عدل
القوة.. وقوة العدل
عدل
القوة نوع من الظلم يكون الظالم فيه
قادراً على ممارسة الظلم وعلى تمويه
حقيقته وتزويره برداء العدل..
يمتلئ
عالمنا المعاصر بصورة كثيرة (لعدل
القوة) الجماعي والفردي حيث يمارس
الأقوياء ألواناً من الظلم المقيت،
تحت عناوين العدل المزور أو المغصوب ضد
أمم وشعوب وأفراد، بطريقة تفوق ظلم
رجال العصابات وقطاع الطريق.
من
صور (عدل القوة) الأشد مأساوية في عصرنا
(الشرعية الدولية) التي فرضت على
فلسطين وشعبها الآمن الذي طرد من أرضه
ودياره تحت سمع البشرية وبصرها، ورفعت
فوق حملات تهجيره وتشريده رايات مفعمة
بالكذب على الحق والعدل والشرعية.
ومن
صور (عدل القوة) محاكم الأقوياء
المدججة بالقوة وبقوانين الظلم التي
تصدر أحكامها المؤدلجة أو المعممة
بعمامة العدل الكاذب.. وتجعل من تلك
الأحكام سلماً لتحقيق المآرب
والأغراض، وسلب حقوق الآخرين، وإيقاع
الظلم بهم.
ومن
صور (عدل القوة) أخيراً ما آل إليه أمر
الرئيس العراقي في نير القيد
الأمريكي، ليس لأن الرئيس العراقي في
رأينا فوق المحاسبة والمساءلة
والمحاكمة، فقد كان هو الآخر يفرض (عدل
القوة) بالأمس على مواطنيه، بل لأن
الذي ينادي بمحاكمة الرئيس العراقي لن
يكون بمنجاة من المحاسبة والمحاكمة
يوم يمتلك العدل قوته الذاتية، ويسود
حياة بني الإنسان.
وإذا
كانت الجناية تعظم بعظم الجريرة، فإن
ما جرته إدارة الرئيس بوش والإدارات
الأمريكية التي سبقتها على ملايين
الناس في العالم من أشكال الأذى المادي
والمعنوي يفوق أضعافاً مضاعفة جرائر
الرئيس العراقي على أرض العراق.
وهل
كان الرئيس العراقي وكذا كل المستبدين
الصغار في هذا القطر أو ذاك إلا إحدى
سيئات (الإدارة الأمريكية) في مراحلها
المتعاقبة. وهل جوع الجائعين وفقر
الفقراء ومرض المرضى، إلا نتيجة
مباشرة لسياسات الاستغلال، والإمعان
في الإذلال والتذويب التي مارسها
القوي المتغطرس.
ليحاكم
صدام حسين بقوة العدل المطلق الذي
ينبغي أن يأخذ مجراه على كل فرد من
أبناء الإنسانية، لا بعدل القوة الذي
يريده الرئيس بوش وجماعته.
وحين
يمتلك العدل أوراق قوته الحقيقية
والذاتية فإن الكثيرين من الذين
يجلسون اليوم على منصة العدل في العالم
ويتحدثون باسمه سيكونون داخل القفص
وعندها يمكن للإنسانية أن تتحدث عن
الخلاص وأن تحتفل به.
17
/ 12 / 2003
|