أوصت
أن تدفن في مصر
الأميرة فادية
ابنة ملك مصر السابق فاروق التي توفيت
في سويسرا عن عمر يناهز سبعة وخمسين
عاماً، أوصت أن تدفن في مصر.
وبغض النظر عن
تقويم (فاروق) الملك المخلوع وتقويم
عهده، فإن اللفتة الإنسانية في وصية
الأميرة الطريدة لا يجوز أن تنسى.
حسب علم الحساب
فإن الأميرة المذكورة، قد خرجت من مصر
وعمرها سبع سنوات، وبالتأكيد أنها
عندما خرجت مع والدها إلى إيطاليا، ومن
ثم إلى العالم الواسع لم تعش حياة
الاغتراب ببعدها المادي، فهي لم تضطر
قطعاً إلى الجري وراء رغيف مغموس بذل
الاغتراب، كما أنها لم تعان في الوقوف
في طوابير طلب الإقامة في هذا البلد أو
ذاك، ولم تشعر لحظة أنها بحاجة إلى
ورقة رسمية تثبت بها اسمها أو تاريخ
ميلادها، ولم يوقفها شرطي مرور في
عاصمة من عواصم العالم الفسيح ليعلق
على أوراقها بكلمة ( أجنبية !!)، ولم تجد
نفسها أو أولادها فيما بعد، إن كان لها
أولاد وذرية، محرومة من حق التعليم. كل
ألوان الرهق المادي هذه، التي يشعر بها
المغتربون عموماً والمغتربون
القسريون بشكل خاص، لم يواجه الأميرة
المصرية المنفية في الغرب، فأسرتها، (
أسرة محمد علي باشا )، من الأسر
المحسوبة على الغرب في كل حلقة من
حلقاتها، ولا بد أنها ظلت موضع ترحيب
ملوكي حيثما حلت مع تقادم الزمان.
ومع كل ذلك يبقى
للاغتراب ثقله النفسي، ويبقى للحنين
للوطن، وإن كان انتماء عمره سبع سنوات
مغزاه ومعناه.
يخرج الإنسان من
وطنه راغباً أو مضطراً، ولكن وطنه لا
يخرج منه مهما طال الاغتراب. تظل
الأحلام، وأضغاثها تحوم في كل ليلة حول
المربع الأول، والأهل والعشيرة ويظل
حديث الصباح مع كل فنجان قهوة، حول
البيت والحي، الشقيق والشقيقة والصاحب
القديم، أو الشارع الذي تغيرت ملامحه،
حول المسجد والنادي وما جرى وما يمكن
أن يجري.
في وطننا العربي
الكبير يبقى مغتربو الحرية والتحرر
انموذج عزاء للشقيق الفلسطيني فكلنا
في الهم غرباء.
ويستمر النداء
عاماً بعد عام ...
نحن بخير اطمئنوا
وطمنونا عنكم
ويبقى السلمون
مستعداً دائماً لقطع المفاوز ليدفن
حيث ولد.
|