العـداء
للإسـلام
منذ
أن انتهت الحرب الباردة توجهت
الاستراتيجية الغربية لنصب الإسلام
وأهله عدواً أساسياً تتجه لحربه
القلوب والعقول. واشتغلت دوائر
ومفكرون وساسة على نفخ الوهم في تضخيم
خطر أهل الإسلام على اختلاف مواقعهم.
لا أحد منا ينسى الخديعة الكبرى يوم
راح الاستراتيجيون الأمريكيون
يتحدثون عن العراق بوصف جيشه رابع جيوش
العالم !!!
كان
المنظرون الفكريون والساسة يضربون على
وتر التخويف من (الإسلام) ودعاته
والمنتمين إليه، وانغمس في اللعبة
المرذولة عينها أناس من بني جلدتنا
قدروا أن الوقت قد حان لتصفية حساباتهم
المحلية الصغيرة. وهكذا تشابكت السداة
واللحمة في صنع نسيج الخوف من الإسلام
تحضيراً للذرائع للعدوان عليه.
وجاءت
أحداث 11/9 في هذه الأثناء. وهي حدث عابر
في التاريخ الحديث، أريد له لأسباب
تتعلق بأصحابه وظروفه أن يكون نقطة
بداية جديدة في التاريخ الإنساني
العام. إن التقويم المجرد للحادث، على
فظاعته وما تسبب به من آلام، لا يستتبع
منطقياً الآثار التي رتبتها الولايات
المتحدة عليه.. ولو أن الحادث وقع في أي
دولة غير الولايات المتحدة لما كان له
أن يأخذ الأبعاد التي أخذها.
استثمرت
أحداث 11/9 لتعزيز نظرية الخوف من
الإسلام وشن الحروب العسكرية
والاقتصادية الاستباقية ضد دوله
وشعوبه في وقت واحد.
ولما
كانت حالة الضعف والتردي التي يعيشها
المسلمون لا تؤهلهم لخوض صراع غير
متكافئ في إطاره المادي، فقد انكشفت
المعركة عن هذه النتائج المحبطة التي
شاهدها الناس في أفغانستان والعراق.
وفي
ظلال هذا الضعف المزري والمخزي استمر
الغرب ببواعثه المختلفة (العقائدية ـ
والحضارية ـ والسياسية) لعبة إذلال
المسلمين وامتهانهم والسخرية منهم
وتجريدهم من أبسط حقوقهم الآدمية.
وهكذا
انتشرت في العالم هذه الأيام موجة (العداء
للإسلام) وهو الشعار العملي الذي حل
مكان بديله الوهمي (العداء للسامية)..
منذ أيام طرد نادل في فندق في الولايات
المتحدة لأن اسمه (محمد) ومنع الكثير من
الركاب من الصعود إلى
الطائرات الأمريكية لأن سحنتهم
شرق أوسطية، وفرضت شروط إضافية للمسلم
أو الشرق أوسطي الذي يريد أن يدخل
الولايات المتحدة، وهي شروط مهينة
بدون شك.. وتطور الأمر أكثر فتدخل
النظام الغربي (الأوروبي هذه المرة) في
شعائر المسلمين وملابسهم. وانتقلت
حركة العداء للإسلام من الولايات
المتحدة إلى فرنسا وتداعت لها إسبانيا
وألمانيا وماتزال المتوالية مفتوحة
على ساحتي الكم والكيف.
موجة
العداء للإسلام والكراهية للمسلم،
ولكل ما هو إسلامي تعم عالم الغرب هذه
الأيام والمسلمون كأمة ما أحسوا بألم
الإهانة بعد.. وشيخ الأزهر أكبر مرجعية
إسلامية يرى أن الأمر لا يعنيه، أنظمة
عربية تجردت من ثيابها، ونخب عربية
تجردت من انتمائها.. ولكن الساحة لم تخل
ولن تخلو من مسلمين يمسّكون بالكتاب
ويصرون على الثبات. وربما لا يقدر
أعداء الإسلام طبيعة المعركة التي
يفتحونها على أنفسهم ولا يتصورون
أبعادها !!
23
/ 12 / 2003
|