آخر تحديث يوم الأحد 03 - 08 - 2003م

.....

برق الشرق

الأجوبة السياسية ليست تلقائية ... ولا مباشرة

في التكونات النفسية والمعرفية للإنسان تكمن غالباً الأجوبة على كثير من الأسئلة، وترتسم المواقف من القضايا والوقائع. وغالباً ما تحدد هذه التكونات المواقف بطريقة تلقائية وآلية، أو بعبارة أخرى بطريقة مسبقة وقطعية، وكأن الوقائع المتغيرة، والعوامل المتشابكة المؤثرة فيها، محكومة بقانون من قوانين الطبيعة أو الفيزياء.

الحقيقة أن للوقائع والأحداث (فرادتها) وتداخلاتها، والحكم عليها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرؤية المبصرة لمقدماتها ونتائجها.. بحيث لا تنتظم الأسئلة والأجوبة في فراغ مطلق كما هو الحال في قوانين الطبيعة أو في فتاوى فقه العبادات مع قدر غير قليل من الخصوصية حتى في هذه الفتاوى.

ما يجري اليوم على أرض العراق بكل أبعاده، لا يمكن أن تصدر بحقه الأحكام بعيداً عن علم شرعي مكين، وملابسة حية للواقع، تدرك المقدمات والنتائج. والفتاوى في هذا السياق لا يمكن أن تكون مسبقة ولا مطلقة ولا منبتة عن سياقها الواقعي الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في طبيعة الرؤية وعمقها.

انساقت الجماهير الإسلامية وراء وقائع كثيرة أو ضدها في تاريخ الأمة المعاصر، بالموقف المسبق المصادر على المطلوب الشرعي القائم على (الفقه) الذي يعني الفهم العميق النافذ.

ثم يبدو أن الساحة العراقية محتاجة إلى صياغة دوائر للمرجعيات في مستويات مختلفة. مرجعيات نصوغ الموقف الإسلامي في أطره العامة والخاصة بحيث لا يبدو المسلمون أو علماؤهم يناقض بعضهم بعضاً، أو يرد بعضهم على بعض.

وأخيراً لابد أن يدرك الجميع أن العمل السياسي بكل أساليبه، يسعى إلى تحقيق ما يتفق عليه من أهداف، وأنه ليس ثمة ما يمنع في هذا السياق من الجمع بين أكثر من أسلوب، أو توزع بعض الأدوار.. سياسية واتفاقاً وليس تناقضاً واختلافاً.

إيماننا بالثوابت، وتمسكنا بها لا ينبغي أن يحول أبداً دون فقهنا للمقاصد وسعينا لها.

03 / 08 / 2003