آخر تحديث يوم الإثنين 24 - 03 - 2003م

.....

برق الشرق

رفات العظماء تنتفض غضباً في آخر عاصمة للإسلام

حين دخل قرصوة اليهودي على السلطان عبد الحميد، رحمه الله تعالى، بالأصفر الرنان، كانت خزانة الدولة تعاني من عجز شديد، وكانت القلاقل التي يحركها اليهود في أرجاء الإمبراطورية تُنقض ظهر دولة الخلافة، والجمعيات السرية، ذات الاتصالات المريبة، تنخر بنيانها، ومع ذلك قال السلطان بثقة وهدوء: (لا)، وصمم عليها، ودفع سلطانه ثمناً لها.

كانت فلسطين هي الصفقة المعروضة على السلطان أو على الأمة، وكان منطق الاستسلام الرخيص، ربما، يزين للسلطان أن يحتفظ بالكل بالتنازل عن الجزء، وأن مصلحة الدولة دولة الخلافة تقتضي أن يقول نعم، أو (لعم)، كانت الذرائع بين يدي السلطان كثيرة، وكان بإمكانه أن يبرم صفقته بليل كما يفعل الكثيرون؛ ولكن السلطان كان خليفة المسلمين، بل آخر خليفة فعلي للمسلمين، كان يخاف الله أكثر من الناس، وثيق بوعده أكثر من تعلقه بعالم الأسباب.

(لا) السلطانية التاريخية ما تزال تستمطر شآبيب الرحمة لروح قائلها العظيم من محبيه وناقديه على السواء.

واليوم في آخر عاصمة للإسلام، حيث تمتزج بالأرض الطيبة رفات أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وطلائع الفاتحين الأولين، مع رفات السلاطين العظام عثمان ومراد وسليم وسليمان ومحمد وعبد الحميد تنتفض رفات أولئك العظام غضباً، والطيب أردوغان يطأطئ الرأس، ويقول: نعم، ويتذرع بذرائع المعوَِّقين بكسر الواو المضعفة وفتحها، وينسى الدرس، درس السلطان القوي، وهو يخط على جبهة التاريخ (لا) يلقيها في وجه (قرصوة) ومشروع (قرصوة)، الذي انخرط فيه الكثيرون.

إن الشعوب المسلمة التي تطلعت طويلاً لترى مثل الطيب في سدة الحكم لتنتظر أداء يذكرها بماض لها مجيد. للتاريخ سياقاته، وللحظة ضروراتها، والعظام وحدهم هم الذين يستجيبون لسياقات التاريخ، ويتسامون على ضرورات اللحظة، فهل ننتظر من حزب العدالة والتنمية فقهاً يساير مقتضيات التاريخ ؟!

24 / 3 / 2003