برق
الشرق
الثامن
من آذار
الثورة
.. والأهداف
يعتبر
صباح الثامن من آذار سنة 1963، نقطة تحول
أساسية في تاريخ سورية الحديث، حيث
خيمت حالة الطوارئ على القطر منذ ذلك
التاريخ، وباضت وفرّخت سلبياتِها
المختلفة على المستويات: العقائدية
والفكرية والاجتماعية والسياسية.
إن
تقويم نجاح أي مشروع أو إخفاقه، لا
يخضع للمعيارية المزاجية أو المصلحية
أو الذاتية، وإنما ينبغي أن يؤسس على
التقويم الموضوعي الذي يرتبط ارتباطاً
مباشراً بالأهداف التي قام المشروع
أصلاً لتحقيقها.
لقد
كانت أهداف ثورة (الثامن من آذار) ولا
نظن أن أحداً يمارينا في ذلك، فهي
أهداف معلنة، كررت طيلة أربعين عاماً
حتى اهترأت الكلمات والحروف؛ هي تحقيق:
الوحدة . والحرية . والاشتراكية . مع
مراعاة الترتيب والنسقية، وقد قامت
جدالات بيزنطية عنيفة حول أهمية
الترتيب، وهل تسبق الوحدة الحرية أو
تتقدم الحرية على الوحدة ؟!!
حين
تقوّم الثورة على أساس أهدافها
المعلنة، بترتيب أو دون ترتيب، فلا نظن
أن عاقلاً يمكن أن يدعي علينا، أن
الثورة قد حققت شيئاً من هذه الأهداف
أو قاربته مع العلم أن أربعين عاماً
كمعطى زمني ينتقل بالرضيع من حالة
الضعف المطلق فتبلغ به أشده.
بل
إن عاقلاً لا يستطيع أن يمارينا، أن
العرب قبل صبيحة الثامن من آذار سنة 1963،
كانوا أقرب إلى الوحدة منهم اليوم بعد
أربعين عاماً، مرّ على الجهود
المخلصة الصادقة ـ
حسب المفترض ـ لتحقيق الحلم المنشود،
ومع أنه توفرت من الفرص والظروف للحزب
القائد، ما كان يمكن أن يعينه على
تحقيق الوحدة مع العراق على أقل تقدير،
ولو نجحت هذه الخطوة منذ زمن مبكر،
لكان حال المنطقة، ربما غير حالها
اليوم، ولكان الجولان محرراً ربما،
ولكان وضع فلسطين غير ما هي فيه.. ولو
نجحت تلك الوحدة تحت راية الحزب
القائد، ربما لانضمت إليها أطراف أخرى
وو..
ولكن
جهود أربعين عاماً لتحقيق الوحدة قادت
الأمة: نخباً ومثقفين إلى ما يشبه حالة
اليأس من هذا المطلب الاستراتيجي،
وألقت بها بعيداً بعيداً في أعماق بئر
التجزئة والهوان.
أما
الحرية، فإذا كان ترتيبها عند
القائمين على الثورة تالياً، فهي
بالتأكيد وحسب منطقهم، لن تكون أحسن
حالاً من شقيقتها الكبرى. ومن هنا فقد
ظلت حالة الطوارئ هي الربيع المشتهى في
دمشق الثورة، حتى حيل بين أعضاء مجلس
الشعب وبين كلمات قالوها فأدت بهم إلى
حيث ألقوا رحالهم في أعماق الزنازين !!
وكانت
الاشتراكية ـ هدفاً ـ ثالثة الأثافي
كما يقولون، حيث عمم الفقر، واشترك
الناس في الحاجة، وهربت أموال القطر
وثرواته إلى الحسابات السرية الخاصة،
وانتشر الفساد بين الناس، وكان من أمر
الثورة في بعدها الاقتصادي، ما أشار
إلى بعضه الرئيس الشاب في خطاب القسم !!
الثامن
من آذار: الثورة، انقلبت على أهدافها،
وكان الإنجاز على المحاور أجمع نقيضاً
لما طرحه المؤسسون، وفكر فيه المفكرون.
الثامن
من آذار: ثورة أو انقلاب سؤال تجيب عليه
الأهداف، وليس المستفيدون أو
المتضررون. ونظن أن ما تقوله الأهداف
لا يحتاج إلى تأويل
المأولين وتعبير المعبرين.
8
/ 3 / 2003
|