صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 09 - 03 - 2002م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

رؤية

المعارضة السورية

  بين فقه اللحظة .. والساعة الخاطئة

زهير سالم ـ م . مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية والحضارية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(تعقيب على مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح الذي نشر في جريدة النهار بتاريخ 17 / 2 / 2002 تحت عنوان : المعارضة السورية : ساعة متأخرة وأخرى خاطئة)

في مقاله عن المعارضة السورية عبر صفحات النهار تاريخ 17/2/2002 خص الأستاذ ياسين الحاج صالح الإخوان المسلمين بالساعة الخاطئة في دعوتهم إلى جبهة الميثاق الوطني ، وفرع عن هذا الخطأ في التقرير الزمني ، عدة تحليلات ربما كانت موضع نظر هي الأخرى من قبل المعنيين بالدعوة إلى ( جبهة الميثاق ) المطروحة ...

مع أننا ابتداء نحب أن نشد على يدي الأستاذ ياسين في اعتبار النقد الموضوعي البناء ، ليس حقاً ، بل هو واجب تمليه المسئولية المشتركة التي يتحملها جميع أبناء الأمة وأبناء الوطن، تجاه الشأن العام، ومن هنا فإن أي ساع لتحقيق الأهداف، ينصت لتوجيه موجه، ونصح ناصح، أكثر من إصغائه إلى مديح أو ثناء ، وإن كان حب المديح أو الثناء مما لا ينفك عنه طبع بشر .. وهو داء يذم اليوم ويعاب في دويرات المسئولين وأصحاب النفوذ فكيف بالعاملين لرفع الضيم ، أو نصرة قضية ..

كما نحب أن ننوه أنه في عالم السياسة ، لا أحد يأخذ شرعيته من أحد ، فإذا كان ديكارت قد قال يوماً ( أنا أفكر فأنا موجود .. ) فمن حق كل سياسي أن يقول ( أنا أناضل فأنا موجود ) بغض النظر عن صوابية جهده ، أو سداد مقصده ، أو اتفاقنا واختلافنا معه . يبقى من كلام الأستاذ ياسين صواباً ومحكماً أيضاً انعكاس ما دعاه ( الشروط الموضوعية ) على موقف السياسي فليس الخلي كالشجي ، ولا من يملي أفكاره من قعر زنزانة رطبة ، أو من مجاهل الغربة ، كمن يتوكأ على أريكته ، ويمعن النظر في أعطافه !!

كانت اللفتة الأولى في نظرات السيد ياسين في سوء تقدير اللحظة السياسية السورية في شقيها الداخلي (الرسمي والمعارض) والخارجي، لدعوة الإخوان المسلمين إلى تشكيل جبهة الميثاق الوطني، وفي رأينا أن تقدير اللحظة من الأمور المتأرجحة التي تختلف فيها وجهات النظر ، وليس مما يقال فيه خطأ صرف أو صواب محض ..

ولم يفت الذين أطلقوا الدعوة إلى جبهة الميثاق ، دراسة متأنية للتوقيت وارتباطاته   وانعكاساته ، ومع ذلك فقد غلب على تقديرهم أن متعلقات الظرف الداخلي ، وتحديات الموقف الدولي أكثر إلحاحاً لإطلاق مثل هذه الدعوة ..

ربما قد يكون قيل لنا نفس الكلام يوم تم إصدار ميثاق الشرف الوطني ، مع أننا نعتقد أننا تريثنا أكثر في إصدار هذا الميثاق ، لإعطاء فرصة للعهد الجديد في سورية ، ليعيد صياغة موقفه الوطني ، إن كان في نيته أن يفعل ذلك ...

وقد لا نفجأ الأخ ياسين إذا أخبرناه أن الدعوة إلى تشكيل الجبهة قد آتت ثماراً مقنعة على الصعيدين الداخلي والخارجي للمعارضة السياسية . وإن كانت قد أزعجت من حيث لم ترد ، الحريصين على تكريس الوضع القائم على الاستئثار بالوطن : الإنسان ، والقرار .

وإذا كان إعلان الميثاق الوطني ، قد جاء متجاوباً مع نفحات التغيير الإيجابي الذي استبشر به الناس ، من خلال حركة سياسية داخلية ذات طموحات وطنية صرفة ، فقد أرادت جماعة الإخوان المسلمين أن تؤكد أن السياق الداخلي لمد الحركة السياسية ، يمكن أن يجد تنامياً إيجابياً بناء على صعيد مد الحركة السياسية الخارجية، ولكن الوصفة التي أريد لها أن تطمئن الآخرين، أثارت فيهم الخوف والفزع ... !!

أما الدعوة إلى ( الجبهة ) جبهة الميثاق ، فقد جاءت هي الأخرى رداً على حالة الانكفاء التي عاشتها تجربة التطوير الموءودة ، والتي تمثلت في إجهاض حركة المثقفين ، وإغلاق المنتديات ، وإعادة اعتقال أو اعتقال بعض رموز دعوة التغيير بمن فيهم : الأستاذ رياض الترك ، وعضوي مجلس الشعب: رياض سيف ، ومأمون الحمصي وآخرين ..

وكان لا بد لحركة الانكفاء هذه وما صاحبها من تصريحات ومواقف ذات طبيعة (شوفينية) تنأى كثيراً عن فقه اللحظة الوطني ومقتضياته ، من أمثال تكريس الفوقية (الحزبية)  أو (الفئوية) ، وإعطاء البعض حق الاستئثار بالوطن، وبحركته السياسية،  والتفرد بقراره، في فترة من أصعب الفترات وأدقها، إلى جانب المحاولات المخزية للاستعانة بالآخر الخارجي، على الآخر الوطني بمجاراة الواقع الدولي أو مداراته بتقديم وصفات جاهزة لمكافحة ما يسمى بالإرهاب،أو إعداد كباش محرقة للحصول على براءة ذمة ، أو شهادة حسن سلوك، من جهات طالما كان اضطهاد الإسلاميين سبيلاً إلى رضاها؛ نقول أنه كان لابد لحركة الانكفاء هذه من رد فعل وطني مكافئ، يقرع ناقوس الخطر، وينبه غافلاً، ويصحح موقفاً، فكانت الدعوة إلى تشكيل جهة الميثاق، وليدة اللحظة المناسبة، المتشابكة مع الوضع الداخلي دون غفلة أو تجاهل لمعطيات المدخلات الأخرى .

إن الحركة السياسية، لجماعة الإخوان المسلمين في إطارها الحالي، تتركز في ترسيخ الأرضية الوطنية المشتركة، التي يحق لكل فريق فيما بعد أن يطرح عليها برنامجه السياسي، وأن يقيم عليه، في حال كسب التأييد الشعبي، البناء الذي يعد به مواطنيه...

وبالتالي فإن ما ينصح به الأستاذ ياسين من الاندماج الإيجابي في البنية الوطنية، هو الهدف العملي التي تعمل الحركة عليه منذ وقت ليس بالقصير، والحركة لم تحاول قط في هذه المرحلة أن تحفر ولو أخدوداً حتى بين النظام و المعارضة، فكانت نداءاتها دائماً تشمل الجميع، ولا ندري كيف فاتت الأستاذ الكريم أن عبارة (حملة لواء التغيير الإيجابي) تشمل طيفاً واسعاً من القوى والشخصيات في شتى المواقع حيث شاع الكثير عمن يريد التغيير ولا يستطيعه !!

أما اعتبار الميثاق الأساس والإطار، فلم يكن قط شرطاً مسبقاً ،ولا قاعدة غير خاضعة للنقاش كيف والإخوان يقولون : بعد (مناقشته وإبرامه) !!

إن أي تحرك سياسي ائتلافي لا بد له من جهة مبادرة، ولقد تولت جماعة الإخوان المسلمين زمام المبادرة فطرحت ميثاق الشرف، وهي حين طرحته، طرحته مشروعا أوليا قابلا للنقاش، ثم وبعد أن تلقت طيفاً واسعا من التفاعلات الإيجابية، وجهت الدعوة إلى القوى السياسية، للقاء على طاولة مستديرة، يُتعمق فيها بالتفصيلات،وتتوسع فيها دائرة الرأي والمشورة، تكون (جبهة الميثاق الوطني) ، وهذا بحد ذاته اسم أولي مقترح يمكن أن يتغير أو يتبدل على ضوء معطيات الحوار،ليكون المهم في إنجاز جبهة سياسية واقعية تحشد الجهد الوطني في الداخل والخارج، لكسر حالة التقوقع والجمود المفروضة على الوطن، والمكرسة لمصلحة فئة محدودة على حساب أمن الوطن وكرامة أبنائه .

أما الجولة الأخيرة التي تحتاج إلى بيان فيما أورده الأستاذ ياسين... فهي فيما يتعلق بموقف المعارضة من النظام، وبالتالي بمتعلقات هذا الموقف الخارجية. إذ لا ينبغي أن يغيب عن ذهن متابع سياسي، أن دلالة الكلمة ترتبط بشكل مباشر بقائلها، فحديث صحيفة البعث أو الثورة، عن الوحدة الوطنية، أو التحديات الخارجية لا يمتلك نفس الدلالة التي يكتسبها هذا القول حين يصدر عن مشرد في الآفاق، أو أسير في قعر زنزانة.

ولقد جاهد الإخوان المسلمون خلال السنوات السابقة وبإحساس عالٍ بالمسئولية الوطنية لإسقاط جميع الذرائع التي يُحتج بها لإعطاء التنازلات للإملاءات الخارجية، وتصليب الموقف الرسمي من عملية التسوية،والتي لم تكن بالنسبة إلينا قط قضية حدود.

أما الحقيقة الأخيرة التي لابد من بيانها، فهي المفارقة الواضحة بين موقف الجماعة من التحديات الخارجية وموقف النظام، ففي حين تصر الجماعة على حشد كل الطاقات الوطنية لمواجهة التحديات الخارجية، وترفض بإباء لا محدود أن تكون ورقة ضغط على النظام في أي معركة من هذا القبيل، تأخذ بعض مراكز القوى المتحكمة في مفاصل النظام دور(أحمد شلبي) ومجموعته،فتستعين بالخارجي، على كل من خالفها الرأي، أو طالبها باليسير من التغيير على الصعيد الإنساني أو السياسي . فليست جماعة الإخوان المسلمين، ولن تكون من يراهن على أي دعم خارجي لإحداث أي تغيير في المعادلة الوطنية .

 وعلى كل ففي حسابات السياسة لا يمكن أن تكون المصالح دائماً هي سيدة الموقف، فللمبادئ أيضاً مكانتها في معادلة: العقيدة والتاريخ والوطن، ويبدو أن حظ المبادئ في معادلة الإخوان المسلمين أرجح وأكبر وهذا الذي أشكل على من ظن في الإخوان سوء تقدير فقه اللحظة ومعطياته. ففي فقه الإخوان دائما: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ويصرون على أن يفقهوا دائما (لنا) وليس علينا.    السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ