آخر تحديث يوم الإثنين 09 - 06 - 2003م

.....

برق الشرق

ألو.. دمشق .. هذا ما قبل به الفلسطينيون ؟!

أخذنا على دمشق يوم أعلنت (نقبل بما يقبل به الفلسطينيون..) وأوضحنا يومها أن ما يقبل به (فريق أوسلو) لا يمكن أن يكون مقبولاً في سورية، لا رسمياً ولا شعبياً، وكذا لا عربياً ولا إسلامياً.

وبينا أن المطلوب من الحكومات والشعوب والنخب والأفراد من بني أمتنا أن تحتفظ ببقية الهيبة وبقية القدرة على قول (لا) في مكانها وإطارها. إن المشاركة في حمل عبء هذه الكلمة، والمجاهرة بها بدون مواربة، هو الذي يجعل من الصعب على الآخر أن يستفرد بقائلها ضغطاً أو إقصاء أو استئصالاً. كما أن عبء هذه الكلمة من ناحية أخرى أكبر من طاقة رجال المقاومة الفلسطينية منفردين، وإن كانوا أحق بها أهلها. كما أن المخادعة بالتماهي في المشروع الاستعلائي، وإلقاء عبء المعارضة على القوى الوطنية والشعبية هي ضرب من المكر السيء،الذي لا يحيق إلا بأهله. وسيشهد التاريخ على كل كلمة وقائلها.

وماذا بعد أن غدا خطاب فريق (أوسلو) الفلسطيني يبكي، لا يتباكى، على عذابات اليهود التاريخية، ومعاناتهم اليومية، ودمائهم المسفوكة بأيدي صبية فلسطين من أمثال السفاح (محمد الدرة) والقواتل (إيمان وآيات..) والإرهابية (هبة دراغمة)!!

ماذا بعد أن تعهد فريق (أوسلو) أن يمنع الماء والهواء والشمس عن المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، وحيثما كانت ووجدت. وبدأ يسعى ليعقد ضد هؤلاء المقاومين (حلف الفضول)، بأن لا يوجد مقاوم إلا واجتمعت الأمة على تجفيفه وخذلانه !! وبعد أن عرض هذا الفريق كما صرحت صحف شريكه المستضعف المقهور شراء سلاح المقاومة في عرض تشير دلالته الرمزية إلى أبعد من دلالته الظاهرية.

فهل قبلت أو ستقبل دمشق حقاً بما قبل به الفلسطينيون ؟! ولماذا لم نسمع حتى الآن موقفاً صريحاً يليق بالصفقة، يعبر عن رأي الشعب السوري وعن رأي السلطة الرسمية ؟

إن المنتظر من دمشق، في هذا السياق، موقفاً قومياً ووطنياً يتبنى خيار المقاومة، وإسناد المقاومين المتمسكين بحقوقهم وثوابتهم الوطنية والتي أقرتها الشرعية الدولة، على الأقل، والمتمثلة في تحرير كافة الأراضي المحتلة سنة 1967. وفي الحفاظ على حق العودة للاجئين الفلسطينيين. نقول على الأقل لأن هذا ما تستطيع أن تجهر بها أي دولة عربية دون أن تخاف من اتهامها بالإرهاب، أو التحريض عليه خارج إطار الشرعية الدولية.

المطلوب من سورية مراجعة شاملة لمواقفها القومية والوطنية التي انقادت إليها منذ احتلال العراق حتى اليوم. موقفها من احتلال العراق، واحتلال فلسطين، واحتلال الجولان. وموقفها من مشروع الهيمنة المفروض على المنطقة بكل ثناياه أبعاده.

المطلوب من سورية داخلياً أن تبادر إلى عقد مؤتمر شعبي لاقتراح مشروع وطني لتحرير الجولان المحتل منذ ستة وثلاثين عاماً، والذي لم يتوقف المعنيون في دمشق عند ذكرى احتلاله في الخامس من حزيران طويلاً !! وينبغي أن يكون برنامج التحرير مشتقاً من برنامج المقاومة الفلسطينية كنوع من الالتحام وإضفاء المشروعية، وقطع الطريق على كل من يحاول تصفية القضية الفلسطينية، وإخضاع المنطقة لمنطق راعي البقر.

لا يكفي أن نطالب (أبو مازن) بمراجعة تراجعاته في مؤتمر العقبة، ولا يكفي أن نكون دائماً بموقف المعلم للآخرين، دون أن ننغمس حقيقية في اللجة المضطربة للصراع بكل أبعادها.

ليس لسورية أن تعترض على (أبو مازن) وقد تعهدت بأن تقبل بما يقبل به، قبل أن تعيد النظر في تعهدها ومواقفها وفي سياساتها.

المنطقة بحاجة إلى جهد الفرد والجماعة والدولة والأمة لتعلو الكلمة الجامعة بغير لجلجة ولا وجل. وبعض الدهاء يكون حيناً ضرباً من الذلة والمهانة التي لم نرتضها لأمتنا قط.

كنا نتمنى للزوبعة التي ثارت في مجلس الشعب السوري حول (أكياس الخيش) أن تثور حول الجولان الأسير، وفلسطين الدرة المغتصبة وقد ألقي بها في سوق النخاسة.

9 / 6 /2003