صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 28 - 01 - 2004م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

وجدتها...غيروا مناهج الفيزياء

مرام عبد الرحمن مكاوي*

يدور جدل غير مسبوق هذه الأيام حول عملية تغيير أو تطوير المناهج التعليمية. والتطوير مطلوب في التعليم، وفي كافة أنظمة الدولة، وهو من سنن الكون، فلا شيء ثابت، وعجلة التاريخ تدور.

لذلك كان يفترض أن تلاقي دعوات التطوير ترحيبا شعبيا كبيرا، خاصة عند المثقفين والعلماء، فأقلام الكُتّاب جفت، وأصوات المربين والمعلمين بُحت، وهم يطالبون بتقليل الحشو، وتطوير المناهج. فلماذا إذن ظهرت كل هذه المعارضة للتطوير اليوم من نفس النخب التي كانت ذاتها تطالب بذلك بالأمس؟.

لو أحست الغالبية بأن غرض عملية التطوير، تطوير مناهج الإنجليزية والعلوم والرياضيات، والفلك، وجعلها مرتبطة بالمنهج التجريبي الذي قامت عليه الحضارة العربية الإسلامية الأولى، لما عارضتها. بل لانتظر الجميع هذا الأمر بفارغ الصبر. ولو كان الغرض هو تطوير المناهج الدينية، بإضافة موضوعات مناسبة أكثر للعصر، وحذف تلك التي أصبحت أقل فائدة لوضع الدارس، مثل استبدال فقه زكاة الأنعام، بفقه الأسرة، أيضا لما كان هناك كثير من الاعتراض.

لكن هناك شعورا عاما بأن التطوير يستهدف مناهج مواد، يفترض أنها لا تتغير ب! تغير الأحوال، أو الأزمان، أو الأوضاع، كمادة التوحيد. فهذه المادة تشكل حجر الزاوية في حياتنا، فعلى منهج التوحيد قامت هذه البلاد وتوحدت، وعلى هذا المنهج ربت الدولة أبناءها، ولذلك كان الرفض والاعتراضات. خاصة وأن الأمر يأتي بعد أحداث سبتمبر. فالحملات الخارجية ضد تعليمنا بدأت قبل سبتمبر (مع بداية الانتفاضة الفلسطينية)، ووقتها تصدى معظم الكتاب لها، وظلت منكرة قرابة عام، على المستويين الشعبي والرسمي، وحتى في الأيام الأولى من الأحداث. لكن بعد ذلك بدأ البعض ينضم إلى الخصم في نقد المناهج، والمطالبة بتغييرها، بحجة أنها تساهم في خلق الإرهاب، وآخرها ما تحدث به الدكتور الغذامي، في اللقاء الذي شاهدناه مع ولي العهد، وقد قال الغذامي إن المناهج التي درسها هو وجيله، كانت نقية، ولذلك نشأ جيل معتدل، لكن بعد ذلك تسرب التطرف إلى المناهج التعليمية. لكن آخرين، من جيل الغذامي، يؤكدون أن المناهج الدينية التي يدرسونها اليوم لأبنائهم، هي نفسها التي درسوها، الولاء والبراء هما الولاء والبراء!

ودعوات تغيير المناهج سرت كالنار في الهشيم، من المنامة وحتى الرباط! وفي الوقت نفسه فإن أحدا لم يكلف نفسه مجرد ا! لتفكير في النظر في مناهج دولة الكيان الصهيوني. هذه المناهج الممتلئة قي حاً وحقدا ضد كل ما هو عربي وإسلامي، والغارقة في الغيبيات الكاذبة حول أرض الميعاد. حتى أناشيد الأطفال في الحضانة تشتم العربي، ومع ذلك فلا صقور أمريكا ولا حمائمها تكلموا، ولم ينبس مسؤول عربي كذلك ببنت شفة! ولذلك يشعر المسلمون عموما بأنهم وحدهم الذين يتحملون مسؤولية ثقافة السلام في كل مرة. وهذا ما حدث في البوسنة والهرسك، فالبوسنيون أجبروا على شطب تاريخهم ، وأي شيء رأى فيه الحلفاء أنه لا يشجع على التعايش، بينما لم يقم الصرب في البوسنة بذلك في مدارسهم، فمن أين يأتي التعايش والسلام؟

إن أغلبية معسكر الرافضين لتغيير المناهج من العامة، لا يرون غضاضة في محاسبة النفس، والبحث عن الأخطاء ومحاولة تصويبها. والمناهج الدراسية بحد ذاتها ليست مقدسة، ولا مانع من إصلاح أي خلل يظهر فيها. لكنهم يرون أن عملية التطوير بالشكل الذي يطرحه المعسكر الآخر، تعد اعترافا صريحا بتحمل المناهج مسؤولية الإرهاب. وبالتالي النظر للسعودية، دولة، ومجتمعا، وثقافة، وفكرا بأنها دولة الإرهابيين، الظاهرين أو الكامنين، لأنهم تربوا ودرسوا الإرهاب منذ الطفولة! وبالتالي يجب أن تمر عدة أجيال، تدرس المناهج المطورة، قبل أن يف! كر الغرب في إمكانية تغيير نظرته لنا.

إن في تحميل المناهج وزر الإرهاب، تسطيحاً كبيراً لهذه القضية، بجعلها مسألة مناهج وأفكار، سببها الحقد على الغرب، لأنه غني ومتفوق، أو لأنه من ملة أخرى.
ونحن لم نتفق حتى اليوم مع أمريكا خاصة على تعريف للإرهاب فحماس وحزب الله والمقاومة العراقية والشيشانية والكشميرية، مخربون وإرهابيون، بحسب تعريفها. بينما المسلمون يرونهم حركات تحرير وطنية ضد المحتل أيا كان، ومن أي ملة، فهو تارة روسي أرثوذكسي، أو هندي هندوسي، أو صهيوني يهودي، أو أمريكي أنجليكاني. فهم ضد المحتل وحسب، حتى وإن كان منهم، ولذلك رفضوا الاحتلال العراقي للكويت، مع أن المحتل يومها عربي مسلم.

يتوجب البحث عن الأسباب الحقيقية للإرهاب، فلماذا يكره الشباب اليوم أمريكا لا النرويج الدولة الأولى في العالم، حسب تصنيف الأمم المتحدة؟

الجواب موجود في منهج الفيزياء للصف الأول الثانوي، فقانون نيوتن الثالث يقول: (لكل فعل ردة فعل مساو له في المقدار ومعاكس في الاتجاه).

فعندما تقوم دولة عظمى باستهداف شعوب منطقة ما، أو دين ما، لثلاثين سنة على الأقل، ضربت خ! لالها نصف الدول العربية عسكريا، أو استهدفتهم اقتصاديا، أو عاونت أعداءه م المباشرين عليهم، وأرسلت أسلحة لعدوهم وهم على مشارف الانتصار عليه، وعندما تعطل كل الإجراءات الدولية المتخذة ضد عدوهم المباشر، بل وتمنع صدور قرارات تدين من قتلوا أطفالهم نياما، في قانا وصبرا وشاتيلا، أو من يهدم بيوتهم ويفجرها، ويقتلع أشجار الزيتون، ويصادر أراضيهم. فماذا تتوقع حسب قانون نيوتن الثالث؟

لم يدرس الشيحي الإماراتي، ولا زياد اللبناني، ولا عطا المصري في السعودية، وربما لم يطؤوها، ومع ذلك هم القادة (المفترضون) لأحداث سبتمبر. كما أنني لاحظت خلال إقامتي في بريطانيا أن كراهية أبناء المسلمين الذين ولدوا ودرسوا في الغرب لأمريكا أكبر.

إن كان لزاما علينا أن نراجع مناهجنا لأنها أخرجت رجلا واحدا من طراز أسامة بن لادن، فعلينا أن نطالب أيضا بمراجعة المناهج التي أخرجت رجالا من نوعية نتينياهو، وشارون، ممن يهددون الأمن والسلام العالمي.

لسنا نبرر الإرهاب، ولكن إذا كانت هناك رغبة حقيقية في اقتلاع جذور العنف والإرهاب من العالم، فلا بد من الاعتراف بالأسباب الحقيقية، فلكي نقضي على الألم لا بد من القضاء على مسبباته. وقانون نيوتن الثالث، هو أحد ! الأسس الراسخة التي يعتمد عليها دعاة العنف ضد الغرب في عالمنا الإسلامي، فإذا كان لا بد من تنقية المناهج من دعوات العنف والكراهية، فلا بد من إلغاء هذا القانون نهائيا، أو إثبات بطلانه، ولا عزاء لنيوتن!

* كاتبة سعودية

السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ