صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 22 - 05 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

وصل إلى مركز الشرق العربي :

وتبقى مقاومة الاحتلال

رجاء الناصر

تمرّ الأمة العربية اليوم في مرحلة عصيبة ومفصلية في تاريخها المعاصر ، إذ أن الهجمة التي تتعرض لها من قبل التحالف الأمريكي الصهيوني تستهدف هويتها القومية ، وإعادة رسم خريطتها السياسية والجغرافية ، في ظل نظام عالمي جديد تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية ، وتعمل على تأسيس مفاهيم مناقضة للسيادة الوطنية لكثير من شعوب العالم ودوله ، وما احتلال العراق سوى خطوة على طريق هذا الهدف ، بعد أن ظهر للعيان كذب كل الأسباب المعلنة ، من وجود أسلحة دمار شامل ، أو تهديد جدي لجيرانه . ويظهر هذا الاحتلال أيضاً كمحطة من محطات الصراع العربي / الصهيوني ، وهي محطة لا تقل في نتائجها الكارثية عن النكسات والنكبات الكبرى التي شهدتها الأمة العربية منذ قبيل منتصف القرن الماضي . بدءاً بنكبة عام 1948 م مروراً بنكسة حزيران 1967 وصولاً إلى عاصفة الصحراء وتداعياتها من مؤتمر مدريد للاستسلام وملحقاته .

لقد بات واضحاً أن احتلال العراق لا تتوقف حدوده عند احتلال ثاني أكبر مخزون عالمي للنفط ، ولا عند إخراج العراق من دائرة الصراع العربي / الصهيوني عبر قطع إمدادات المقاومة الفلسطينية ، وإلغاء العمق الاستراتيجي لسورية ولبنان ، وتحويل العراق إلى قاعدة أمريكية – صهيونية ، تساند المشروع الصهيوني وتسنده مادياً وسياسياً ، وإنما تستهدف أيضاً أن تكون النموذج  لإعادة تشكيل المنطقة وسياسات حكوماتها وشعوبها على طريق بناء المشروع (( الشرق أوسطي )) بنسخته الجديدة .

تلك هي بعض جوانب ما بات معروفاً من أهداف احتلال العراق ، والتي سيجري تمريرها في ظل الصدمة التي أعقبت الاحتلال ، وهي صدمة هيء لها بعناية وتخطيط محكمين وبالصوت والصورة .

وما كانت تلك الصور التلفزيونية عن حالة الفوضى والنهب وتدمير مرتكزات الدولة ومؤساساتها ، والسعي لإزالة معالم الحضارة إلا جزءاً من مخطط صنع الصدمة ذاته .

هذا المخطط الأمريكي الصهيوني بالهوى والاستهدافات تريد الإدارة الأمريكية والصهيونية أن تحصد أكبر نتائج وأكثرها قبل أن تزول آثار الصدمة ، ولعل هذا يفسر هذا الانتقال السريع إلى الجبهات السورية واللبنانية والفلسطينية ، عبر التهديدات التي أطلقتها ضد دمشق وعبر الضغط على القيادات الفلسطينية من اجل تمرير حكومة أبو مازن التي أرادت منها شق صف القيادة وإلغاء رمزيتها والعمل على التسريع في تقديم تنازلات جديدة تمسّ بالعمق ما كان يعتبر ثوابت وطنية غير قابلة للتصرف ، على غرار حق المقاومة  ، والقبول بخارطة الطريق التي لا تبقي للفلسطينيين من فلسطين إلا طريقاً نحو الخروج إلى الشتات من جديد أو القبوع في كانتونات تحت (( الحجر الصحي )) وعبر الضغوط على لبنان من أجل القضاء على حزب الله بما يمتلكه من نموذج للمقاومة ، والثأر من الهزيمة التي ألحقها بقوات الاحتلال الصهيوني .

وإذا كانت تلك هي أهداف أمريكا والصهيونية وذلك هو مخططهما ، إلا أن هذا المخطط رغم ما حققه من نجاحات لا يمكن اعتباره قدراً لا يمكن الفكاك منه ، حيث يبقى معرضاً للاختراق والانتكاس على جميع الجبهات والمستويات . إذا أمكن استيعاب حالة ( الصدمة وفقدان التوازن ) بشكل سريع ، وخصوصاً أن عوامل مقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق متوفرة وجدية . فقد بدأت فعلاً إرهاصات مقاومة مسلحة وطنية في اكثر من مدينة ومنطقة ، ومن أكثر من طرف أو فريق وهي لا تحتاج إلا إلى فترة محدودة حتى تتمكن من تنظيم صفوفها ولتنطلق في عملياتها بصورة أكثر اتساعاً ، متسلحة بموقف شعبي رافض للاحتلال يكاد يكون إجماعاً في معظم مناطق العراق .

إن السقوط السريع لبغداد لم ينجم عن تقبل مشروع الاحتلال الأمريكي ومفاهيمه كما تروّج الإدارة الأمريكية ، وإنما يعود إلى قضايا تتعلق بموازين القوى وتركيبة السلطة الاستبدادية ، وبالحصار الطويل ، ومن هذا المنطلق لا يجوز التأسيس على هذا السقوط كمبرر للاستسلام والهزيمة والتراجع واليأس ، ولعل في دروس الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 تأكيداً على استيعاب الهزيمة وتحويلها إلى نصر على المدى الطويل ، فبعد الاحتلال الصهيوني لبيروت وما ارتكب من مذابح ، روّج البعض أن عصراً صهيونياً قد أتى ليستقر ويثبت ، وأنه لم يعد من خيار إلا التسليم بهذا الواقع والتعامل معه . والجميع يذكر أن من بين من انهزم واستسلم رموز كان ينظر إليها باعتبارها رموزاً وطنية ، وكان اتفاق 17 أيار الذي عقدته الحكومة اللبنانية مع الصهاينة تعبيراً صارخاً عن ذلك الاستسلام . إلا أن ذلك الاتفاق لم يصمد سوى أشهراً قليلة بفضل إرادة المقاومة ، تلك المقاومة التي كان نواتها مجموعات من المقاومين والمجاهدين قليلة العدد والعدّة ، سقط اتفاق أيار بفعل المقاومة قبل أن يسقطه المجلس اللبناني ذاته الذي كان قد صدق عليه قبل أشهر معدودة ، وتم تحرير لبنان ، بعد سنوات طويلة من الجهد والنضال والتضحية والاستشهاد ، وندرك أيضاً أنه بعد أن تم القضاء على قوات المقاومة الفلسطينية في لبنان ، وقبلها في الأردن ، وتصفيتها وتشتيت قواها ، راهن البعض على استسلام شعب فلسطين ، لكن ذلك الشعب البطل استطاع أن يعيد صياغة مقاومته في الداخل ، عبر الانتفاضة البطولية ، انتفاضة أطفال الحجارة ، والتي تتجسد اليوم في ذلك الفعل الاستشهادي اليومي لغالبية أبناء فلسطين الخاضعين لسلطة الاحتلال .السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ