إسرائيل
بوابة العبور إلى واشنطن
مركز
الشرق العربي ـ كتب المحرر السياسي
في
حين تسير السياسة السورية نحو
الانحلال والتراخي، تجاه المطالب
الأمريكية والإسرائيلية، تنحو
السياسات الإسرائيلية في الذكرى
الخامسة والخمسين لتأسيس الدولة إلى
التشدد تمهيداً لإطلاق مرحلة جديدة في
المشروع الصهيوني، الذي يرنو بعينيه
الناعستين نحو الفرات وأرض مؤاب.
في
6/5 وهو ذكرى عيد الشهداء في سورية كتب /حامد
حوران/ على الصفحة الأولى من البعث
الصحيفة السورية الناطقة باسم الدولة
والحزب معاتباً برقة ديبلوماسية الجار
وابن العم (كعادتها تواصل سلطات
الاحتلال توجيه رسائلها الرافضة
للسلام بأشكال وأساليب مختلفة. تزداد
شراستها كلما لاحت في الأفق أفكار قد
تقود لسلام (ما)).
الكلام
المنشور تحت عنوان (اغتيال الكلمة.
مهنة الإسرائيليين) يؤكد ما نشرته
معاريف الإسرائيلية
في 4/5 عن لقاء هام ضم ماهر الأسد
شقيق الرئيس السوري و(إيتان بن تسور)
مدير سابق في وزارة الخارجية
الإسرائيلية. عرض فيه ماهر الأسد عودة
المفاوضات بدون شروط، ولكن شارون رفض
هذا العرض. الملحوظ في كلام جريدة
البعث وهو كلام الحكومة السورية أن
الكاتب يشير إلى (سلام ما..) وليس إلى
السلام (العادل والدائم والشامل..)!!
وهكذا
كلما أمعنت سورية في التنازل والتراخي
أمام الضغوط الأمريكية ازدادت إسرائيل
تعنتاً وتشدداً في مطالبها. إن مفاوضات
(بدون شروط) لا تعني فقط نسيان القرار 242
ولا وديعة رابين التي تمترس السوريون
خلفها طويلاً لتنسى وإنما تعني العودة
إلى الوضع الذي كان عليه الحال عشية
وقف إطلاق النار في 11/6/1967.
وقد
انتقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي
الجنرال موشيه يعالون سياسات سورية في
حديث لموقع صحيفة يديعوت أحرنوت
باللغة العربية على الإنترنت، قائلاً (الرئيس
السوري بشار الأسد يمتطي منطاداً
فارغاً من الهواء).
وقال
يعالون في الحديث الذي نشرته الصحيفة
الإسرائيلية على موقعها أمس إن (الأسد
يقول تعالوا نتحدث عن السلام لكن هذا
ليس جدياً. إلا أنه يمكن للضغط
الأمريكي والأوروبي، بما في ذلك فرض
عقوبات اقتصادية، اضطراره (الأسد) على
تقديم تنازلات).
وكانت
وسائل الإعلام الإسرائيلية قد ذكرت
أمس الأول أن سورية اقترحت استئناف
مفوضات السلام مع الدولة العبرية، لكن
رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون
رفض العرض لأنه تشكك في جديته وطبيعة
دوافعه.
ورداً
على سؤال حول تزايد (النشاطات المعادية)
لإسرائيل من جانب دول مثل إيران وسورية
ولبنان بعد حرب العراق قال يعالون (لقد
ساهم الهجوم الأمريكي على العراق في
تعزيز قوة الردع الإسرائيلية. وهذا
يرجع، أولاً، إلى إظهار الجوهر
العسكري للجيش المسلح بالتكنولوجيا،
المتطور والغربي. فالسوريون وغيرهم
يتعاملون معنا كجيش من هذا النوع).
وأضاف
(إنهم يتعاملون معنا على أننا نمتلك
قدرات مختلفة، وهذا بحد ذاته يردعهم.
لقد بات الهجوم الأمريكي على العراق
يهدد الآن المركب الأساسي الذي تبقى
لهم لمحاربتنا به، والذي نسميه /المركب
غير المتوازي/ ـ الإرهاب. ويشمل ذلك
الصواريخ أيضاً كالقسام والكاتيوشا
وصواريخ الفجار طويلة المدى، التي
يمتلكها حزب الله، وصواريخ سكود
والحسين المعدة لإصابة المدنيين).
وتابع
يعالون يقول السوريون يواجهون حالة من
الضغط. (يمكنني وصف الرئيس الأسد
بالشخص الذي يمتطي منطاداً فقد الكثير
من الهواء ويتحتم عليه إلقاء أكثر ما
يمكن من الأكياس كي يستطيع البقاء).
وأضاف
(لقد ألقى الأسد بكيس إغلاق الحدود
السورية ـ العراقية أمام المسلحين
الذين انتقلوا من سورية إلى العراق.
كما ألقى بكيس تسليم العراقيين الذي
فروا إلى سورية، وبدأ بعد ذلك الحديث
عن تجريد حزب الله من سلاحه.. هناك
الكثير التي يعتبر أنه يمكنه التنازل
عنها.. لقد فقد الكثير من الأملاك
الاستراتيجية وسيحاول بكل قوته
المحافظة على أملاكه).
وقال
يعالون في حديثه ليديعوت أحرنوت (إذا
قمنا بتحليل قيام القيادة السورية
بوظائفها خلال الحرب في العراق، فسنجد
أن مستوى نضوجها وتحملها للمسؤولية
يجب أن يثير فينا القلق. فهناك تتوفر كل
مركبات مسار الشر: قيادة غير مسئولة
تمتلك أسلحة غير تقليدية، كيماوية،
تمارس الإرهاب وترعى قيادة التنظيمات
المسلحة).
في
غضون ذلك أعلن رئيس الوزراء
الإسرائيلي أرييل شارون صباح أمس
الثلاثاء أنه تلقى رسائل مختلفة حول
اتصالات ترغب سورية في إجرائها مع
إسرائيل.
وفي
قسم من مقابلة أجراها مع الإذاعة
الإسرائيلية العامة وسينشر نصها
الحرفي في وقت لاحق، قال شارون (لقد
تلقينا كل أنواع الرسائل من
إسرائيليين وعرب إسرائيليين جاءت
لتتحدث إلينا عن اتصالات مع النظام في
سورية).
وأكد
رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون
تلقيه رسائل سياسية مختلفة، عبر
إسرائيليين وعرب إسرائيليين وأردنيين
من رجال الأعمال حول محاولات لإجراء
اتصالات بين النظام في سورية وبين
إسرائيل، مضيفاً في حديثه مع إذاعة
الجيش والإذاعة العامة أنه لا يعارض
درس كل اقتراح من هذا القبيل (لأن من
الأهمية بمكان استنفاد كافة الفرص
لإنجاز اتفاق سياسي مع الحكومة
السورية). وقال أن لقاء حصل مع الجانب
السوري بعد انتهاء الحرب على العراق.
وأضاف
شارون أنه اتفق مع وزير خارجيته سلفان
شالوم، الذي يؤيد استئناف الحوار مع
دمشق على أن تأتي هذه إليها (بأياد
نظيفة ومن دون شروط مسبقة)،
على أن تنتظر إسرائيل مدة شهر ليتسنى
تقويم التطورات في سورية، وأنه ينبغي
عدم الاستعجال، لئلا يخلق ذلك ظروفاً
من شأنها أن تخفف الضغوط الأمريكية على
دمشق لحملها على وقف دعمها الإرهاب،
بحسب شارون.
وجاءت
أقوال شارون تعقيباً على الخبر الذي
تفردت به صحيفة (معاريف) العبرية أول من
أمس عن عرض سوري لاستئناف المفاوضات مع
إسرائيل من دون شروط مسبقة قدمه شقيق
الرئيس السوري ماهر الأسد إلى المدير
الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية
إيتان بنتسور في اللقاءات الكثيرة
التي جمعت بينهما في العاصمة الأردنية
قبيل اندلاع الحرب على العراق. وكتبت
الصحيفة أمس، نقلاً عن جهات إسرائيلية
مطلعة أن النشر ألحق ضرراً بهذه
الاتصالات، لكن احتمال إعادة إحياء
المسار التفاوضي مازال قائماً. وتابعت
أن اللقاءات تناولت الترتيبات
الأمنية وخطوات بناء الثقة بين
الجانبين، بما في ذلك ـ من الطرف
السوري ـ تهدئة الأوضاع على الحدود
اللبنانية والحد من نشاط حزب الله، على
أن تعدل إسرائيل نبرة تصريحاتها.
وتنقل
الصحيفة عن أوساط أمنية قريبة من وزير
الدفاع شاؤول موفاز أنه يعتقد بأن
إسرائيل ليست مستعدة لإدارة مفاوضات
سياسية في مسارين متوازيين وفي الآن
ذاته وأنه يفضل تركيز الجهود على
المسار الفلسطيني (لأن المواجهات مع
الفلسطينيين هي المشكلة الرئيسية التي
تواجهها إسرائيل)، برأيه.
ويتفق
المعلق السياسي في صحيفة (هآرتس) ألوف
بن مع ما جاء حول موقف موفاز ليضيف
أيضاً أن شارون غير متحمس للتوصل إلى
اتفاق مع سورية (ذلك
لأن الطوبوغرافيا تشكل الأساس قفي
رؤيته الأمنية السياسية، وهو يولي
أهمية قصوى للسيطرة على مناطق مرتفعة
وتحكمية)، ومن هنا
معارضته الانسحاب إلى حدود الرابع من
حزيران (يونيو) 1967.
ويكتب
المعلق أن مسؤولين كباراً في الجيش
والأجهزة الأمنية المختلفة لا يشاطرون
المستوى السياسي الرأي، بل يرون وجوب
تقديم المسار السوري على الفلسطيني
لتفضيلهم (تسوية استراتيجية) مع نظام
قوي على (الجبنة السويسرية)، المتمثلة
في اتفاقات أوسلو الموقعة مع ياسر
عرفات وجماعته. ويضيف بن أن المؤيدين
في الجانب الإسرائيلي لفكرة تفضيل
المسار التفاوضي مع سورية يشيرون إلى
أن النزاع معها هو نزاع حول الحدود فقط
من غير أبعاد دينية وتاريخية كما الحال
مع الفلسطينيين (هذا
فضلاً عن أن السلام مع سورية سيضيق
هامش تحرك الفلسطينيين كثيراً ويفقدهم
عمقاً مهماً في الدعم السياسي
والعسكري).
من
جهته، واصل رئيس أركان الجيش
الإسرائيلي الجنرال موشيه يعالون
التشكيك في جدية النيات السورية، وقال
لصحيفة (هآرتس) إنه مازال لا يرى أي
تغيير في دعم سورية للإرهاب، وأن كل
المعايير الأمريكية لدول (محور الشر)
تنطبق عليها، مضيفاً أن النظام السوري
(عديم المسؤولية ولديه أسلحة كيماوية
ويقوم بتغذية الإرهاب). وقال إنه قلق
مما وصفه بـ (عدم نضوج ومسؤولية الرئيس
السوري بشار الأسد). ويستخف يعالون
بالأخبار عن نية سورية إغلاق مقار
الفصائل الفلسطينية في عاصمتها أو
احتمال تجريد (حزب الله) اللبناني من
سلاحه. ويقول إن نفي سورية أن يكون فيها
مكاتب لفصائل عسكرية (مضحك تماماً مثل
نفيها وجود أسلحة كيماوية بحوزتها).
مضيفاً أن ما سيؤثر في الموقف السوري
في المستقبل القريب هو مستوى الضغط
الأمريكي السياسي والاقتصادي، و(سورية
مازالت في عين الهداف الأمريكي بسبب
سلوكها).
من
جهة ثالثة نفت المتحدثة باسم الخارجية
السورية بثينة شعبان ما توارد عن
لقاءات سورية إسرائيلية وقالت إن هذه
الأخبار لا صحة لها، على الرغم من كثرة
الاستجابات التي بذلتها الحكومة
السورية لاسترضاء واشنطن. السوريون
يعتقدون أن استرضاء شارون بأية طريقة
هو طريقهم لحيازة الرضى الأمريكي ولذا
وهم في سباق محموم لنيل هذا الرضى بأي
ثمن، ولو بالتوقيع على (سلام ما) كما
أشارت إليه جريدة البعث.
|