برق الشرق
السياسي
لا الأمني .. رؤية الرئيس الأسد
في
لقاء الرئيس بشار الأسد لوزير
الخارجية الدنماركي (بيرستيغ مولر) في
19/5/2003 في دمشق، أكد أن الحروب لا
تحقق الأمن والاستقرار والسلام بل على
العكس تخلق المزيد من الحرمان والغضب
والعنف. وأن الطريق الوحيد الذي يجب
على البشرية سلوكه هو التأكيد على الحق
والعدالة والسلام وهذه كلها يمكن أن
تكون نتيجة حلول سياسية عادلة، وليس
نتيجة حلول أمنية، فالحل السياسي هو
الذي يحقق الأمن والاستقرار.
أصبح
هذا الكلام، مع سلامته ووجاهته،
مدخلاً لمطلب سوري يتركز في نشدان
السلامة من أي مأزق قد تدفع الإدارة
الأمريكية السلطة السورية إليه. وهو
يعبر عن حالة من القلق يستبد برجال
السلطة في سورية، فيفزعون إلى مسلمات
في الفكر والسياسة طالما نبهوا إليها،
وطولبوا بها.
فمنذ
أن استلم حزب البعث في سورية السلطة،
قام على أساس (سلطوي ـ أمني)، ولم يقارب
أبداً أن يكون نظاماً سياسياً. وهو منذ
قيامه يتعامل مع مواطنيه تحت لافتة (ممنوع
تحت طائلة العقوبة..) لم يفتح النظام
السوري قط ملفاً لحوار وطني لا على
صعيد سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، بل
نكاد نقول ولا على صعيد أدبي. حيث حتى
الأدباء والشعراء مصنفون مسبقاً، وما
على المواطن إلا أن يقبل هذا التصنيف
ويذعن له، وعلى رجال الفكر والثقافة أن
يسبحوا ببرْكَته أو يُسبحوا ببركته !!
ولقد
أفضى كل هذا إلى ضروب من الاختلال في
الحياة السورية العامة، فانتشرت
الفوضى والفساد والانحلال، وتردت
الأوضاع الوطنية على كل صعيد. قد يشق
على الرئيس الأسد أن يعترف بمخرجات (النظام
الأمني)
الذي قام عليه حكم البعث طوال أربعين
عاماً، ولكن الواقع السوري بكل
مفرداته شاهد على صدق ما يقول الرئيس
بشار، وهو اليوم إذ يندد بالحلول
الأمنية، ويراها (تخلق الحرمان والغضب
والعنف). مطالب بأن يكون لرؤيته هذه
انعكاسها الإيجابي على سياساته فهو
اليوم أمام ما يطرح من رؤية صائبة (الطالب
والمطلوب)
يتقي
الرئيس بشار الأسد بهذه الحقيقة بعض ما
يتوقع من دولة استقوت على العالم، فهل
يكون فيها وقاية لشعب استقوى حكامه
عليه ؟! هل يخطر ببال الرئيس بشار، أن
يجرب الوصفة نفسها، فلعلها تولد في
سورية كما يقول (أمناً
وسلاماً واستقراراً). إذا لم ننس أن
الإدارة الأمريكية تعتقد أنها
باحتلالها للعراق قد فرضت فيه (الأمن
والاستقرار والسلام).
يتحدث
الرئيس بشار الأسد بعفوية وتلقائية عن
الحل السياسي الذي ينجب الأمن
والاستقرار، وعن الحلول الأمنية التي
تخلق المزيد من الحرمان والغضب والعنف
يتحدث عنها كمخرج للنظام من أزمة تحيط
به، وليس كقانون عام يدين به الإنسان
ويدان. إذا كان الحل السياسي هو الذي
يجلب الأمن والاستقرار كما يعتقد
الرئيس الأسد، فهل يستجيب الرئيس إلى
طروحات الملايين من أبناء الشعب
السوري الذين مازالوا ينادون، منذ أن
اغتصب منهم حقهم في حكم أنفسهم، بحوار
سياسي بناء، يضع أسس الاستقرار والأمن
والسلام الوطني، بعيداً عن سياسات
القهر والوصاية والإملاء والحلول
الأمنية الأمريكية سيئة الصنع والصيت.
21
/ 5 / 2003
|