صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 20 - 08 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

وصل إلى برق الشرق :

وحيد عبد المجيد عندما يهرف بما لا يعرف

الطاهر إبراهيم*

عندما ينقشع غبار المعركة، يكون الحكام أول من يفر من المعركة وأول من يتوارى عن الأنظار تاركين الشعوب لمصائرها المظلمة، بعد أن اقتضت مصلحة أمريكا أن تستغني عن خدمات أولئك الحكام.

عندها يأتي دور المنظرين –الذين فقدوا المقدرة على الكلام، وعموا وصموا يوم كان الحاكم ملء السمع والبصر- ليبيعوا تلك الشعوب الكلام الأجوف الفارغ، وينقبوا في المثالب والسيئات. يبيضون صحونهم عند من سيأتي إلى واجهة السلطة، أو ينفون عن أنفسهم أنهم ساروا في ركب من غبر وباد.

وبعضهم لا يكتفي بالبحث والتنقيب،بل يجري المقارنات بين نظام ظالم ونظام آخر جائر ، ويدلل على ذلك بالشواهد والأحداث، دون أن يكون عنده أثارة من علم أويقين.   

ومن هذا القبيل ما طالعتنا به صحيفة الأهرام القاهرية بتاريخ 06/08/2003 بمقال كتبه الدكتور وحيد عبد المجيد، أشار فيه لأحداث دامية، ومذابح واعتقالات، جرت في مدينة حماة السورية في عام 1982، ويقارن بين تلك الأحداث وبين ما تتناقله الأخبار هذه الأيام عن المقابر الجماعية في عراق النظام السابق.

وقد عجبت، وعجب الكثيرون غيري الذين قرأوا المقال، من الأحكام القاسية التي أصدرها بحق أهالي مدينة حماة السورية المجني عليهم في تلك الأحداث.

 ليس هذا فحسب، فقد جاء حكمه مغايرا لشهادة صحافيين أوروبيين، منهم من دخل إلى مدينة حماة أثناء تلك الأحداث ،مثل "روبرت فيسك"، ومنهم من أرخ لتلك الحقبة مثل باتريك سيل.  

ولذلك كان عجبنا شديدا، أن نجد الأستاذ "وحيد عبد المجيد" ينبش ويفتش في دفاتر قديمة، أقل ما يقال فيها أنها مؤلمة، وأن هذا نوع من نكأ الجراح، يريد الجميع أن يسدل عليه ستارا من النسيان، خصوصا وأن المعارضة السورية بكل أطيافها تحاول جاهدة فتح صفحة جديدة لا يستثنى منها أحد، ولا يشطب منها أي فصيل. ثم "ما عدا مما بدا" أن يعيد كاتبنا إلى الأذهان تاريخا تصرم وأحداثا أكاد أن أقول أنها نسيت! ألم يكن في التحديات التي تواجه الشقيقة مصر ما يشغله عن الخوض في قضية سورية نزعم أن إعادة بعثها من جديد يضر بالجميع حكومة ومعارضة.

فماذا قال الأستاذ وحيد عبد المجيد في مقاله ذاك؟. لنقرأ معا ما ذا قال:

 (وإذا كان هناك من يعتبر حملة نظام الحكم السوري على جماعات متطرفة في حماة في بداية ثمانينيات القرن الماضي تشبه مذابح النظام العراقي السابق فهذه مغالطة مزدوجة‏ .‏. ...هي مغالطة لأن ما حدث كان حملة لتحرير مدينة  سيطرت عليها هذه الجماعات وحولتها إلي ثكنة مسلحة‏.‏ وما حدث كان أقرب إلي معركة بين قوتين مسلحتين، إحداهما تمثل شرعية الدولة والأخرى تعبر عن تمرد على هده الشرعية بالقوة.).

ابتداء قد يقول البعض إن الرد قد يزيد في توسيع دائرة الموضوع، الذي رغبنا نسيانه، وهذا بعض الحقيقة. ولكن السكوت عنها قد يحول المغالطات إلى حقائق. لذلك وجدنا أنه لا بد من تبيان الحقيقة كاملة حتى لا يظن أحد أن ما أورده الكاتب هو من الحقيقة. ولا بد من إيراد حقيقة ما حدث بشهادة الشهود الحياديين، لا ببراعة عبارات الكتاب الأكاديميين. 

وعليه نستطيع أن نؤكد هنا، أن الكلام الذي كتبه أستاذنا الكبير والذي وضعناه بين قوسين ،إنما هو ادعاء لم يدعم بأي توثيق، ولم ينسب إلى شهود عدول، بعد أن أصبحت تلك الأحداث تاريخا مضى عليه ما يقرب من ربع قرن. ونؤكد هنا أن أي اتهام يرد في مقال ما، إنما هو " كلام لا قيمة له ما لم يستند إلى مصادر موثوقة وحيادية ".وهو في أحسن أحواله اتهام يحتاج إلى دليل، وإلا اعتبر هجوما غير مبرر على جهة سياسية معينة.

وسنقدم في ما يلي، شهادة شاهد عاش تلك الأحداث من داخل حماة، لا يمكن أن يُتهم بممالأة من زعم الأستاذ عبد المجيد بأنها جماعات متطرفة. وهذا الشاهد هو الكاتب البريطاني المعروف "روبرت فسك"، الذي كان مراسلا لجريدة "التايمز" اللندنية، وكان المراسل الأوربي الوحيد الذي استطاع أن يدخل إلى مدينة حماة أثناء تلك الأحداث ،التي أشار إليها الأستاذ "عبد المجيد". وهذه الشهادة من مقال مأخوذ من كتاب ( بيتي ذ ناشن ) "PITY THE NATION" ص: 181 - 187، لروبرت فيسك، الطبعة الأولى، شباط 1990.

ملاحظة: سنحرص في نقلنا عن المصدر أعلاه أن نورد العبارات كما وردت في المقال، حتى ولو كان فيها اضطراب من حيث الصياغة، وذلك حفاظا على أمانة النقل. 

يقول فيسك :"الحكومة السورية قد تدعي أن القتلى كانوا بالمئات، لكن قدّرنا فيما بعد أنهم كانوا بحدود 10 آلاف، وبعض التقديرات جعلت القتلى بحدود 20 ألفاً، أعلى حتى من مجموع قتلى الغزو الإسرائيلي للبنان بعد شهر..". وهذا التقدير لعدد القتلى، لم ينفرد به فيسك وحده. فقد أورده الكاتب البريطاني "باتريك سيل" في كتابه "حافظ الأسد ..الصراع على الشرق الأوسط "، -الذي أرخ لحياة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وكان على علاقة وثيقة به، وتم وضع كل الوثائق التي يحتاجها بين يديه بمعرفة الرئيس شخصيا-، يقول "سيل" إن عدد القتلى كان يتراوح بين خمسة آلاف وخمسة عشر ألفا.وقد كرر "سيل" هذه الشهادة في قناة "الجزيرة" في برنامج أكثر من رأي، الذي يشرف عليه "سامي حداد". وشهادة "باتريك سيل" معتبرة لأنه صديق شخصي للرئيس السابق حافظ الأسد، ولا يعتبر منحازا لصالح المعارضة الإسلامية التي اعتبرها الأستاذ "وحيد عبد المجيد" متطرفة.

كما أنه ليس صحيحا ما زعمه الأستاذ عبد المجيد، من أن "ما حدث كان حملة لتحرير مدينة سيطرت عليها هذه الجماعات وحولتها إلي ثكنة مسلحة‏."، لأن "فيسك" يؤكد أن "سرايا الدفاع" التي كان يقودها "رفعت الأسد" الشقيق الأصغر للرئيس "حافظ الأسد"،هي التي قامت باستفزاز سكان مدينة حماة. يقول فيسك:

" بدأت العملية من قبل 500 جندي من سرايا الدفاع وعدد كبير من عناصر المخابرات، بحصار حي "البارودية" القديم على الضفة الغربية لنهر العاصي، حيث يعيش متدينو أهل حماة في حارات ضيقة، وأزقة مغطاة بالعرائش....".

فالقضية إذن ليست معركة بين حكومة شرعية ومتطرفين،حسبما زعم الأستاذ"عبد المجيد" ،وإنما استباحة لمدينة "حماة" الآمنة قامت بها سرايا الدفاع التي لم تكن مهمتها في يوم من الأيام الدفاع عن حدود الوطن، بل كانت تصول وتجول في كل مدن سورية إلا على حدود الوطن مع العدو الصهيوني. ولقد أشار إلى ذلك، ضابط من سرايا الدفاع طلب الركوب في سيارة فيسك التي دخل فيها إلى مدينة حماة.فقد سأل ذلك الضابط زميله:"لماذا لا يدعوننا نحارب في الجولان بدلاً من هذا؟ الرجلان كانا يعرفان بعضهما، كلاهما بيته في حماة...".

 إذن القضية ليست (حملة لتحرير مدينة سيطرت عليها هذه الجماعات وحولتها إلي ثكنة مسلحة) كما زعم الأستاذ وحيد‏.‏ وإنما هي شيء آخر سوف نتبينه من خلال شهادة الصحفي "فيسك".

فما ذا يقول فيسك ؟:

"وطبقاً لدبلوماسيين غربيين في دمشق؛ فإن الإخوان المسلمين المختبئين في "البارودية"، أحسوا أن النظام سيبطش بـهم، ولذلك فإنـهم وضعوا عناصر استطلاع فوق سقوف الحي..". فلم تكن ثورة قام بها متطرفون كما زعم "عبد المجيد"، وإنما ردة فعل يفرضها حرص الإنسان على حياته عندما يتهددها خطر. وهذا الخطر لم يكن محتملا وإنما متأكدا. وعندما يكون الأمر متعلقا بحياتك التي يسعى الآخر للاعتداء عليها دون وجه حق، فإن من حقك بل من واجبك أن تدافع عنها كما ورد في الحديث الشريف" سأل صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء من يريد أخذ مالي، قال لا تعطه، قال فإن قاتلني قال قاتله، قال فإن قتلني قال أنت شهيد، قال فإن قتلته قال هو في النار.." أو كما قال عليه السلام. وتلك الجحافل التي كان يقودها "رفعت الأسد" إنما جاءت لتهديد حياة الحمويين المحصورين في بيوتهم ،والحياة أغلى من المال.

ويتابع فيسك شهادته:   

"وعندما دخل الضباط حي البارودية كانوا يحملون معهم على ما يبدو قوائم بأسماء وعناوين المشتبه بـهم (من مسلحين) لم يتجاوزوا الاسم الأول..".

إذن فالعملية كانت عملية استدراج أرادت منها "سرايا الدفاع" و"الوحدات الخاصة"       و"أجهزة المخابرات" جر سكان مدينة حماة الذين وصفهم فيسك "بالمتدينين"إلى معركة غير متكافئة، ومن ثم القيام بتصفية المعارضة الإسلامية من أهل حماة.

وهل كان يتوقع الأستاذ "عبد المجيد" أن يسلم المختبئون أنفسهم لعناصر سرايا الدفاع التي قامت بعمليات إعدام ميدانية كما أكد ذلك "فيسك" في شهادته:

"..وانتقاماً لذلك فإن قوات رفعت الأسد الخاصة ومخبري المخابرات العاملين في هذه القوات كانوا يقتلون ويعذبون ويهينون عدداً كبيراً من أهل حماة يتهمونـهم بالتآمر مع الإخوان المسلمين. واستهدف هؤلاء الأطباء والمهندسين، فقد ضُرب نائب مدير مصنع الصلب المحلي في الشارع من قبل القوات الخاصة، وكذلك وجد رجل يقال له الشيشكلي - كان يُظَنُّ بأنه شخصية مهمة من الإخوان - مقتولاً في ساحة مهملة خارج حماة، وكان قد اقتلعت عيناه، وأحرق وجهه بالأسيد. وقبل ستة أسابيع، كان أحد عشر شخصاً قد أُطلق عليهم الرصاص من الخلف على ضفة العاصي، وقد أخبر ثلاثة من الأجانب بأن مئتي حكم بالإعدام قد نفذت منذ عيد الفصح السابق، وهناك 10 آلاف مسيحي من مجموع سكان حماة البالغ عددهم حوالي 100 ألف قد عانوا أيضاً على أيدي قوات رفعت الأسد، وفي حالات كثيرة كان القتلى أقرباء للمطلوبين، فإذا فر أحد من الإخوان، فإن أباه أو أخاه يقتل..وطبقاً لرواية الإخوان المسلمين فإن الشيخ "أديب الكيلاني"كان يأمل بإعلان عصيان وطني عام، وأخبر رجاله بأنه من الأفضل أن يموتوا شهداء على مذبح الإسلام من أن يترقبوا السجن، والتعذيب، وأحكام الإعدام..".

هذا الوصف الحي لأحداث حماة يؤكد أن ما جرى من أهالي مدينة "حماة" جميعا وليس فقط الإسلاميين ( جاء في شهادة فيسك "أمسك الإخوان فعلاً بزمام المبادرة، بمساعدة شباب الأحياء العلمانية الذين همشهم النظام نتيجة للضربات السابقة في حماة")، إنما كان دفاعا عن حياتهم وعن مدينتهم بعد أن استباحتها قوات رفعت أسد.

وهل كان يتوقع الأستاذ "عبد المجيد" أن يستقبل أهل حماة عناصر سراي الدفاع والوحدات الخاصة والمخابرات،-الذين وصف فيسك بعض ممارساتهم آنفا- بالورود والرياحين أو أن يسلم المختبئون أنفسهم لعناصر سرايا الدفاع التي قامت بعمليات إعدام ميدانية جماعية كما أكد ذلك "فيسك" في شهادته آنفا.

ونختم شهادة "فيسك" بقوله: "بعد يومين أدان راديو دمشق أكاذيـبي المضللة قائلاً: "لم يسبق لروبرت فيسك أن زار حماة"، ولا علم له إذن عن القتال هناك، وعلى هذا فإن الناس الجائعين، والقصف العشوائي، وتمرد وحدات من الجيش وانضمامها إلى المتمردين.. كل ذلك محض اختلاق أيضاً! ردت التايمز فوراً بأنها تؤيد روايتي شارحة كيف دخلت المدينة، وعبرت عن دهشتها أن يكون راديو دمشق قد نفى صدق روايتي.

والمقال مأخوذ عن كتاب "PITY THE NATION" ص: 181 - 187، روبرت فيسك، الطبعة الأولى، شباط 1990. 

ليس هذا هو كل شيء يمكن أن نرد به على زعم الدكتور "وحيد عبد المجيد" بأن:"ما حدث كان أقرب إلي معركة بين قوتين مسلحتين، إحداهما تمثل شرعية الدولة والأخرى تعبر عن تمرد على هده الشرعية بالقوة."، بل لا بد من بيان الآتي:

أولا: إن ما حدث لم يكن معركة بين "قوتين مسلحتين" هكذا على إطلاق هذا التعبير، بل كان أمرا مبيتا في ليل. فلو كان الأمر مواجهة كما زعم "وحيد" لما كان عدد القتلى يراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألفا، على خلاف في الرواية.

ثانيا: كان سلاح المقاومين هو الأسلحة الفردية، وكان سلاح قوات "رفعت أسد" هو أحدث الأسلحة التي استوردتها سورية ،والتي كان يجب أن توجه إلى الصهاينة الذين احتلوا هضبة الجولان نتيجة لتخاذل "رفعت أسد" وأمثاله.لقد وجهت تلك الأسلحة إلى أبنية "حماة"

ومساجدها، حيث يقول فيسك "مسجد آخر،هذه المرة بقبة فضية، أطلقت عليها قذيفة مدفع حطمت غطاءها الخارجي، وتركت أثراً كثيفاً من السواد على بلاطها".

ثالثا: ومرة أخرى نلجأ إلى شهادة غير السوريين، عن مجزرة أخرى قام بها "رفعت أسد"، وهي مجزرة سجن تدمر. وقد تكشفت ملابسات تلك المجزرة،بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال السيد مضر بدران في عام 1981،بتخطيط وتدبير من رفعت أسد،قائد سرايا الدفاع ونائب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت.ولنستمع إلى شهادة أحد الذين شاركوا في المؤامرة وكان قبلها قد شارك في مجزرة سجن تدمر.

"الجندي عيسى إبراهيم فياض أحد المشتركين في تنفيذ مجزرة-مقبرة (تدمر) الجماعية في 27-6-1980م، بعد إلقاء القبض عليه مع مجموعة حاولت اغتيال رئيس وزراء الأردن الأسبق، وأذيع اعترافه عبر التلفزيون الأردني وتم التقاطه في دمشق قال: "وصلت حاملة (دودج) لتقلنا إلى السجن حيث تم توزيعنا على سبع حضائر. كان معي في حضيرتي أحد عشر جندياً تقريباً بإمرة الملازم منير درويش.. فتحوا لنا باب زنزانة سجناء جماعية، اقتحم ستة أو سبعة جنود من صفوفنا الزنزانة، وقتلنا كل من كان فيها. كان عددهم (60) شخصاً أو (70)، وبالنسبة إليّ، فأنا أحمل بندقية سريعة الإطلاقات، وقد قتلت برصاص سلاحي (15) شخصاً أو ما يقرب من ذلك، أما مجموع من كان علينا قتلهم فقد أقدره بحدود (550) شخصاً... مات أحد أفراد سرايا الدفاع وجرح اثنان فقط، بعد ذلك غادرنا السجن، ذهب الملازم رائف عبد الله ليغسل يديه ورجليه من آثار الدماء التي غطتها. لم تستغرق العملية أكثر من نصف ساعة، كانت حالتنا النفسية أشدّ ما تكون رعباً.

كانت أصوات انفجارات القنابل اليدوية تمتزج مع صيحات(الله أكبر التي رددها المعتقلون) ، وأخيراً غادرنا عائدين بطائرات الهيلوكبتر.. وفي المزة (سجن سورية الشهير) رحّب بنا الرائد ناصيف، وشكرنا على حسن أدائنا". (تقرير منظمة رقيب الشرق الأوسط عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية الصادر عام 1990م الطبعة العربية ص 35 ،36.) ويميل كاتب التقرير المستشرق الفرنسي ميشيل سيرو إلى أن عدد الضحايا بلغ (1181).

 وقد يسأل سائل: أين ذهبت جثث شهداء مجزرة تدمر تلك؟ وهنا يأتي الجواب على السؤال الأول الذي أورده الدكتور "وحيد" في مقاله (إياه) ‏:" ‏هل من مقابر جماعية يمكن أن نجدها في أي بلد عربي آخر؟ الإجابة الايجابية هنا مستحيلة لعدم وجود مثل هذه المقابر بالفعل."ونحن نعتقد أن ما اقتبسناه من التقريرآنفا يدحض استنتاجات الدكتور وحيد.  فقد ثبت بالفعل أن أجهزة المخابرات السورية –بعد ظهور أخبار المقابر الجماعية في العراق- أرسلت آليات إلى مدينة تدمر قامت بحفر أماكن المقابر الجماعية وتم هرس ما تبقى من عظام مجزرة تدمر لإزالة الشاهد المادي على تلك المقابر الجماعية. 

رابعا: ختاما ولا تكتمل الصورة بدون عرض موجز للمحاكم الميدانية،التي كان يحاكم أمامها معتقلو سجن تدمر ويحكم فيها عليهم بالإعدام لسبب واحد "أنهم كانوا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين بناء على القانون 49 لعام 1980 الذي لم يشهد التاريخ جريمة أبشع من هكذا قانون تسنه دولة يسميها كاتبنا بأنها قوة شرعية). وهذه المرة سنأخذ شهادة شاهد سوري كرمته لجان حقوق الإنسان العربية التي منحته وساما رفيعا في لقاء لها في مصر، هو المحامي "هيثم المالح" رئيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان، في شهادته أمام برنامج بلاحدود في شهر حزيران من عام2002.يقول الأستاذ المالح عن تلك المحاكمات:    "هذه محاكمات ميدانية، إنما هذه المحاكم الميدانية هي محاكم معدومة ليس لها أثر قانوني يعني كل المحاكمات.. محاكم ليس فيها حق دفاع، وليس فيها أي مناقشة وليس فيها شيء يعني، فضمن هذه المحاكمات تم تصفية أعداد كبيرة من الناس، يعني في الأسبوع كان يتم تلات مرات اعدامات، في كل مرة يُعدم ما بين 100 و150 شخص" (أوردنا هذه الشهادة كما وردت مأخوذة من موقع الجزيرة على الأنترنت). وما ورد في هذه الشهادة يغني عن أي تعليق.،،،،

* كاتب سوري يعيش في المنفى..عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام.

السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ