برق
الشرق
إضاءات
في الذكرى الأربعين لإعلان
حالة
الطوارئ والأحكام العرفية في سورية
منذ
بدء الخليقة حيث وجد الإنسان في فضاء
لا حدود له، دفع التكاثر البشري للبحث
عن قواعد ترسم له ولغيره - ممن يشاركه
الحياة والوجود -الحدود التي تقف عندها
حقوقه وتبدأ واجباته.. وبتشكل التجمعات
والمجتمعات أخذت معادلة السلطة
والحرية تفرض نفسها وتتطلب الخروج
بحلول تتوافق مع ما نضجت إليه أوضاعها
ومصالحها.
ولكل
منّا صفتين:
الأولى
الفردية تعبيراً عن الذات و الرغبة
المستمرة بالإستقلال ( كمصطلح )...
والثانية
التوجه ( كقاعدة ) نحو الجماعة والتواضع
على أسس تحفظ لإرادة الجماعة سيادتها
والتي هي تتويج لعقد يتجذر في حياتها
بقدر إدراكها لمدى حاجتها للفرد/
سليماً كريماً و حاجته للجماعة / ضمانه
وحماية لحياته وحقوقه.
وأدى
تطور وتشابك ظروف الحياة و العلاقات
بين الجماعات و الأفراد إلى تنامي تدخل
الدولة وسلطتها التنفيذية في حياة
الأفراد والأطر الإجتماعية خاصة تلك
السابقة للدولة.و تعددت وظائفها في
مجالات الحياة الإجتماعية والثقافية
والاقتصادية,ووصلت ببعض الأنظمة إلى
القيام بكل المهام من الأمن والدفاع
إلى تأمين رغيف العيش...
وكان
للنموذج السوفيتي بريقه, خاصة من خلال
الإنتصارات العلمية و العسكرية التي
حققها (يوري جاجارين.. القنبلة
الهيدروجينية و الذرية قبلها,الصواريخ
عابرة القارات...إحتلال الموقع الأول
بتحقيق درجات عالية من النمو و الإنتاج
الزراعي و الصناعي) ساهم في زيادته آلة
الدعاية الضخمة التي غطت العالم _ خاصة
النامي منه_ و نشاطات الأحزاب الشيوعية
المحلية في تقديم أزهى الصور عن جميع
الأوضاع في الإتحاد.
ولم
تقف كل القوى
و الفعاليات السياسية التي تحمل على
أكتافها مشاريع للمجتمع و تنطلق من
أيديولوجيات_في العالم النامي والوطن
العربي خاصة_أمام مسألة حقوق الإنسان
كثيراً.. بل إعتبرها الكثيرون دعوة
رأسمالية مشبوهة....تهدف إلى عرقلة
النمو و سياسة حرق المراحل و دمجها،
التي تعلنها و تتبعها تلك القوى و
الأنظمة التي سادت في الستينات و ما
بعد,بل و أن الكثير من قوى اليسار و
التحرر القومي والوطني, بررت كل
الممارسات القامعة للمطالبات الشعبية
بحقوق الإنسان حتى ولو مورست بيد
العسكريتاريا, ورفعت شعار الحرية
للشعب ولاحرية لأعداء الشعب ( بأشكال
متعددة ) حتى أن الكثير إنغمس بدم
الكثيرين ممن حملوا برامج ودعوات لا
تتفق مع برنامج وإدعاءات القوى
الحاكمة ... بحيث إنعدم تقريباً الرأي
الآخر .. وكل ذلك تحت ستار من شعارات
التقدمية والثورية ومكافحة
الإمبريالية .. وطالت هذه الممارسات
الدموية حتى الأجنحة التي خرجت من
عباءات القوى والأنظمة ذاتها (
فالصراعات الدموية بين أجنحة البعث
والانقسامات المتعددة التي آلت إليها
حركة القوميين العرب والأحزاب
الشيوعية ..الخ ) وهكذا
بدأت تنحسر يوما بعد يوم الفعاليات
الجماهيرية التي تعبر عن المعارضة
بأشكالها و لعل من المفيد أن نقف هنا
أمام ظاهرة حدثت في تاريخنا المعاصر..
فحينما
وُضعت غالبية القوى السياسية في سورية
التي كانت قائمة قبل عهد الوحدة، أمام
خيار الوحدة أو زوالها، فاختارت أن
تزول من أجل هدف أعلى فرض نفسه
جماهيرياً قبل
أن
تقبل به الأحزاب، وهي وإن كانت بهذا
الاختيار قد هربت من أزماتها الذاتية
في حينه.. ,تحت شعار الوحدة, إلا أنها
أعطت مؤشرا كبيرا إلى هشاشتها بصفتها
تعبيراً من تعابير المجتمع المدني
آنئذٍ وخرجت كتل الجماهير باندفاعات
طاغية نحو الوحدة، ولم تقف حتى طلائعها
لتتساءل عن مصير أوعيتها السياسية
التي طالما تناحرت وولدت الأنظمة
العسكرية ـ وهنا لا بد من التنويه
بموقف الحزب الشيوعي السوري من مسألة
حل الأحزاب في سوريا و ثم تأييده بعد
فترة وجيزة حكم عبد الكريم قاسم والقتل
المتعمد لكادرات رئيسة من التيار
القومي ـ .
أردت
من طرح ما تقدم التمهيد لموضوعنا
الأساس وهو الذي اجتمعنا لبحثه...
واسمحوا
لي أن أدخل للموضوع من باب الأثر
والانعكاس الذي خلفه ومازال إعلان
حالة الطوارئ والأحكام العرفية الذي
مضى عليه ما يزيد على الأربعين عاما..؟؟
ولنبدأ
بالتاريخ :
صدر
قانون الطوارئ بتاريخ 23/12/1962(1)
وحلّ بذلك محل القانون 162 الصادر في
27/9/1958 وكانت حالة الطوارئ قد رفعت بعام
1961 وقبل الانفصال، وحين قيام الانفصال
أعيد فرض حالة الطوارئ والأحكام
العرفية حتى الشهر الثاني عشر من عام
1961.., ثم أثناء أحداث عصيان حمص 28/3/1962
أعيد إعلان فرض الأحكام العرفية ومن ثم
صدر المرسوم التشريعي رقم 51 تاريخ
23/12/1962 وحينما تحركت قطعات الجيش في8/3/1963
تم إعلان الأحكام العرفية بالأمر
العسكري رقم 2 تاريخ8/3/1963 والذي مازال
مطروحا حتى هذه اللحظة.وهنا نشير إلى
مسألة أن هذا الإعلان صدر بشكل مخالف
كليا للأصول المنصوص عليها بالقانون
51/1962 وهو بالتالي ومنذ صدوره يعتبر
بحالة انعدام .. ويجب على كل الجهات
القضائية والتشريعية عدم الأخذ به
وهدره لأن للقضاء العادي حق عدم إعمال
أي نص قانوني أو حتى قانون بكامله إذا
كان قد صدر بشكل مخالف للأصول
القانونية أو كان غير متفق مع أحكام
الدستور.
كما
أن صدور الدستور الدائم في عام 1973 وهو
الذي بات ـ من المفترض ـ يحكم كافة
الأوضاع القانونية ويلغي كل النصوص
المخالفة له ..فإن استمرار حالة
الطوارئ بعدئذ يتناقض مع كل المبادىء
التي وردت بالدستور.
وهنا
يطرح التساؤل نفسه بإلحاح..هل كانت
حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي
فرضت منذ 8 آذار 1963 حصنا للوطن وحماية
له ..وتعميقا للمواطنة وإنتاشاً
للطاقات وتنمية لإمكانات الوطن
والمواطن ..واسمحوا لي ان أضع بين
أيديكم ما يلي:
أولا
: بما أن نص المادة الأولى بفقرتيها من
قانون حالة الطوارئ الساري المفعول
تنص على: أ-
يجوز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب
أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو في حال
تعرض الأمن أو النظام العام..الخ
ب-
يمكن أن تتناول حالة الطوارئ مجموع
الأراضي السورية أو جزءا منها.
وقد
استقر الاجتهاد الفقهي والقضائي أن
حالة الحرب المقصودة هي حالة الاشتباك
والعمليات العسكرية. كما وضح ذلك
المادة/2/ من المرسوم /19/لعام 1968الخاص
بالمحاكم الميدانية.
وبما
أن ما هو قائم بين سورية والكيان
الصهيوني منذ عام 1974 لا تنطبق عليه
حالة الحرب فإن هذا يشير إلى :
ثانيا
: إن إعلان حالة الطوارئ فقد مبرراته
منذ توقفت الحرب الأولى مع الكيان
الصهيوني /1948/ وأعلنت الهدنة, فإن
استمرارها حتى اليوم لم يعد يأتلف مع
المعطيات السياسية الحاصلة خلال
الفترة الماضية، فحرب 1967 حققت
لإسرائيل انتصارا وامتدادا جغرافيا لم
تكن تحلم به، وبقدر فداحة نتائجها
فإنها كشفت عجز النظام العربي عن قراءة
الكيان الصهيوني أولا وقراءة العلاقة
الصهيونية / الأمريكية ثانيا...
وحرب
1973 {وهنا نطلق لفظة حرب مجازا لأن الحرب
تقتضي توفر طرفين أو أكثر لديهم النية
والقدرة والإمكانية لخوضها والوصول
إلى النتائج المرجوة منها} انتهت كما
تعرفون إلى تكريس الكيان الصهيوني
وانتقاله من موقف المطالب بالمفاوضات
والاعتراف.؟ إلى الموقع الذي يفرض
شروطه, وقبل المفاوضات, وهنا لا أريد أن
أكرر وقائع التاريخ والصراع الصهيوني/
العربي ..وإنما أضعها على الطريق.
ثالثا
: إن الاتصالات المعلنة
وغير المعلنة مع الكيان الصهيوني
لم تتوقف ووصلت المباحثات في إحدى
مراحلها مع سورية بعد مدريد {مفاوضات
منفصلة قطرية} إلى الاتفاق تقريبا على
كل النقاط وبقي الخلاف حول ساحل طبريا
وبالتالي الانسحاب إلى خط 4 حزيران ..مما
يعني أن كل المسائل السياسية الأخرى
والاقتصادية قد سوتها وتحددت بالتالي
خطوط التسوية { إنسحاب كامل .. مقابل
اعتراف كامل }
رابعاً:إن
الحرب مع الكيان لم تعد ممكنة, فخروج
مصر العربية والأردن باتفاقهما
المنفرد ، كما لم تستطع سورية إقامة
تحالف ذو عمق استراتيجي لمواجهة الخلل
الكبير في القوى ولم تستطع تحقيق شعار
التوازن الاستراتيجي الذي كان قد رفعه
الرئيس حافظ الأسد، وبالتالي بقيت
الحالة على الحدود مع الكيان، هادئة
بعد اتفاق كيسنجر 974 المسمى ( بفك
الارتباط ) كما أن
قضية فلسطين تركت لأصحابها..؟؟ ولم
تعد عمليا شأنا عربيا إلا حينما تريد
هذه الدولة أو تلك توظيف عروبة القضية
لمصلحتها أو لسياستها....
فهل
هناك داع لبقاء حالة الطوارئ بسبب
الحرب مع العدو الصهيوني..؟؟
*
*
*
أما
فيما يتعلق بالساحة الداخلية فبعد
الحوادث الدموية التي عاشتها سورية ما
بين 1979-1982 تحولت الساحة إلى حالة من
الاستقرار المحصن بأجهزة أمنية تضخمت
بحيث باتت هي الدولة والقانون ودُفعت /
محمية بنص القانون / (2)
للتجاوز على كل الحقوق والقيم الخاصة
بالإنسان والعائلة والمنازل ..الخ
وتركزت السلطة بكل أنواعها ومركز
القرار بأيدٍ قليلة جدا، وتجسدت
الدولة الشمولية بما تعنيه من إمساك
بكل مواقع الإنتاج وبالمنتجين والتحكم
بعملية الإنتاج اقتصاديا واجتماعيا
وثقافيا، فهي رب العمل زراعيا وصناعيا
وتجاريا. والمركزية تتجلى بأوامرية
صادرة من الأعلى إلى الأدنى في كل
الأمور بحيث انعدمت المبادهة
والمبادرة لأن المطلوب هو الطاعة، و كل
ما ينعكس على المنتجين هو عطايا وهبات
ومنح، وكثيرا ما تتعطل القوانين بفعل
مركز سلطوي أمني.. وهكذا الأحكام
القضائية ..وتوسعت الفرص لتعميم الفساد..
والإفساد حتى وقع في مستنقعه رئيساً
للوزراء وعدد من الوزراء ..؟؟
وتشكلت
بروزات ذات مصالح موحدة ومتشابكة
وخلقت حولها دوائر من المنتفعين
والمرتزقة...ليس لهم من دور إلا أن
يكونوا صوت سيدهم..وهذه الدوائر أصبحت
قوة ذات تراتبية شديدة، بحيث تحول كل
مركز بالسلطة إلى قوة، نتيجة لديمومة
إشغاله للمركز، والمنافع التي يحققها
لنفسه ولمن حوله..,ولا أريد أن أطيل في
وصف الحالة التي أصبح عليها النظام
والأزمات الوطنية الشاملة لكل نواحي
الحياة ..ولا أريد أن أورد على مسامعكم
أرقاما وإحصائيات لمستوى المعيشة أو
الأمية والأمراض وحالات الفقر
والبطالة بمختلف أنواعها ..؟ وكل ذلك
يجري بحماية حالة الطوارئ والأحكام
العرفية المستمرة ...وليس لها في الأفق
من نهاية. و أصبح شعار الإستقرار يطرح
مفاخرة دون أن يدركوا أنه إستنقاع
للشعب و الوطن.
هذه
الحالة انعكست على الحركة السياسية في
القطر ..أزمات ذاتية لقواها وابتعاد
الناس عن كل اهتمام سياسي أو عام,
والأسباب متعددة منها الخوف من العقاب
الشديد الذي أنزل بكل الشرائح
والتعبيرات السياسية من الأخوان أو
ألحق بهم و القوى القومية
والديموقراطية,ومنها ضيق العيش وعبء
المعاش وتأمين الحاجات الأساسية,
ومنها افتقاد الثقة بكل البروزات
السياسية الاجتماعية والثقافية، لأن
أغلبها مارس دور التزييف والتزيين لما
هو قائم بالإضافة إلى قدرة السلطة على
امتطاء الأهداف التي عاشت عليها الأمة
أملا ونضالا..وتفريغها من كل مضمون لها..
ابتداء بالوحدة الوطنية وانتهاء
بالحرية والاشتراكية والوحدة....و باتت
حالة الطوارئ المعلنة فاقدة لأي مبرر/
سواء لناحية الصراع مع العدو أو لناحية
الوضع الداخلي/.
ما
هي آفاق الوضع:
إن
تيبس الأحزاب( المعارضة) وانعزالها
وبحثها عن حماية الذات في ظروف بالغة
القسوة ...انتظارا لمرحلة أخرى تولدها
الدولة ذاتها، مع أن الدولة كما هو
معلوم لا تولد بنية ضدها...بالإضافة إلى
حالة الطوارئ وانعكاساتها حيث أفقدت
القوى السياسية والاجتماعية الفرشة
التي تتكئ عليها في تحركاتها
وتوجهاتها,الجماهير,الشغيلة،
المنتجين، وباتت دائرة حركتها ضيقة
لضعف إمكاناتها وشدة محاصرتها، وهي
بالتالي تتطلع إلى ممارسة دور يساهم في
دفع حوامل للتغيير الديموقراطي وتسعى
أن تراكم من خلال خطواتها المدروسة
والمحفوفة بالمخاطر ...تقدما في
اتجاهين...
اتجاه
الجماهير بحيث تستدعي بحركتها مجموعات
يوما بعد يوم ..والثاني باتجاه ممارسة
دورها في كل الاستحقاقات الجماهيرية(
المشاركة في العمليات الانتخابية
لمنظمات المجتمع المدني وأطره
والمجالس البلدية والنيابية) وصولا
لخلق آلية ضاغطة على النظام لتدفع بكل
من يشارك المواطن همومه وتطلعاته، كي
يشكل فاعلية من الداخل نحو معالجة
الاستحقاقات العديدة المفروضة على
الوطن والمواطن....
وحينما
نقول بالتراكم للخطوات والتحركات
وانتزاع المواقع يوما بعد يوم فإننا
ومن قراءة واقعية للواقع الراهن
ولإمكانات القوى السياسية والجماهير
توجهت قوى(التجمع) لمواجهة مهماتها إلى
العلنية أولا.. بحيث قرر المؤتمر
الثامن لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي
الديمقراطي الإعلان عن نفسه وعن
قياداته ونشر بياناته بصورة علنية
وتحت ظل الرئيس حافظ الأسد وبعدئذ صدر
قرار القيادة المركزية للتجمع الوطني
الديموقراطي بإتباع العلنية في عمله و
نشاطاته...
وهكذا
بدأت فعالية هذه القوى تلتقي مع أطر
وحالات أخذت تتبلور بعد خطاب القسم
الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد وما حمله
هذا الخطاب من أطياف وعود بالتغيير
والتطوير ..
وكان
على القوى صاحبة المصلحة بالتغيير أن
تتحرك باتجاه الدفع لإملاء هذه
الأطياف بحقائق تتجسد بتغيير للعمارة
السياسية القائمة والتي تفر ض
التطورات المتلاحقة
إعادة
النظر بالأسس التي تقوم عليها .. وهكذا
تم تعميم العلنية في كل الساحات بحيث
أقيمت أطر للعمل الوطني بالمشاركة مع
تعبيرات سياسية واجتماعية وثقافية ،
فقام منتدى الدكتور المرحوم جمال
الأتاسي ولجنة العمل الوطني لنصرة
فلسطين بحلب ، ومنتدى عبد الرحمن
الكواكبي فيها أيضا ، ثم انتشرت اللجان
الأهلية لنصرة فلسطين والعراق .. حيث
ركزت نشاطاتها على تفعيل دور الجماهير
بإقامة تجمعات ومظاهرات وندوات
مفتوحة، نصرةً للانتفاضة والعراق..
والدعوة لتعميم إرادة التصدي
والمقاومة لدى جماهير الشعب ومحاصرة
روح الإحباط والتيئيس التي تبثها
أجهزة الإعلام الموجَّهة لكل البنى
الاجتماعية والثقافية والحضارية بغية
موضعتها في خدمة أغرض وأهدافِ القوى
التي توجهها. ومن خلال توجهنا نحو
تحقيق التراكم واحتلال المواقع .. كانت
حركتنا محكومة بإرادة العمل طويل
الأمد والصبور والتمسك بالنهج
الجماهيري السلمي لمواجهة المهمات
المطروحة على الفعاليات الهادفة
للتغيير الديموقراطي .. وهنا قد يطرح
التساؤل نفسه .. إلى متى .. وهل يمكن أن
نقول أن خطوات قد تحققت مست المواقع أو
بعضها مما يحتاج للتغيير والتطوير ..
لقد
رفعت السلطة بكل قواها وتعبيراتها
شعار التغيير أولاً للاقتصاد ..
باعتباره رافعة للوضع وللتنمية
والحداثة .. وبعد مضي ما يزيد على
السنتين والنصف .. تشير أية جردة إلى
عدم تحقق أي تغيير .. وأفشلت
البيروقراطية .. وقوى الفساد والثبات
والاستقرار كل ما هدفت إليه مجموعة
القوانين والمراسم التي أحاطت
بالقضايا الاقتصادية وبالرأسمال .. وهي
في غالبيتها لم تمس حياة غالبية الشعب
..بل انصبت بمجملها تقريباً لتأمين
حلول لقضايا تشتكي منها المصالح
التجارية والصناعية .. ومع ذلك لم يتحقق
منها شيء فعلي ومؤثر .. وهكذا وصلت
مسيرة التطوير الاقتصادي إلى طريق
مسدود .. ولم يحدث أي تغيير قانوني أو
سياسي أو اجتماعي .. وجاءت الانتخابات
التشريعية الأخيرة التي حكمتها
الأجهزة الأمنية وقيدت من خلال /حالة
الطوارئ/ حركة المرشحين والناخبين .
فهل نقول كما قلنا بداية أن الدولة/السلطة
لا تولد ضدها ( تغيير ديمقراطي حقيقي) و
نغلق النوافذ..و نعود إلى الشكوى و
البيانات تلقى هنا و هناك..
إننا
نعتقد أن السياسة ليست طريقاً
مستقيماً تعرف بدايته و ترى نهايته..و
لو من بعيد ..و من يحمل الهم الوطني و
يعمل على رصف أحجار طريق خلاصه و تطوره
و تقدمه و بنائه..لابد أن يدرك أننا
لا نواجه نظاماً واحداً بل تحالف
أطراف النظام العربي جميعاً مهما
اختلفت مسمياتها على مواجهة المواطن
ودفعه للغربة عن قضايا الوطن و الأمة..وكل
ما ذكرت وما قلته لا يلغي مؤشرات
إيجابية تجسدت بالموقف المحايد الذي
تتبعه أجهزة الأمن أمام التحركات
والفعاليات الجماهيرية التي تحدث
تقريباً في كل المحافظات ولم يصدر عنها
أي إجراء يمنع أو يحول دون القيام بكل
الفعاليات.
إن
الرئيس بشار الأسد قال في مؤتمر القمة
العربي الأخير قال:
إن
هذه القمة استثنائية...تحتاج إلى قادة
استثنائيين..؟؟
ونقولها
الآن أن ما وصلت إليه الأوضاع في الوطن
و الأمة يستدعي خطوات وإجراءات
استثنائية تتجاوز كل الأطر القائمة
وتهدم كل المعيقات وتفتح الأبواب أمام
نسائم الحرية وكرامة وعزة المواطن
والوطن والأمة.
وهل
نقول كما قال عبد الناصر في فلسفة
الثورة في عام 1953:
{
لست أدري لماذا يخيل إليّ دائماً أن
في هذه المنطقة التي نعيش دوراً
هائماً على وجهه يبحث عن البطل
الذي يقوم به... هذا الدور ليس دور زعامة
إنما هو دور تفاعل و تجاوب مع كل هذه
العوامل يكون من شأنه تفجير الطاقة و
خلق قوة كبيرة في المنطقة ترفع من شأن
نفسها و تقوم بدور إيجابي في بناء
مستقبل لبشر }
و
حتى لا يساء فهم ما أقول...فنحن هنا لا
نقصر الدور على فرد أو فئة...فباعتقادي
أن ما هو مطلوب من الأمة و الوطن يستدعي
مشاركة كل قوى الأمة...القوى التي تؤكد
بأن الطريق نحو الأماني الكبيرة يبدأ
بالإنسان.... و من أجله ... ودون إقصاء أو
احتكار ولنعمل جمعياً من أجل عمارة
سياسية ديموقراطية في بلدنا وتقوم على
تعدد الأحزاب وحرية الصحافة وتبادل
السلطة بالوسائل السلمية,و إلغاء حالة
الطوارئ و الأحكام العرفية,و عودة جميع
أبناء الوطن إلى حضنه و طي صفحات
الثمانين و حل كل إشكالاتها,و إلغاء
العزل المدني عن كل من لحق به, أنها
دعوة لعمل جماهيري ديمقراطي سلمي يتسع
للجميع ويتطلب مشاركتهم خاصة وأن
العدوان الثلاثي الجديد يستهدف الوطن
و الأمة ...وجوداً و حضارة ومستقبلاً....
شكرا
لكم .
محمد
عبد المجيد
منجونه
أمين
سر اللجنة المركزية لحزب
الإتحاد
الإشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
ـــــــــــــــــ
(1)
كما صدر قانون السلطة القضائية 15/11/1961
اضعف استقلالها وربطها بالدولة ،
وأعطى رئاسة مجلس القضاء الأعلى لرئيس
الجمهورية ومن ثم لوزير العدل كما أصبح
4/7 أعضاء من المجلس ممن يخضعون للسلطة
التنفيذية.
(2)
قانون جهاز أمن الدولة يعفي العنصر من
أي مسائلة إذا ما أرتكب جرماً أثناء
ممارسته لمهمته.
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها |
|