الأقصى
في خطر .. قصف بصواريخ (لاو)
وتصاعد
حدة التهديدات باستهداف الحرم الشريف
المركز
الصحافي الدولي
ما
فتئت المؤسسات الإسلامية المعنية
بإعمار الأقصى والحفاظ على قدسيته
تنادي بوقف الانتهاكات والاعتداءات ضد
الحرم القدسي ومحيطه الإسلامي المهدد
تحت وطأة التهويد.
نداءات
وتحذيرات جدية لم تجد لها صدىً في
العالم حتى الآن، مع أن فكرة الصهيونية
في تهويد الحرم اتخذت طابعاً جدياً لا
سابقة له، فكل يوم يمر يكشف عن وجود
صهاينة متطرفين، وجمعيات إرهابية
صهيونية تضغط باتجاه وضع حجر الهيكل
المزعوم على أرض الحرم الشريف، ولكن
قدرة الله وحدها تردهم خائبين.
"الأقصى
في خطر" نداء أعلنته مؤسسات الدفاع
عن المقدسات في المدينة المقدسة
وخارجها، لكن كل تلك النداءات واجهت
صدوداً وهجمة صهيونية عنصرية على كافة
الأصعدة، الرسمية والشعبية والمتدينة
اليهودية المتطرفة، وضعفاً عربياً
واضحاً ومتواطئاً بعجزه الشديد تحت
الضغوط الأمريكية.
وتنوعت
أساليب الصهاينة في التفكير بإحلال
الهيكل المزعوم مكان الحرم القدسي
الشريف، ومنها تفجير الأقصى أو إحداث
زلزال ضخم يهز المنطقة ويهدمه، أو من
خلال الحفريات المتواصلة، التي كانت
سبباً في انهيار الحائط الجنوبي، أو من
خلال محاولة إثبات "حق" اليهود
بدخول الحرم، من خلال القرارات التي
أصدرتها حكومات الاحتلال.
وبالطبع،
من ذلك كانت زيارة شارون إلى الحرم
القدسي مدعوماً بحوالي 3 آلاف من عناصر
شرطة الاحتلال، مما أثار عاصفة داخل
الحرم وامتدت كالنار في الهشيم لتشمل
كافة الأراضي الفلسطينية، وما تزال
آثارها حتى الآن ممثلة بانتفاضة
الأقصى.
إفشال
"الانسحاب"
وخلال
الآونة الأخيرة تجددت التحذيرات حول
تهديدات المتطرفين الصهاينة بتفجير
الأقصى والتخطيط الفعلي لذلك، خاصة مع
الحديث المتصاعد حول مشروع انسحاب جيش
الاحتلال من قطاع غزة، وما بين (3- 4)
مستوطنات نائية في شمال الضفة الغربية.
فقد
علت حدة المناقشات داخل الجماعات
المتطرفة بالضغط على حكومتها من خلال
محاولة احتلال الحرم الشريف أو تفجيره
لإفشال ما يسمى بخطة "الانسحاب"
الإسرائيلية التي أقرها شارون بدعم من
واشنطن.
وفي
تقرير أعده الصحافي الإسرائيلي نداف
شرغاي، ونشر في صحيفة "هآرتس"
العبرية يوم (5/4/2004)، ذكر أن مخطط
المتطرفين ضد الأقصى قديم، ونقل
تقديرات من جهاز "الأمن العام"
الإسرائيلي (الشاباك)، عن أن رؤية "البعض"
في الماضي "تدمير مساجد وسيلة
مشروعة لإفشال المسيرة السياسية، فلا
يوجد ما يحول دون ذلك اليوم أيضاً".
وكتب
الصحافي شرغاي أن تفكير متطرفين يهود
بمحاولة تدمير المساجد في الحرم
القدسي الشريف، لا تعتبر احتمالات
مبالغاً بها، فقد أوضح أن أحد المتهمين
بعضوية التنظيم "الإرهابي"
الصهيوني، قال قبل ستة أشهر إن هناك
مخططاً للمس بالحرم الشريف وضعه
متطرفان أحدهما يقيم في "مستوطنة"
في شمال الضفة الغربية، وآخر يقيم في
"مستوطنة كريات أربع" في مدينة
الخليل المحتلة، وهما عضوان في "شبان
التلال" أو "شبيبة الهضاب"
المتطرفة المتمركزة في "مستوطنات"
الضفة الغربية، حسب الترجمة العربية.
ولم
يكن ذلك الأمر متوقفاً على الحرم
القدسي، بل كان المخطط يقصد تهديد
مساجد أخرى، وعلى الرغم من تكشف هذه
المعلومات الخطيرة، ذكر الصحافي أن
جميع المتهمين بالانتماء لهذا التنظيم
الإرهابي أطلق سراحهم، وحتى أن بعضهم
لم يتهم أصلاً!، بدعوى أن (الشاباك) لم
يتمكن من إثبات التهمة عليهم!، رغم أن
معظم المحققين حسب "شرغاي" كانوا
على قناعة تامة بتورط المتهمين في
جرائم ضد العرب وتهديد مساجد
المسلمين، وخاصة الحرم القدسي الشريف.
أثر
مزيّف!
وجدير
بالذكر، أن محاولات المس بالحرم
القدسي كانت قديمة قدم الاحتلال وحتى
ما قبله، نظراً للتعصب اليهودي
الشديد، الذي يرى في الحرم مكاناً لما
يدعى "الهيكل" المزعوم، والذي لم
تثبت أي دراسة حتى الآن وجود ولو ذرة
تراب منه في موقع الحرم!.
وحتى
ما ادعي أنه الأثر الوحيد المكتشف
للهيكل المزعوم، المسمى "رمانة
العاج"، ظهر أنها مزيفة، بعد أن تم
الزعم الإسرائيلي بأنها تعود إلى عهد
ما يسمى "الهيكل الأول".
وكشفت
صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر
يوم (26/3)، أن الأثر المزيف عبارة عن
أكذوبة وعملية تزييف للآثار، كما نقلت
عن مسئولين في دائرة الآثار
الإسرائيلية، وذكرت الصحيفة أن عملية
التزييف ليست الأولى من نوعها، وكشفت
عن شبكة تعمل في تزييف الآثار منذ 15
عاماً، ويشارك فيها متخصصون في علم
الآثار.
ويرأس
هذه الشبكة شخص يدعى عوديد جولان، وصف
بأنه "جامع مكتشفات أثرية"،
بالإضافة إلى وسطاء وأشخاص أقاموا
شركات وهمية لبيع الآثار.
لكن
مع ذلك يحاول اليهود المتطرفون فرض
ادعائهم بالقوة، فقد نقل الصحافي
شرغاي عن السجين السابق خلال عقدي
السبعينات والثمانينات لإدانته
بالتخطيط لتدمير مساجد الحرم القدسي،
يوئيل ليزر، قوله: "لقد حدث هذا مرة
ومرتين، ولا يوجد ما يحول من تكراره
مرة ثالثة"!.
وأورد
الصحافي عن المحامي نفتالي فرنسبرغر،
الذي يدافع عن أعضاء الجماعات
المتطرفة مثل "كاخ" والتنظيم
الإرهابي منذ سنوات طويلة قوله بأن
فكرة تدمير الحرم القدسي – على حد
تعبيره-: "تحلّق بالأجواء، تصعد
وتهبط منذ عشرات السنين، يتغير
اللاعبون، لكن الفكرة قائمة وتزداد
اليوم الأحاديث عن ذلك، كما تزداد
الأمور حدةً".
وإن
كان تدمير الأقصى الفعلي مخططاً وقيد
الترتيب من قبل الجماعات الإرهابية
الصهيونية، فإن "الموت البطئ"
الذي تشكله الأنفاق والحفريات أسفل
الحرم، بدأ "يؤتي ثماره" بالنسبة
للاحتلال، فتلك الأنفاق والحفريات
تسببت في منتصف شهر شباط الماضي
بانهيار الجزء الأوسط من الجدار
الاستنادي الشمالي للتلة الترابية
المؤدية إلى باب المغاربة الواقع على
الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف.
وتحت
ادعاء كاذب، هدمت سلطات الاحتلال
الإسرائيلي بعد الانهيار ما تبقى من
الجدار من الجهة الشرقية والغربية،
كإجراء وقائي حسب ادعائهم تحسباً من
انهيارات إضافية على المصلين من
السيدات في القسم الجنوبي من ساحة
البراق!.
وشكل
ذلك الانهيار إشارة تحذير جديدة
للعالم بأن الحرم كله مهدد بالانهيار،
والمقدسات في خطر، وهو ما يحتاج تحركاً
فنياً وسياسياً سريعاً لإنقاذ ما يمكن
إنقاذه قبل وقوع الكارثة وانهيار
الحرم ومساجده وتراثه الإسلامي العريق.
وفي
الفترة الحالية، حيث لم يتمكن
الصهاينة من تحقيق مأربهم، بدأوا وتحت
حماية شرطة الاحتلال باقتحام الحرم
بين الفينة والفينة منذ ثمانية أشهر،
بعد السماح لهم بدخول الحرم عبر باب
المغاربة الذي استولت سلطات الاحتلال
على مفاتيحه منذ احتلال القدس.
ومؤخراً،
وخلال الأيام القليلة الماضية اقتحم
عدد منهم الحرم بدعوى تأدية شعائر ما
يسمى عيد "الفصح" اليهودي، بشكل
استفزازي، فيما تصدى لهم حراس المسجد
والمصلون.
قصف
بصواريخ "لاو"!
ودليلاً
على مدى التوجه العنصري وخطورة
التهديد الذي يواجهه الحرم ومقدساته،
شكلت المحاولة الفاشلة لإطلاق
المستوطنين والجماعات الإرهابية
الصهيونية صواريخ "لاو" باتجاه
المسجد الأقصى خلال اليومين الماضيين،
ضوءًا أحمر وإنذاراً يوجب التحرك ضد
هذه الهجمة، وتؤكد النية الحقيقية
لتدمير الأقصى.
ولكن،
هل ستنتهي تلك الأحداث إلى هذا الحد؟
وهل سينجو الأقصى في ظل هذا الصمت
المطبق والتواطئ المخزي؟ لا أحد يعلم
ماذا تخبئ الأيام القادمة للمقدسات
والحرم الشريف؟!
|