آخر تحديث يوم السبت 10 - 05 - 2003م

.....

وصل إلى مركز الشرق العربي :

يأمرون بالمعروف وينسون أنفسهم

الدكتور عاطف صابوني*

ما أن جيشت أمريكا وبريطانيا آلة الموت لسحق العراق واذلال شعبه حتى ارتفعت أصوات الحكام العرب يتحدثون عن عراق مابعد الحرب, عراق الديموقراطية وحقوق الانسان, وانبرى العديد منهم في الحديث عن معاناة الشعب العراقي ( ليس تحت وطأة الحصار والقصف اليومي والتجويع ) ولكن تحت وطأة نظام صدام حسين وديكتاتورية حزب البعث فيه.

لاشك أن الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد وطقوس عبادة الفرد لعبت دورا اساسيا في تدمير بنى المجتمع العراقي ونفسية أبنائه, وصحيح أيضا أن الوطن يقوى بحرية أبنائه, ومما لاشك فيه أن الديكتاتورية تربة خصبة لنمو الفساد والافساد والانتهازية واللاأخلاقية وغيرها من الامراض المستعصية والقاتلة, ولكن السؤال المردود على هؤلاء الحكام الميامين هو:

أين هي ديموقراطياتكم؟ وكم تساوي مسألة حقوق الانسان لديكم ؟.. ماهو حجم النهب والفساد الذي مارستموه أنتم و أبنائكم وأبناء أخوتكم وعمومتكم وأخوالكم ؟.. وما هو الدور الذي لعبته وتلعبه حتى المومسات داخل قصوركم ؟.

أين حرية الصحافة والاعلام في بلدانكم ؟.. أين برلماناتكم ؟.. أين الحرية لاحزاب المعارضة لديكم ؟.. ماهي حالة السجون عندكم وكم عدد المساجين لمجرد ابداء الرأي داخل زنازينكم المنفردة ؟..

كم قتلتم من الابرياء لتحافظوا على كراسيكم ؟ .. وكم تستطيعون أن تقتلوا لتكملوا هذه المهمة العظيمة ؟.

أنتم أيها السادة الحكام المنتشرون من المحيط البائس الى الخليج المنهوب, أين هي الاتنخابات الحرة والنزيهة في بلدانكم ؟.. ماهي حجم أموالكم وأموال أتباعكم في المصارف الاجنبية ؟.. كيف تختارون مستشاريكم ووزرائكم ؟.. وهل جيوشكم الجرارة أحسن حالا من الجيش العراقي ؟.. لماذا لاتحاربون اذا كانت جيوشكم أحسن حالا ؟.. أين هي فلسطين, لماذا لم تحررونهاحتى اليوم ؟..

أين بيت المقدس وأين بقية أجزاء أوطانكم المغتصبة ؟.. لماذا لاتحاربون الفساد داخل هذه الجيوش ؟.. ولماذا كل هذه الاجهزة الامنية داخل بلدانكم ؟.. ومادمتم تتمتعون بالديموقراطية والشرعية, لماذا تخافون من شعوبكم ؟.. لماذا أصنامكم في كل الشوارع وصوركم الممقوتة تملأ الجدران ؟..

تتكلمون عن الحزب الواحد في العراق فأين هي تعددياتكم ؟.

ان صدام حسين ونظامه نسخة طبق الاصل عنكم, وأنتم مستنسخون منه.

جميعكم لايقل دموية عنه وخاصة مع شعوبهم, جميعكم ديكتاتوريون, جميعكم نهبتم وما زلتم تنهبون.

تختلفون عنه بشيئ واحد فقط, هو ربما سلّم بلاده أو قتل على أراضيها ولكن بعد عشرين يوما من الصمود والمقاومة, ولكنني أجدكم سلّمتم بلدانكم حتى بدون مقاومة أو قتال.

وسيذكر التاريخ ذلك بعد خمسين أو مئة عام, وستكون النتيجة أن صدام حسين وبعثه وجيشه هو الأفضل بينكم, فلا تتبارون بالنميمة عليه وعلى نظامه, ويقول المثل الشعبي المعروف ( من كان بيته من الزجاج لا ينبغي له أن يرمي الآخرين بالحجارة ).

بدّلوا في أنفسكم, حسّنوا علاقاتكم مع شعوبكم, ولايمنع أن تستشهدوا دفاعا عن أوطانكم وليس كراسيكم.

عمّقوا الوحدة الوطنية داخل مجتمعاتكم, اقضوا على الفساد والافساد بينكم وبين أتباعكم, أعيدوا الأموال المنهوبة الى بلادكم, أطلقوا سراح معارضيكم واسمحوا لمن هجر وطنه تحت وطأة ظلمكم بالعودة على الطائرات المدنية بدل أن تأتي بهم أمريكا على دباباتها, اسمعوا لمعارضيكم وحاوروهم, أعيدوا تنظيم جيوشكم, افتحوا النوافذ للحرية كي تتنفس شعوبكم, كي تستعيد الثقة بنفسها فتدافع عن أوطانها وعنكم, لن يدافع عنكم من امتهنتم كرامته وأذللتموه ورميتم به داخل زنازينكم, لن يدافع عنكم من علمتموه أن يردد كالببغاء الهتاف بحياتكم, هذا هو الدرس فهل تعلمتموه ؟.

ان لم تفعلوا ولا أظن أن البشائر تدلّ على انكم سوف تفعلون, فاتركوا شعوبكم المسكينة وشأنها وبصمت ارحلوا .

*كاتب وباحث ـ سورية ـ حلب

10 / 5 / 2003