صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 26 - 05 - 2004م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

وماذا عن التعذيب في السجون العربية؟

جان كورد – ألمانيا

لا يخفى على أحد في العالم أن فضيحة "التعذيب في السجون الأمريكية في العراق" سواء في العراق أو في أفغانستان أو في غوانتانامو منذ إسقاط نظام طالبان في أفغانستان ونظام البعث في العراق قد يكون ذا وقع أشد على الإدارة الأمريكية من فضائح "ووترغيت" التي تجسست فيها المخابرات الأمريكية على المعارضة الأمريكية أو فضيحة "ايران – كونترا" حيث تم بيع السلاح الأمريكي لحكومة ايران سراً في الوقت الذي كانت فيه تعلن حرباً سياسية مكشوفة ضد أمريكا أو فضيحة "ليفنسكي" المرأة التي مرّغت سمعة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون في الوحل.. وبخاصة فإن أمريكا مقدمة على الانتخابات الرئاسية والمعارضة الديموقراطية التي تبحث عما يضر بالإدارة قد وجدت في الحرب الأمريكية على نظام صدام حسين ضالتها المنشودة وكل ما تحتاج إليه من أسلحة سياسية لاضعاف نظام "النيوكون" الحاكم الذي يترأسه جورج دبليو بوش ومن معه من أقطاب الجمهوريين من أمثال نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامزفيلد ونائبه بول فولفيتز ومستشارة الرئيس كوندوليزا رايس الذين لم يتركوا خطأً حتى الآن إلا ووقعوا فيه.

الجميع يعلمون بأن المعاملة في السجون الأمريكية، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها معاملة لا إنسانية، وقد وجهت منظمات حقوق الإنسان من قبل عدة مرات مذكرات احتجاج إلى الإدارة الأمريكية تنتقد فيها تلك المظالم التي تتنافى واللوائح الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء والأسرى. و"التعذيب الجسدي والنفسي" مهين للكرامة الإنسانية ومرفوض لا من قبل الشعوب وسائر منظمات حقوق الإنسان فحسب، وإنما من قبل كثير من الحكومات والدول المتقدمة.. ولكن نشر الصور عن مشاهد التعذيب قد أحدث دوياً كبيراً في الأوساط الإعلامية وانعكس ذلك على المشهد السياسي العام في العراق الذي لم يعد مقبولاً برمته، حيث الاضطراب الأمني والقلق على مستقبل العراق كدولة يزداد، حتى أن الإدارة الأمريكية بالذات قد أضطرت تحت ضغط "الحدث الهائل" الذي كاد يبتلعها أن "تبدي أسفها" و تعلن عن "اعتذارها" وعن "استعدادها لتعويض المتضررين والمعذبين" عما لحق بهم من غبن وظلم وإهانة لكرامتهم البشرية، كما أكدت على أنها ستقوم بملاحقة مرتكبي تلك "الجرائم الخطيرة" قانونياً وبشكل حاسم، وسارعت إلى تغيير بعض المسؤولين الكبار عن إدارة سجونها في العراق، واستقبلت وفود منظمات مهتمة بالسجون ومعتقلات الأسرى مثل الصليب الأحمر الدولي ولجنة العفو الدولية، ووقف كل من وزير الدفاع الأمريكي والقائد العسكري الأمريكي في العراق أمام نواب الكونغرس ليعلنا عن مسؤوليتهما ويدليا بمعلومات عما كانا يعلمانه عن "التعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة" في السجون. كما وقف الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أمام شاشات التلفزيون الأمريكية والعربية ليظهر امتعاضه عما حدث واستعداده لمعاقبة المسؤولين عن تلطيخ سمعة بلاده بذلك الشكل القذر، وقد تطير بعض رؤوس النظام الكبيرة سياسياً بسبب هذه الجرائم ضد الإنسانية، عندما يشعر الرئيس الأمريكي بأن مستقبله السياسي بات في خطر.

وحقيقة فإن هذه الجرائم التي أخذت حيزاً كبيراً في الصحافة الأوربية والأمريكية والعربية قد وضعت ذرائع أهم وأوراق لعب أقوى في أيدي سائر القوى والجماعات والأنظمة وأجهزة الإعلام والشخصيات المعارضة للسياسة الأمريكية ولوجودها في العراق، وبخاصة الأوربيين الذين لم تترك لهم الإدارة الأمريكية حصة من قرص الحلوى العراقية. وقد تتحدث بعض أبواق الصحافة العربية طويلاً عما حدث حتى الآن في السجون الأمريكية في العراق وخارجها..

ولكن ألم يكن سجن "أبو غريب" الشهير بالوحشية التي ترتكب فيه ضد المعتقلين موجوداً في مكانه على أرض العراق منذ سنين طويلة قبل إسقاط نظام البعث ولاتزال مئات السجون والمعتقلات العربية الشبيهة به في طول العالم العربي وعرضه مليئة بالذين هدرت كرامتهم وعذبوا تعذيباً رهيباً مصحوباً بكل أنواع الانتهاك لكرامة الإنسان، فلماذا لم تتحدث الصحافة العربية ولا تتحدث عن ذلك بهذا الشكل الذي فضحت فيه أمريكا؟

ولماذا لا يقف رئيس نظام عربي أمام شاشة التلفزيون كما وقف الرئيس الأمريكي ليعلن عن اعتذاره لشعبه عما ألحقه به نظامه من إهانة وما مارسه زبانيته ضد المواطنين من ممارسات دنيئة وقذرة ومهينة؟ لماذا لا يبدي حكام العرب أسفهم عما يدور في معتقلاتهم السرّية ولا يقومون بتقليد الإدارة الأمريكية التي ستجري المحاكمات لضباط الجيش والمدنيين المسؤولين عن تلطيخ سمعتها في العالم؟ لماذا هاذا الهجوم الكبير على دونالد رامزفيلد وغض النظر عن أشباهه في كل العالم العربي من رؤساء فروع المخابرات ووزراء الداخلية ومسؤولي القوات الخاصة الذين لم يتركوا جريمة ضد الإنسانية إلا وارتكبوها؟

ولماذا الشريحة العربية الحاكمة شبه صامتة، في حين يلوّح بعض وزراء الخارجية العرب بصور المعذبين العراقيين يريدون عرضها في اجتماعهم وكأنهم اكتشفوا حقائق جديدة عما يقوم به الأمريكان في العراق وغيره؟

طبعاً سيتحول هذا كله إلى قوس أسترالي "بومارانغ" يرتد إلى صدور الحكام العرب قبل غيرهم، فالعالم ليس غبياً ولن يقبل بعد الآن بأن تحاسب أمريكا على جرائمها ضد الإنسانية ويتم السكوت عن جرائمهم ضد الإنسانية. وهذا هو الذي يؤرق بال الأنظمة العربية، وبخاصة عندما يلتقي مسؤولون عرب بمسؤولين أمريكان فإن هذا الموضوع لن يدخل جدول الحوار أو برنامج اللقاء لأن الأمريكان سيسخرون منهم ويقولون لهم: " شو جاي أنت تحكي لي عن حقوق الإنسان؟!"

والمطلوب اليوم من الإعلام العربي أن يقف على ساقيه ويهب في وجه الحكومات العربية ويطالبها إلى جانب المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان بصون هذه الحقوق في السجون وخارجها حتى يتمكن المواطن العربي من محاسبة أمريكا وغيرها وهو مرتاح إلى أن مثل تلك الخروق لا تحدث في بلاده. أم على هذا المواطن وضع ثقته في أن أمريكا ستحاسب رجالها في حين أن العالم العربي أضعف من ذلك بكثير؟!    

السابق

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ