بسم الله
الرحمن الرحيم
بيان
من الإخوان المسلمين
بشأن ما
أعلنه السيد جاك شيراك رئيس الجمهورية
الفرنسية
من دعمه
لمشروع قانون يقضى بمنع بعض المظاهر
الدينية من المدارس الحكومية
تلقى الإخوان
المسلمون نبأ القرار الصادر من السيد
الرئيس جاك شيراك رئيس الجمهورية
الفرنسية بموافقته ودعمه لمشروع قانون
يمنع ارتداء غطاء الرأس (الحجاب) من
المدارس الحكومية بمزيج من الأسف
والدهشة .
ونحن إذ نقدر
للجمهورية الفرنسية دورها الحضارى
والسياسى ، إلا أننا نعترض على ذلك
القرار وفقا للمقدمات التالية :
المقدمة
الأولى : أن الفلسفة العلمانية التى
بنى عليها الرئيس الفرنسى تأسيسه لدعم
هذا المشروع اعتباره أن غطاء الرأس (الحجاب)
من مظاهر التباهى بالدين ، إلا أن هذا
غير صحيح ، ذلك أن الحجاب الإسلامى (غطاء
الرأس) هو فريضة دينية مثله مثل الصلاة
والصوم وسائر الفروض الدينية التى لا
يستطيع المسلم التفرقة بين بعضها وبعض
، كما لا يجوز له أن يأخذ بعضها ويعرض
عن الآخر ، فهى إذن عبادة وليست مظهرا
من مظاهر التباهى ، فإذا كان ذلك كذلك
فإن تطبيق مثل ذلك القرار يجعل المسلمة
فى حرج شديد أمام الالتزام به ، كما
يضعها فى خيار بين : الإثم الشرعى ،
وبين احترام مثل هذا القرار ، كما أن
التسوية بين الحجاب وبين غيره من
المظاهر التى أشار إليها المشروع ، هى
تسوية غير واقعية ، فالمظاهر الأخرى
ليست من الفرائض أو العبادات وفقا
لنصوص شرائعها .
المقدمة
الثانية : إن توقيت صدور مثل هذا القرار
يسئ أيما إساءة إلى صورة فرنسا الحرة ،
ويضع بذور الكراهية بين تلك الجمهورية
العريقة وبين الشعوب الإسلامية ، كما
أن من شأنه أن يضعها عند الكثير منهم فى
موقف المتحامل على الإسلام ، وهو ما
يختلف مع الصورة التى تحرص فرنسا على
إشاعتها فى العالم كنصير للحرية
والمساواة .. وإنه مما لا شك فيه أن لدى
فرنسا مصالح عديدة فى العالم الإسلامى
تحرص عليها ، ولا يتفق ذلك الحرص مع
النتائج المترتبة على مثل ذلك القرار .
المقدمة
الثالثة : إن صدور مثل هذا التشريع سوف
يتعارض مع المواثيق الدولية المتعلقة
بحقوق الإنسان والشرعية الدولية التى
تحرص فرنسا على الالتزام بها بمقتضى
عضويتها فى الأسرة الدولية ، والتى
نذكر منها على سبيل المثال : إعلان
الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع
أشكال التعصب والتمييز القائمين على
أساس الدين أو المعتقد والصادر رسميا
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة 36/55 المؤرخ فى 25 نوفمبر 1989
والذى ينص فى مقدمته على وجوب احترام
العقائد فى مقدمة طويلة أعقبها بنص
المادة الأولى :
* "لكل
إنسان الحق فى حرية التفكير والوجدان
والدين .. ويشمل هذا الحق حرية الإيمان
بأى معتقد يختاره ، وحرية إظهار دينه
أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة
الشعائر والممارسة والتعليم سواء
بمفرده أو مع جماعة .. جهرا أو سرا ..
* كما لا يجوز
تعريض أحد لقسر يحد من حريته فى أن يكون
له دين أو معتقد من اختياره ...
* كما لا يجوز
إخضاع حرية المرء فى إظهار دينه أو
معتقداته إلا لما قد يفرضه القانون من
حدود تكون ضرورية لحماية الأمن العام
أو النظام العام .. أو الصحة العامة أو
الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين .. أو
حرياتهم الأساسية .."
كما يتعارض
مثل هذا المشروع مع الإعلان المتعلق
بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من
مواطنى البلد الذى يعيشون فيه .. والذى
اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة
بقرارها 40/144 والمؤرخ فى 13 ديسمبر 1985م ،
وقد نصت المادة الخامسة منه على ما نصه
" يتمتع الأجنبى بموجب القانون
المحلى ورهنا بمراعاة الالتزامات
الدولية ذات الصلة للدولة التى يوجدون
فيها بالحقوق التالية على وجه الخصوص
ومنها : " الحق فى حرية الفكر والرأى
والضمير والدين .. ولا يخضع الحق فى
الجهر بدينهم أو معتقداتهم إلا للقيود
التى ينص عليها القانون والتى تكون
ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام
أو الصحة العامة أو الأخلاق .. أو حماية
حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية ..
ولهم كذلك الحق فى الاحتفاظ بلغاتهم
وثقافتهم وتقاليدهم"
ويبين من هذه
النصوص أنه لا يجوز أن تحتوى القوانين
المحلية على نصوص توجب السلطات
المحلية سريانها على الأجانب أو على
المقيمين أو المتجنسين بالمخالفة
لاعتقاداتهم الدينية ما دام الأمر لا
يؤثر على الأمن العام .. أو النظام أو
الصحة العامة .. أو الأخلاق ..
المقدمة
الرابعة : أنه وإذا كانت فرنسا قد تحررت
على أساس من مبادئ الحرية واحترام
الفرد وحقوقه الأساسية ومنها حق
الاعتقاد .. وقد أرسى دعائم ذلك كله
فيلسوف الثورة الفرنسية "جان جاك
روسو" فإن مشروع القانون لا يكون قد
انتهك المواثيق الدولية فحسب .. وإنما
انتهك أيضا مبادئ الجمهورية الفرنسية
ذاتها .. والفلسفة التى قامت عليها.
وعلى ذلك فإن
الإخوان المسلمين يعترضون بقوة على
ذلك القرار ومثله ، ويرون فيه تدخلا فى
الحرية الشخصية والدينية للمسلمين
وبخاصة من يقيم منهم فى فرنسا ..
ويطالبون الرئيس الفرنسى بالعدول عنه
ومعالجة الآثار المعنوية التى لحقت
بالمسلمين من جراءه ومراعاة مشاعر
المسلمين فيما يتصل بعقيدتهم
وعباداتهم وحرياتهم الدينية فيما قد
يجد من سياسات وتشريعات تتصل بهم .
والله يقول
الحق وهو يهدى السبيل
المستشار
محمد
المأمون الهضيبى
المرشد العام
للإخوان المسلمين
القاهرة فى :
28 من شوال 1424هـ
22 من ديسمبر 2003م
|