
أعمال عنف غير مبررة.
وقالت
المذكرة: (إن هذه اللغة تجعل الخطاب
الإعلامي أكثر تحريضاً وعنفاً في حين
أن الأوضاع الجديدة تحتاج إلى إبراز
التفاهم في الخطاب السياسي والتجاوز
عن الخلافات بشكل علني والعمل من خلال
كافة القنوات الممكنة على حل هذه
الخلافات).
وتقول
المذكرة: (إن الولايات المتحدة تعتقد
أنه لن تكون هناك مشاكل أخرى بعد سقوط
نظام صدام حسين في أن تقوم دولة أخرى
بالاعتداء على حدود وسيادة الدول
الأخرى عسكرياً لأننا في الوقت
المناسب وبمساعدة أصدقائنا الدوليين سنكون
هناك لمنع تكرار ما ارتكبه النظام
العراقي في حق الكويت. وأن كافة
الأنظمة القائمة في المنطقة قد تكون
لديها قناعة حقيقية بعدم تكرار
الأعمال العسكرية التي تخترق أمن
وحدود الجيران، ولكن مازالت هناك
أشكال من التدخل قد يؤدي إلى مشاكل
متعددة أبرزها إنشاء جماعات قوية داخل
الدول الأخرى لتأييد هذا النظام أو
ذاك، وهذا في ظل الوضع الجديد سيبعث
على خلق تيارات عنف جديدة باعتبار أن
تسليح هذه الجماعات القوية من قبل
الآخرين هو السلاح الرئيسي للنفاذ
للسيطرة على الشئون الداخلية).
وتقول
المذكرة: (إن الأسس الهامة لمواجهة هذه
الظواهر السلبية لابد وأن تكون محل
اتفاق تام في وجهات النظر وأن الأنظمة
التي تريد أن تفتح حواراً في هذه
المشاكل فإننا سنرحب بذلك الحوار ولكن
لن نمتد في إدارة حوار لا يجدي إذا كانت
أسس المواقف متباعدة والتفاهم غير
مأمول).
وتضيف
المذكرة: (إننا سنساعد الآخرين في هذه
المنطقة على أن نصل لنتائج سواء للحوار
أو للمسائل الأخرى التي لا يريدون
بشأنها حواراً، ولكن الآخرين عليهم
دور رئيسي أيضاً في أن يساعدونا وأن
يستجيبوا بشكل أو بآخر لنصائحنا التي
تعبر عن عمق علاقات التفاعل والتعاون).
وتقول
المذكرة: (إننا من أكثر الأطراف
الدولية إيماناً بأن مصائر الشعوب
تتحدد من خلال الشعوب ذاتها، لكن عوامل
القوة العسكرية والبوليسية هي التي
تمنع الشعوب في الكثير من الأحيان من
التعبير عن رأيها، ولذلك نحن قررنا
أن نساعد شعوب هذه المنطقة على أن يكون
لها صوت مسموع في إدارة شئونها، وأن
الاستجابة لنصائحنا من الآخرين لهي
دليل عملي على أن الرغبة مشتركة في
تدعيم التعاون وتجاوز العثرات في بناء
عالم جديد في الشرق الأوسط).
وأثارت
المذكرة الأمريكية مفهوم السلام حيث
أكدت أن (السلام في هذه المنطقة له
مفهوم شامل وممتد، وأن كل الأطراف في
المنطقة عليها دور أساسي، إما في
الحفاظ على هذا السلام الذي تحقق وإما
تأييد الخطوات المصاحبة للسلام الذي
لم يتحقق، وأن كل خطوة إيجابية حتى لو
كانت على أحد المسارات فإنها لا بد وأن
تخدم المسارات الأخرى).
وتقول
المذكرة (أننا قررنا أن نعطي أولوية
وأهمية كبرى للعلاقات الفلسطينية
الإسرائيلية، وسنحاول مساعدة
الفلسطينيين أنفسهم على نبذ الإرهاب
والعنف لأن ذلك هو أحد المداخل
الأساسية لقيام الدولة الفلسطينية
الحرة والمستقلة عن دولة إسرائيل).
وتضيف
المذكرة (إن الفلسطينيين يجب أن
يتخذوا قراراتهم بأنفسهم وأن يكونوا
أحراراً في داخل دولتهم، إلا أن ذلك
يقترن بشكل أساسي بعدم الاعتداء على
إسرائيل أو أن تكون هناك أضرار مادية
أو معنوية للأمن القومي الإسرائيلي،
لأن أحد خصائص الشرق الأوسط الجديد هي
القيام على أساس فكرة التعاون وتآلف
المصالح لا تضاربها).
وتقول
المذكرة (أننا إذا نجحنا في وضع بعض
النقاط الأولية على مسار حل الخلافات
والمشاكل الإسرائيلية ـ الفلسطينية
فإن الفلسطينيين والإسرائيليين سيكون
مطلوب منهم إثبات جديتهم في أنهم
يريدون هذا السلام ويحافظون عليه، وأن
مصالحهم المشتركة التي سيدعمون وجودها
ستحتاج سياجاً قوياً لتحقيق الأمن
لكلتا الدولتين الفلسطينية
والإسرائيلية، وأننا عندما نعمل بهذا
المنطق وتلك الكيفية نعتقد أن ذلك
سيخدم تحقيق السلام بين السوريين
والإسرائيليين وبين اللبنانيين
والإسرائيليين) !
وتقول
المذكرة (قد تكون عناصر الخلافات
الفلسطينية ـ الإسرائيلية أكثر بعداً
وتعقيداً، وأن حلها سيحتاج إلى وقت
وإرادة قوية ورغبة من جميع الأطراف،
ولذلك قررنا أن نرسي خطوات جادة في هذه
المنطقة من أجل تبادل الثقة واكتساب
العزم على السير في خطوات بناء عوامل
إضافية لهذه الثقة بدلاً من العوامل
التي تعمل على هدم هذه العناصر
وتحجيمها).
وتشير
المذكرة إلى أن العمليات (الإرهابية)
الفلسطينية تركت أثراً عميقاً لدى
الإسرائيليين مما دفعهم لاستعمال
العنف ضد من قاموا بهذه العمليات مما
اعتبرته الأطراف العربية تجاوزاً غير
مقبول، فتمسك كل طرف بوجهة نظر مختلفة
عن الأخرى في سبيل تحقيق السلام، ولكن
خطة الطريق التي نعرضها حالياً ستمثل
أحد المكاسب الهامة للاتفاق وعدم
الاختلاف، وسيكون لدينا إصرار على
نجاح مهمتنا في هذه المرحلة حتى لا
تتحول هذه المشكلات المزمنة إلى بؤر
جديدة للتوتر وعدم الاتفاق، لان هذا
سيعطي انطباعاً لدى الشعوب بعدم الثقة
في مستقبل هذه المنطقة.
وتقول
المذكرة (إن خطة الطريق لن تنجح
بالإرادتين الإسرائيلية والفلسطينية
فقط ولكن كل الأطراف الأخرى يجب أن
تقدم المساعدة والعون لنجاح هذه
الخطة، ونحن
من جانبنا لا نرى أي مبرر لأن يعترض أي
طرف عربي على هذه الخطة لأنها موضوعة
أساساً من أجل السلام وحقن الدماء بين
الفلسطينيين والإسرائيليين، ولذلك
نتصور أن من يعارض هذه الخطة أو يمنع
تطبيقها أو يصر على أن يضع عراقيله
أمامها فهو يشجع استمرار بؤر التوتر
والإرهاب في هذه المنطقة).
وتقول
المذكرة أن علينا جميعاً أن نقوم
بمسئولياتنا في هذه المرحلة والمراحل
المقبلة، فلم يعد كافياً إبداء النيات
الطيبة أو إظهار اللغة الحماسية
الخرقاء التي لا تقدم جديداً في سبيل
حل مشكلات المنطقة، وإنما أصبح
المطلوب الرئيسي هو القيام بأفعال
جدية تعين هذا السلام على أن يكتمل، ولذلك
فإن إحدى الأولويات الأساسية المطلوبة
من كل دول المنطقة هي أن تلتف حول خارطة
الطريق، ونحن من جانبنا نشجع أيضاً
خطوات الإصلاح السياسي الأخيرة
للفلسطينيين بهدف إنهاء الإرهاب وحصر
الأشخاص والمنظمات المؤيدة للعمليات
الإرهابية.
وتضيف
المذكرة إن المرحلة الجديدة في الشرق
الأوسط تتطلب أن توافق أطراف الشرق
الأوسط على أن تساعدها الأطراف
الدولية خاصة الولايات المتحدة في
الوصول إلى مرحلة سياسية واقتصادية
جديدة تتواكب مع طبيعة ومعطيات
المرحلة العالمية، وإنه حتى يتحقق ذلك
فإن هناك متطلبات أساسية لابد من
الوفاء بها وهي:
أولاً:
مدى قدرة الأنظمة الحاكمة على أن تدخل
إلى هذه المرحلة الجديدة بأفكار جديدة
تختلف على تلك الأفكار التي سيطرت على
المنطقة طوال العقود الماضية، بما
يؤكد على تطبيقات الديمقراطية
ومعانيها الممتدة وكذلك كيفية التعاون
مع كل الأطراف المحيطة، بما في ذلك (إسرائيل)
!
ثانياً:
أن تكون هناك رغبة حقيقية لدى الأنظمة
الحاكمة في أن تطبق هذه الأفكار
بأساليب وآليات تتفق مع الإسراع في
تنفيذها دون إبطاء، وهذه الرغبة لن
تتوفر إلا إذا كانت هناك نيات صادقة
للتعاون.
ثالثاً:
وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل التي
تعد المهدد الرئيسي للأمن والاستقرار
والتعاون، وعندما يحين الوقت المناسب
بعد أن يكون السلام قد قطع أشواطاً
كبيرة فإن أمريكا ستطرح رؤية جديدة في
هذا الصدد.
رابعاً:
التزام جميع الأطراف بالتأييد والعون
للمجهودات الأمريكية الساعية إلى
تحقيق السلام سواء كان ذلك يخص مساراً
واحداً أو مسارات متعددة.
خامساً:
إطلاق مبادرات سياسية جريئة في مكافحة
الإرهاب وحصر بؤر توتره.
هذا
عن المذكرة العامة التي بدأت الخارجية
الأمريكية في إبلاغها لعدد من العواصم
العربية.
وعلاوة على ذلك فإن كولن
باول حمل مذكرات خاصة إلى كل من دمشق
وبيروت وسيحمل أيضاً مذكرات وأفكار
تخص البلدان العربية التي سيزورها
قريباً.
وفيما يتعلق بالملف السوري
فقد أكدت المذكرة التي سلمها باول
للحكومة السورية، أن بلاده تولي
اهتماماً كبيراً بسورية وأنها تنظر
إليها باعتبارها دولة محورية وأن
دورها سيتزايد أهمية مع المرحلة
المقبلة، ولكن سورية عليها التزامات
كبيرة وأن هذه الالتزامات ضرورية
وعاجلة ولا يجب البطء في تنفيذها.
وقالت المذكرة (لقد أخبرنا
سورية مراراً بمعطيات السياسة السورية
التي تشكل عائقاً أمام الاستقرار
والسلام في الشرق الأوسط، إلا أن
السوريين لم يقدموا أية أدلة فعلية على
تغيير سياساتهم، ولكن في إطار المرحلة
الجديدة فإن سورية عليها أن تثبت
وفاءها للسياسات المستقرة).
وقالت المذكرة (إننا نتفهم
مطالب السوريين في هضبة الجولان ولكن
السوريين لم يقدموا لنا البدائل
اللازمة لمساعدتهم على الحديث مع
الإسرائيليين في هذه القضية، وإن كنا
لن نتجاهل الملف السوري ـ الإسرائيلي
أو نسقطه من حساباتنا ولكن سنكون جادين
في فتحه وطرقه بقوة ولن نسمح لأي طرف أن
يتخاذل هذه المرة عن التزاماته).
وترى المذكرة (أن أحد
الالتزامات الأساسية هو أن تبدأ سورية
في وقف نشاط كل المنظمات الراديكالية
الفلسطينية الرافضة لاستمرار عملية
السلام، فهذه المنظمات لا وجود لها في
الشرق الأوسط الجديد).
وتقول المذكرة (إذا أصر
السوريون على عدم اتخاذ الخطوات
اللازمة تجاه هذه المنظمات فإن لدينا
وسائلنا أيضاً لوقف نشاط هذه المنظمات).
وتضيف المذكرة (أن تلك
الصيغة لا تعتبر تهديداً للسوريين وإن
لدينا رغبة أكيدة في وقف النشاط
الإرهابي في المنطقة وفي أي دولة كانت
لأن ذلك سيحمي الشعب السوري من أن تكون
أراضيه موطناً للإرهاب).
وقالت المذكرة (إذا كانت
سورية لا تريد أن تتعاون مع الحكومة
الفلسطينية الجديدة فهذا شأنها، ولكن
ما لا نقبله هو أن تقوم بنشاط داعم ضد
مجهوداتنا في مسيرة السلام الفلسطينية
الإسرائيلية).
وأضافت المذكرة إن
اقتراحاتنا للسوريين محددة في أنه لن
يكتفي بإصدار قرارات رئاسية بإغلاق
مكاتب هذه المنظمات في دمشق وإنما يمتد
ذلك إلى طرد هذه العناصر إلى خارج
الأرض السورية وأن تتعاون سورية
معلوماتياً في الخطط والوثائق
الموجودة لدى هذه المنظمات وأن تساند
الولايات المتحدة في محاكمة بعض
الأشخاص الذي قاموا بعمليات إرهابية
أو أولئك الذين لهم صلة مباشرة ببعض
الأحداث الإرهابية الدولية، وعلى
السوريين أيضاً أن يقدموا المعلومات
اللازمة عن الارتباطات التي كانت
قائمة والتي مازال بعضها مستمراً بين
هذه المنظمات وغيرها من المنظمات
الإرهابية الدولية خاصة تنظيم القاعدة
وكذلك الكشف عن مصادر تمويل هذه
المنظمات والعلاقات العضوية بينها
وبين التنظيمات الأخرى في داخل
الأراضي الفلسطينية، لأن القضاء على
أسس هذه العلاقة العضوية سيعيد تصحيح
مسار السلام وسيكون مفيداً
للإسرائيليين أن تكون لديهم الثقة في
عدم تكرار العمليات (الإرهابية) على (أراضيهم).
وكان باول قد أبلغ
المسئولين السوريين (بأن سورية نظام
دولة ولا يصح لنظام دولة أن يرتبط بمثل
هذه التنظيمات (الإرهابية)، لأن سورية
الآن هي بجانب نظام عراقي جديد ونحن
نعلم أن هذا النظام لن تستقر أركانه
إلا إذا جففنا منابع الإرهاب من حوله،
وإلا فإننا سننتظر أن تقدم تلك
التنظيمات (الإرهابية) الموجودة على
الأراضي السورية مساعدات (إرهابية)
سخية لأولئك الذين لا يريدون
الاستقرار في العراق، وأن هذا بلا شك
سيؤدي إلى سوء فهم أمريكي ـ سوري قد
تكون له تداعيات ونتائج يمكن من الآن
احتواؤها).
وأشارت مذكرة أمريكية قدمت
إلى سورية وإلى لبنان أيضاً إلى ضرورة
إنهاء كافة نشاطات حزب الله داخل لبنان
وحل كافة ميليشياته العسكرية وضرورة
أن تتوقف سورية عن تقديم أي نوع من
الدعم لهذا الحزب في أي صورة كانت، مع
استعداد واشنطن لتقديم كافة أنواع
المساعدات العسكرية والسياسية
اللازمة لإنهاء نشاطات تعرقل جهود
السلام.
وطلبت المذكرة الأمريكية من
كل من سورية ولبنان عدم استقبال أي
مسئول عراقي سابق وأن يتم تسليم أي
مسئول حتى ولو لم يكن وارداً على
القائمة الأمريكية المطلوبة للتحقيق
معه.
من جانب آخر حذرت المذكرة
سورية من استمرارها في علميات التسليح
التي تهدد أمن إسرائيل ، خاصة الصواريخ
متوسطة المدى، حيث أشارت المذكرة إلى
أن منظومة الصواريخ السورية المتطورة
ستؤدي إلى مشاكل عملية ليس لإسرائيل
فحسب ولكن للقوات الأمريكية المتواجدة
في العراق.
وقدم كولن باول قائمة جديدة
بأنواع الأسلحة التي يجب على سورية أن
تتخلص منها خلال الشهور القليلة
المقبلة.
|