برق الشرق
الثأر
ركام
من اللحم والحديد والإسمنت والدماء،
هذه هي بغداد اليوم، بغداد التي لم
يدخلها هولاكو بعد، والتي أطلق عليها
تاريخا دار السلام!!
رائحة
اللحم البشري المحترق تنقلك تلقائيا
إلى صورة الركام المماثل في نيويورك
صبيحة 11/9/2000 نتيجة الجناية المنكورة .
تمائل الفعلين وتطابق النتائج ، تضعنا
أمام عملية ثأر بدائية حاقدة، تمارسها
إدارة امتلأت بالحقد، وتحكمت فيها
غريزة الانتقام ضد أمة تعد خمس سكان
العالم.
الفعل
المنكور الذي وقع 11/9/2000 في نيويورك كان
تصرفا لا مسؤولا لثلة من الناس تُسأل
هي عن أفعالها، ولكن عجز الإدارة
الأعظم في العالم عن النيل من تلك
الفئة خلال ثلاثين شهرا دفعها إلى
الثأر من اللحم الإنساني المستضعف من
العُزل: رجالا ونساء وولدانا في كابول
وقندهار أولا ثم في بغداد اليوم ثانيا
وبالأسلوب وبالطريقة التي تمت في (مانهاتن)
نيويورك نفسها .
يظن
أن الإدارة قد أخذت على نفسها أن تثأر
لما جرى في (مانهاتن) عبر الطريقة نفسها
من كل عاصمة عربية وإسلامية .
وإصرار
الإدارة الأمريكية على إطلاق رائحة
اللحم البشري المشوي، وسفك الدماء
الأبرياء لمزجها بالطين والإسمنت في
كل الحواضر، حسب ترتيب أولوياتها ،
جعلها تفقد كل أساس حضاري أو قانوني
لإدانة جناة (مانهاتن) ، إذ هي شريكتهم
في ( الشعور والفكر والسلوك ) وهذا ما
أجمعت قوى الخير في العالم على
استنكاره وإدانته
ما
تمتاز به الإدارة الأمريكية عن أؤلئك
هي سبقها الأولي إلى زرع الكراهية ورفضها للحصاد،
وقدارتها المتفوقة على تحقيق أهدافها
بشمولية اكبر، وعلى ساحات أوسع وفي وضح
النهار ، وعلى إلباس غرائز الانتقام
المستحكمة في نفوس الأشرار لبوس
المدنية أو إرادة الخير وحب الإنسان.
لقد
تركز الخطاب الحضاري والمدني الإنساني
منذ قامت الحضارة، ووجدت الشريعة لكسر
حلقة الثأر التي يغذيها الحقد والحرص
على الانتقام. إن الردة الأمريكية إلى
البدائية الأولى بما فعلته بالأمس في
أفغانستان، وبما تفعله اليوم في بغداد
تؤكد ان دائرة الثأر التي منهجتها
إدارة الشر في العالم سستتسع، وأن
رحاها ستدور، وستدفع الإنسانية ثمن
ذلك من أبنائها وأمنها وسلامها
وعلاقاتها.
وكما
ثأرت الولايات المتحدة من أفغانستان
على طريقتها، وكما تثأر اليوم من
العراق على طريقتها أيضا، وكما ستثأر
في الغد من الحاضرة العربية أو
الإسلامية التالية، كذلك فإن الآخرين
أيضا سيختارون زمانهم ومكانهم
وأساليبهم. دوامة الثأر التي تفرضها
الولايات المتحدة اليوم منهجا على
العالم تحتاج إلى مبادرات خيرة يقوم
بها أصحاب القلوب والعقول للتصدي
لأعاصيرها.
09
/ 04 / 2003
|