وحدة
. حريّة ... عدالة
أيمن
الدقر
كلنا
متفقون على أن الاشتراكية تعني في
النهاية تحقيق العدالة الاجتماعية
وتوزيع الثروة على المواطنين كلٌّ حسب
جهده، وأن الخط الاشتراكي الذي
انتهجته بعض البلدان في أرجاء العالم
كان الهدف منه هو تحقيق تلك العدالة
سواء نجحت الدول في تحقيقها أم أخفقت
أم سارت في طرق متعرجة.
ولا
يختلف اثنان على أن الفكر الاشتراكي
الذي ساد في وقته القرن الماضي كان
منبعاً للأمل في الوصول إلى العدالة،
نتج عن هذه التجربة نظريات كثيرة، منها
من اعتبر النضال الاشتراكي نضالاً
ينبع من واقع أمته، وتراثها وثقافتها
كالعرب مثلاً، ومنها من حمل لواء
الاشتراكية السوفييتية كاملة ونقلها
إلى بيئته دون أي تعديل، وعندها درج
المثل الشائع (إن أثلجت في موسكو لا
ينبغي أن نحمل المظلات خارجها)..
إلا
أن أحداً لا ينكر أن حمّى الاشتراكية
كثورة في حينها قد ألهت غالبية الدول
التي اعتنقتها عن دراسة اشتراكيات
العالم الذي مارسها بطرقه الخاصة،
ولكن دون تسميتها بالاشتراكية، فهل
ينكر أحدٌ أن كندا أو سويسرا أو السويد
قد حققت العدالة الاجتماعية لشعبها
دون أن تسمي هذه العدالة بالإشتراكية؟
الاشتراكية
بمفهومها (الثابت) كما فهمه البعض
واعتبره كتاباً منزّلاً لا يجوز
المساس به أو تعديله أو تطويعه حسب
مفهوم (تتبدل الأحكام بتبدل الأزمان)،
تلك الاشتراكية هل هي صالحة للقرن
الحادي والعشرين بمفاهيمها وثوابتها
التقليدية؟ لماذا فشلت التجربة إذن؟
أليس التحول والتطور من أوائل الدروس
في أصول الفلسفة الماركسية؟ الماركسية
التي هي أصلاً لم تتطور ولم تتحول
وفقاً لما قامت عليه ولم تخضع لتطور
الزمن فبقيت محنطة بقالب جامد ما لبث
أن أنهاها، ماذا قدمت تلك الماركسية
بجمودها سوى هجرة معتنقيها عنها.
لقد
أدى جمود الإشتراكية إلى تفكك الاتحاد
السوفييتي وسقوط النظرية، فيما لايزال
الحزب الشيوعي الصيني يحكم ولكن بنظام
اشتراكي لاعلاقة له بتلك المفاهيم
التي قامت عليها الاشتراكية، بل طوع
اشتراكيته باتجاه اقتصاد السوق وبنجاح
عالي المستوى، واليوم توجد اشتراكيات
إسمية لاعلاقة لها بالمبادىء
الماركسية التي لم تعد تطبق في العالم
برغم التسميات.
وفي
سوريا يقوم حزب البعث العربي
الاشتراكي بدراسة واقع الحزب وبرنامجه
ومنطلقاته النظرية ودستوره وأدبياته
ونظامه الداخلي، وذلك بعد استبيان
قدّمه لأعضائه ليستخلص منه نتائج
يضعها أساساً لدراساته، ولطالما أن
الاشتراكية كانت ولازالت تهدف إلى
تحقيق العدالة بعيداً عن التسميات،
فلمَ مثلاً لا يكون شعار الحزب (كاقتراح)
وحدة حرية.. عدالة!؟
افتتاحية
مجلة أبيض وأسود ـ آذار 2004
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|