الاعتذار
عن القمة
المشاركة
في اللقاءات العربية، وفي مؤتمرات
القمة بالذات ليست نافلة يؤديها
المسؤول العربي حسب المزاج، أو حسب
حالة الطقس في بلده أو في البلد المضيف..
المشاركة في هذه اللقاءات هي جزء من
الواجب الأساس المناط بالمسؤول. والذي
ينتظر منه شعبه أن يقوم به خير قيام.
يتم
اللقاء بين الناس في العادة لكي
يتفقوا، والاتفاق المسبق يفقد اللقاء
معناه. نتمنى لو تشطب من جدول أعمال
القمم العربية الخطابات الاحتفالية
والكلمات البيانية، وتحذف سياسات
تسجيل المواقف التظاهرية، ليلتقي
المسؤولون العرب على قضايا خلافية
حقيقية تفرقهم ليخرجوا منها بحد أدنى
من الاتفاق أو الاختلاف.
لو
تأتى لحكام العالم قاطبة أن يديروا
ظهورهم لمشاكل شعوبهم، وأن يغمضوا
أعينهم عن واقعها ؛ فإن هذا غير متأت
لحكام العرب، وفي هذا الظرف بالذات..
لأن السكين قد وصلت إلى حلوقهم، ومهما
تلجلجوا في شبكة الصياد، فلن يستطيعوا
أن يخرجوا منها فرادى وإنما أملهم
الوحيد في حظ أدنى من الاتفاق.
يشير
بعض المتابعين إلى أن النظام العالمي
الجديد قد أفرغ النظام العربي من
محتواه. فلم يعد هناك ثقل عربي لقطر أو
رئيس.. وبالتالي فإن بعض الدول تبدو
قلقة على وزنها السياسي ودورها
المحوري وتشعر أنها لم تعد دولة أيام
زمان !!
ولكن
ألم يحدث في المجموعة الأوروبية أن بعض
بقايا دول المنظومة الاشتراكية قد
تحدت في لحظة الموقف الفرنسي والموقف
الألماني.. وفرنسا وألمانيا هما من هما
في بنية الاتحاد الأوروبي ؟!
ثم
من قال من جهة أخرى أن ساحة (الحوار)
البناء تعتمد على الثقل السياسي أو
البشري أكثر من اعتمادها على قوة الحق
القائمة في نفوس الجماهير من المحيط
إلى الخليج.
تنتظر
الجماهير والنخب العربية مشروعاً
نهضوياً عملياً، يفتح كوة النور في
النفق المظلم.. وعلى المسؤولين العرب
أن يؤشروا مجتمعين إلى هذه الكوة، وأن
ينخرطوا عملياً ومباشرة في قيادة
الركب نحوها.
الجماهير
العربية لا تنتظر قمة للخطابات، ولا
قمة للبيانات، ولا قمة للوعود.. وإنما
تنتظر قمة فاعلة لبرامج عمل آنية، تكون
انطلاقتها الأولى غرفة عمليات.
وحين
يستطيع المسؤولون العرب، ولو كثر
بينهم الجدل، وعلت منهم الأصوات، أن
يدشنوا المحطة الأولى لانطلاقة العصر،
وأن يطلقوا من خلال لقاءاتهم القطار،
سيشعرون أنهم دائماً بحاجة إلى المزيد
من اللقاء، وعندها لن يفرح المتخلفون
أو المخلفون بمقعدهم على قارعة
التاريخ.
1
/4 / 2004
|