برق
الشرق
أمريكا
والغرب في أعيننا
يحرص
الكير من بني جلدتنا على أن يكون
موقعنا في نفوس الغربيين جميلاً،
ونظرتهم إلينا راضية، وتقويمهم
لمواقفنا وسياساتنا إيجابياً. وهذا
بالطبع لن يكون إلا عندما يتلاقى
المشرق بالمغرب فلا يبقى الشرق شرق ولا
الغرب غرب.
وهو
أولاً لن يكون لحقيقة مطلقة جاءت في
كتاب ربنا حيث أخبرنا أنهم لن يرضوا
عنا إلا في حالة واحدة بينها لنا، وحدد
ملامحها، فلا معنى أن نطمع حيث لا مطمع.
وهو
ثانياً لن يكون لأن ثمة فارقاً أساسياً
بين نظرتنا ونظرتهم إلى الكون والحياة
والإنسان، وبين مسعانا ومسعاهم على
ظهر هذه المسكونة. فشتان بين مشرق
ومغرب.
وهو
أيضاً لن يكون لأن ثمة نوعاً من تضارب
المصالح بيننا وبينهم، فما يرونه
مصلحة نراه مفسدة، وما يسعون إلى
تحقيقه نبذل جهداً لدرئه.. يصفق
الأمريكي والأوروبي طرباً مثلاً، لو
أصبح برميل النفط بدولار، بينما يجب
فؤاد مالك هذا البرميل فرقاً وخوفاً لو
قيل له إن أسعار النفط ستسير إلى
انخفاض.
ويصفق
الأمريكي والأوروبي لو قيل له مثلاً إن
العرب الكرماء جداً الهينين جداً
اللينين جداً قد قرروا أن يتنازلوا عن
فلسطين كل فلسطين من بحرها إلى نهرها
للمعذبين في الأرض من أبناء يهود
المساكين، ويغضبون وينظرون باشمئزاز
إلى عربي مازال يحتفظ بمفتاح داره في
حيفا ويافا، ويلقن ولده أو حفيده أن له
هناك داراً اغتصبها أَفّاق، ويرمونه
بالجمود والتخلف والهمالة ومن ثم
بالإرهاب.
ولكننا
ندرك في الوقت نفسه أن الإنسان المسلم
مخلوق في أحسن تقويم، حسب التعاليم
الربانية لا حسب المقاييس الغربية أو
الأمريكية، ونرى أن ثمة عمليات تشويه،
عن جهل تارة، وعن حقد تارة أخرى تلحق
بشخصية العربي أو المسلم نتيجة تصرفات
غير مسؤولة وغير مدروسة وأحياناً غير
مختارة. وهذه إن أساءت فإنها لا ينبغي
أن تسيء إلا إلى أصحابها.. ونذهب في
الوقت نفسه إلى أن هذه الأفعال (الذرائع)
هي أقل بشاعة مما يقترفه يمين الأمريكي
والغربي من موقع المسؤولية والاقتدار،
وهما موقعان يجعلان كل فعل يحسب على
صاحبه لأنه يفعله عن إرادة حرة واعية
وقاصدة.
لا
يفكر الأمريكيون كثيراً في انعكاس
صورتهم، لدى شعوب العالم وهم ينشبون
مخالب تنين في عنق البشرية عبر شركاتهم
الاقتصادية عابرة القارات، فيمتصون
جهد الفقير، ويزيدون من عوز المعدم !!
ولا
يفكر الأمريكيون في انعكاس صورتهم،
وهم يجيشون الجيوش لاحتلال بلاد
الآخرين، وطمس هويتهم، وتجريدهم من
إنسانيتهم، ونهب ثرواتهم !!
ولا
يفكر الأمريكيون والغربيون كثيراً في
انعكاس صورتهم، وهم يدعمون مادياً
ومعنوياً جزاراً مثل شارون، أو يضيقون
على مقاومة مثل المقاومة الفلسطينية،
و يفرضون إرادتهم على حكومات الأصل
فيها أنها حرة مختارة !!
لا
يفكرون في انعكاس صورتهم، وهم يكيلون
بأكثر من مكيال فيملؤون ترسانة الكيان
الصهيوني بالنووي والكيماوي
والبيولوجي، ويحتلون العراق حرباً
للوهم، ويعلنون تهديداتهم صباح مساء
لإيران وسورية، وغيرها من دول العالم
العربي في ذرائع هم أدرى بحقيقتها !!
وإذا
كان البعض يصر على أن ينسب فعل أفراد
منعزلين ومعزولين إلى الإسلام، أفليس
من حقنا في هذا المقام أن ننسب فعل
شارون إلى دينه فنرى في الذبح الشاروني
فعلاً يهودياً ؟! أوليس من حقنا أيضاً
أن نرى في فعل بوش وقائده الذين
افتتحوا حربهم علينا بصلاتهم المقدسة،
وأعلنوها حرباً صليبية فعلاً مسيحياً
ينسب إلى الدين الذي ينتمي هؤلاء
الجلاوزة إليه.. ؟!!
إن
الإسلام الذي علمنا العدل والإنصاف
حتى ونحن نعاني أقسى حالات الضعف
لقَّننا (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا
تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى..) يجعلنا
قادرين على التمييز بين جرائم
المجرمين وسمو العقائد والمبادئ في
شريعة السماء السمحاء.
لا
يهمنا كيف ينظرون إلينا ما استقمنا على
الطريقة التي نؤمن، ولكن يجب أن تكون
نظرتنا إليهم هي إحدى ركائز التعامل
المتبادل.
17
/ 9 / 2003
|