أوروبة
المسيحية
هل
تكتشف ذاتها أو تكتشف المسيحية؟
من
حق جيراننا ـ غرب المتوسط ـ علينا أن
نزجي إليهم التهنئة بوحدتهم التي ربطت
خمساً وعشرين دولة صباح الفاتح من أيار
ـ 2004.
المشروع
الوحدوي الأوروبي أصغر بكثير من
المشروع الوحدوي العربي. والوحدة
الأوروبية بشكلها الذي آلت إليه لم يكن
لها قط سابقة في التاريخ بل إنها بما
وصلت وبما تطمح إليه، صورة للإنجاز
البشري المتقدم، وللإرادة الإنسانية
التي تقودها المعرفة.
لا
يمكن لأحد أن يقدر أن الوحدة الأوروبية
نشأت في فضاء. وأن عملية الالتحام بين
خمس وعشرين دولة لم يكن فيه تضحيات،
وأن جميع الأطراف تشعر بالربح من هذا
الالتقاء وفي جميع المجالات. حين تركزت
أنظار القوم على الفائدة الجلى الذي
يمكن أن تجنيها (أوروبة موحدة) بمعني
كتلة بشرية قوية منجزة.. تجاوزوا كل
الصغائر والعراقيل والعقبات وأقدموا،
احتملوا كل المفاسد الصغيرة التي لم
تغب عنهم قط في سبيل مصلحتهم الكبرى،
فاندمج القوي بالضعيف ليحمله، وشارك
الغني الفقير ليعينه على تجاوز فقره.
الوحدة
الأوروبية التي تنبعث من الحلم
بالإرادة درس يانع القطوف لأمة كانت
بالأمس القريب لا تحدها غير الشطآن!!
درس
للحكام المتعلقين بأهداب مصالحهم
الشخصية أنكم بالوحدة، لا بالألقاب،
تكونون الأقوى والأقدر والأعظم.. درس
عنوانه الأول قوتك الحقيقية ما ينبع من
ذاتك لا ما تستمده من الآخرين..
*
* *
في
موعظة الأحد رحب البابا يوحنا بولس
الثاني بالوحدة الأوروبية، وأشار إلى
أساسها المتمثل في القيم المسيحية
التي تربط بين هذه الشعوب. وقال البابا:
(إن تاريخ قيام الدول الأوروبية مرتبط
بالتبشير بالإنجيل. ورغم أزمات
الروحانية التي عاشتها القارة حتى
يومنا هذا ستكون هويتها غير مفهومة من
دون المسيحية). وهذا هو الدرس الثاني من
تجربة الإنجاز الأوروبي: إنه من غير
المسيحية ستكون هوية أوروبة غير
مفهومة!!
يسعدنا
أن يسعد الأوروبيون بوحدتهم، وأن
يعيدوا اكتشاف ذاتهم، وأن يؤكدوا على
هويتهم المسيحية. ويهمنا في رأس الأمر
أن يعيدوا اكتشاف المسيحية الحقيقية،
قبل أن يتأكدوا أنهم مسيحيون.. أن
يكتشفوا مسيحية المحبة والتسامح التي
بشر بها المسيح لا مسيحية الصليب
المعكوف أو جند بلير الذين يمارسون
المخازي على أرض العراق، ولا مسيحية
الإسخريوطي التي جهدت لتصلب المسيح.
4
/ 5 / 2004
|