آخر تحديث يوم الإثنين 02 - 06 - 2003م

.....

وصل إلى مركز الشرق العربي :

بين فيتنام والعراق .. الذريعة واحدة

بشير الطاهر /  ليماسول ـ قبرص

قبل نحو أربعين عاما من اليوم تعرضت سفينة حربية أمريكية كانت راسية في خليج ـ تونكين ـ بشرق آسيا لقذائف صاروخية لم يتم تحديد من أطلقها في تلك الفترة , وهو الحادث الذي قلبت له الولايات المتحدة الدنيا رأسا على  عقب في عهد إدارة الرئيس ـ ليندون جونسون ـ واتخذته ذريعة لشن الحرب على فيتنام الشمالية بعد اتهامها بارتكابه , وهكذا انطلقت قاذفات القنابل الأمريكية من طراز ـ بي 52 ـ العملاقة لتدك ميناء ـ هايفونغ ـ والعاصمة الفيتنامية الشمالية ـ هانوي ـ وبدءا من تلك اللحظة شمل القصف في الأيام التالية كافة المدن والموانئ والقرى الفيتنامية الشمالية , قبل أن يتحول الأمر إلى حرب أمريكية شاملة ضد تلك الدولة امتدت إلى سنوات طويلة لاحقة صبّت فيها الولايات المتحدة مئات الآلاف من الأطنان من القنابل والصواريخ بشتى أصنافها وأشكالها على رأس الشعب الفيتنامي في حرب وعمليات قتل وتدمير لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل ولا من بعد .

  كانت ذريعة الدخول في الحرب يومها إضافة إلى حادثة السفينة الحربية/  حماية دولة صديقة / وهي فيتنام الجنوبية التي كانت تتمركز فيها قوات أمريكية لحمايتها من جهة ولقطع الطريق على احتمالات اكتساح فيتنام الشمالية لها , كما كان يتم الادعاء في تلك الفترة .

        وبعد تلك الأحداث بسنوات طويلة وبسبب الاحتجاجات الهائلة التي أثارتها الحرب غير المبررة,  لدى الرأي العام العالمي وخاصة في الولايات المتحدة نفسها ونتيجة لعشرات الآلاف من الضحايا الذين سقطوا نتيجة لها من الفيتناميين الشماليين, خرج على العالم يومها كاتب أمريكي مغمور يدعى ـ دانيال اليزبرغ ـ بكتاب أطلق عليه اسم ـ أسرار البنتاغون ـ كشف فيه بصراحة وبالدليل أن أمريكا هي التي اخترعت قصة قصف السفينة الحربية الأمريكية في خليج ـ تونكين ـ  لاتخاذ الحادث  كذريعة لشن الحرب  على فيتنام الشمالية , وان التدخل في الحرب  جاء استجابة لدعوة من فيتنام الجنوبية حليفة أمريكا يومها .

       واليوم , يكرر التاريخ نفسه من جديد , حيث أن حرب الخليج الثالثة التي انتهت قبل أيام بالنتائج التي انتهت إليها ,  وكما ثبت بالشواهد العلنية بشأنها تمت استجابة إضافة إلى تحقيق الأهداف الأمريكية غير المعلنة بطلب عربي وبدعوة من دول عربية من دول المنطقة وباستعداد معلن لتغطية كافة نفقاتها المادية , فتلك الدول العربية هي التي استقدمت القوات الأمريكية وغيرها ووفرت لها الأرض للتحرك منها باتجاه الهدف وهي التي وفّرت لها الإمدادات التموينية  طوال مراحل المعركة , وهي التي أعطتها الغطاء الشرعي للقيام بالحرب , أما الذريعة غير المعلنة حتى الآن وان كانت كل الشواهد تشير إليها فهي حماية الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة بعد أن تم الادعاء طوال السنوات الماضية بأن العراق تمكن في فترة من تاريخه من صنع أسلحة دمار شامل , وان تلك الأسلحة إذا ما استمر وجودها في تلك الدولة سيشكل خطرا ماحقا على الكيان الصهيوني (الوديع ) .

    المثير للانتباه  هنا هو أنّ سبب الحرب المعلن عن نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وعلى الرغم من التأكيدات العديدة بشأنها وعن حتمية وجودها في العراق , لم يعثر على  أي أثر لها حتى الآن في كامل أنحاء العراق على الرغم من تفتيش كل مكان وصلت إليه الدبابات والمدرعات الأمريكية , بينما وفي نفس الوقت يتم التغاضي عمدا من قبل  القائمين بأمور الحرب والداعين إليها من العرب عن الكميات الهائلة المنتجة والمعلن عن وجودها لدى الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة وبكميات لا يعرف أحد حقيقتها , والتي من المؤكد أنها لم تنتج بهدف شن هجمات إرهابية على أمريكا أو غيرها من الدول الأوروبية , وإنما أنتجت وتمت صناعة وسائل إيصالها إلى أقصى مكان من ارض العرب .