برق
الشرق
الصوت
السوري في مجلس الأمن
من
الجحر مرتين
كانت
موافقة سورية في مجلس الأمن على القرار
1441 اللدغة الأولى من الجحر الأمريكي.
وعلى الرغم من جميع عمليات التجميل
التي رافقت القرار وأعقبته ؛ إلا أن
القرار الإجماعي، بالفضل السوري،
حسب التأكيد والتفسير الأمريكيين
البريطانيين ؛ كان الأرضية التي اعتمد
عليها العدوان على العراق. وكم تبجح
بوش وبلير بالإجماع على القرار
الذي حذر العراق من عواقب وخيمة !!
سورية
كعضو في مجلس الأمن لا يمكنها إسقاط
قرار، ولكن كان بإمكانها بكل تأكيد خرق
الإجماع أو كسره، وهو ما كان منتظراً
منها على أقل تقدير.
مرة
أخرى تلدغ سورية من الجحر الأمريكي
بالتصويت الذي جرى في 28/3 على القرار 1472
الذي ينص على استمرار العمل باتفاقيات
النفط مقابل الغذاء، ويفوض الأمين
العام للأمم المتحدة بالإشراف على
تنفيذ الاتفاقية. وتصوغ سورية مع
المعتدين والطامعين إجماعاً آخر،
لتبدأ عمليات التسويغ والتجميل
والاستثناء والاستدراك على القرار
وحيثياته. حتى يضطر الدكتور ميخائيل
وهبة المندوب الدائم لسورية لدى الأمم
المتحدة أن يبين أن هذا التصويت لا
يعني بأي حال من الأحوال القبول
بالاحتلال الأمريكي البريطاني وإنما
مواصلة العمل من أجل وقفه وسحب قوات
الاحتلال من أرض جمهورية العراق، كما
يجب ألا يفسر هذا التصويت من أية جهة
على أنه منح أية شرعية لهذا الغزو !!
في
السياسة عندما تدلي بالكلمة، أو تتخذ
الموقف، ليس لك أن تفرض على الآخرين
طرق فهمه، أو استثماره لتحقيق مآربهم،
وتسويق سياساتهم.
إن
المطلب الإنساني الذي يتذرع به
المتسارعون إلى القرار، يعني رقع
الخروق المادية والاجتماعية التي
يحدثها العدوان الأمريكي على الشعب
العراقي.
إن
الذين يؤرق ضمائرهم جوع المواطن
العراقي، ينبغي أن يكونوا أكثر
انسجاماً مع هذه الضمائر فيتوقفوا عن
سفك دمه. ولن ينفع الرغيف حيث تسبق
القذيفة المدمرة أو الطلقة والشظية
القاتلة.
ولكن إلى جانب هذا المطلب
الإنساني الكاذب والمستعار هنالك
الوجه السياسي الذي تجاهلته سورية،
والذي يحتم عليها كقطر عربي أن تضطلع
بمسؤولياتها في مجلس الأمن، لأن من
متضمنات القرار 1472 من الناحية
السياسية، أن تطلق يد كوفي عنان في
ثروات العراق وأمواله !!
وكوفي
عنان، كما أثبتت تجاربه مع أمتنا، ليس
إلا موظف من الدرجة السابعة لدى
الإدارة الأمريكية والصهيونية أيضاً.
فلا
أحد من بني أمتنا ينسى دوره المهزوز في
تمييع قرارات مجلس الأمن يوم كلف بفتح
تحقيق عن المذابح التي جرت في جنين،
وسعيه المحموم لاسترضاء شارون
وعصابته، ثم إضرابه عن الموضوع،
وإلغاء التحقيق تواطؤاً مع مجموعة
القتلة في تل أبيب.
ومن
منا ينسى دوره القريب في سحب مفتشيه
خدمة للمآرب الأمريكية، وليس بقرار من
المؤسسة التي يمثلها، ويقبض
استحقاقاته الشهرية منها !! إن كوفي
عنان الأمين العام للأمم المتحدة
بالنسبة لأمتنا وشعوبها ليس بأمين.
نقول
لقد لدغت سورية من الجحر مرة ثانية،
وشاركت في صياغة إجماع دولي آخر لنهب
أموال العراق، وتبديد ثرواته.
المصالح
الإيجابية المتوقعة من القرار، كان
يمكن أن تتحقق بدون إجماع. وكان بإمكان
سورية أن تسجل موقفها بشمم وإباء في
رفض العدوان وكل نتائجه.
لقد
سقطت حتى الآن جميع السياسات
الاسترضائية والاتقائية، وهذا ينبغي
أن يكون معلوماً ومحسوباً ولم تبرد هذه
السياسات من حرّ تصريحات رامسفيلد
وتهديداته.
نحن
بحاجة إلى التوافق بين خطابنا في دمشق
والقاهرة وبين أدائنا في مجلس الأمن.
نظن
أن هذا ـ لا تثريباً ـ أقل المطلوب.
31
/ 3 / 2003
|