بين
الإرهاب والمقاومة
من
خلط الأوراق؟
حبل
سري دقيق يربط الكثير من الصحفيين
العرب بمصدرهم الأول. تجد الكرة تتجه
من أقدام مختلفة نحو مرمى واحد. تدرك أن
وراء الأقدام رأساً موجهاً واحداً. ثمة
هدف مطلوب يريده دافع الأتعاب.
لا
أحد من العرب والمسلمين يمتري في خطورة
الخلط بين الإرهاب والمقاومة. قد يختلف
بعض الناس في توصيف الأفعال أو فرزها
ولكن خطورة الخلط ليس محل امتراء. في
حين أقدم بوش جهاراً نهاراً على خلط
هذه الأوراق حين صنف قوى المقاومة تحت
عنوان الإرهاب. وحين وصم كل من ليس معه
بأنه ضده، أي في صف الإرهاب، يطلع
علينا من يحملنا نحن أبناء الأمة
مسؤولية الخلط المنكود:
يقول
كاتب عربي (!!) (رؤية الأمريكيين للعالم
العربي اقتربت من الخلط ـ أي بين
المقاومة والإرهاب ـ الذي نجحت
الجماعات المتطرفة هنا وهناك في
تسويقه).
وتقول
كاتبة عربية (!!) في نفس الصحيفة والصفحة
واليوم (إن الفرصة سانحة جداً لفصل
مفهوم المقاومة عن الإرهاب وفصل حقيقة
العرب والمسلمين عن الصورة المغلوطة
التي يتم تقديمها عنهم وباسمهم..)
إذا
المسؤول عن خلط الأوراق هذه الشيخ أحمد
ياسين وعبد العزيز الرنتيسي اللذان
قررا مقاومة الاحتلال بطريقة غير
الطريقة التي يحبها هذا الاحتلال. ففي
مفهوم هؤلاء علينا أن نقاوم الاحتلال
بالطريقة التي يختارها هو، وليس
بالطريقة التي تساعدنا على تحقيق
أهدافنا. ينبغي أن تكون مقاومتنا غير
مؤلمة للعدو، ولا جارحة لشعوره
الحضاري المرهف جداً!!
إذا
كان الاحتلال يتأذى من الخطاب
الإسلامي الذي يضع المعركة في إطارها
الصحيح، فعلينا أن نسقط الخطاب
الإسلامي لكي لا نتهم بالتعصب المقيت،
الذي يتنافى وروح القرن الحادي
والعشرين!!
وإن
تأذى الاحتلال من رميه بزهرة الفُل (لئلا
يفل) وطالبنا بأن نرميه بالنرجس أو
الياسمين فعلينا جميعاً أن نشتغل في
زرع وقطف النرجس والياسمين لنحرز وسام
المقاومة والمقاومين.
الشيخ
أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي
وحماس والجهاد وكل من دفع قرشاً ليتيم
فلسطيني، حسب مثقفي العربية المقعدين،
هم الذين شوشوا مفهوم المقاومة،
وخلطوه بمفهوم (الإرهاب) الأسود أو
الأصفر. وعلينا جميعاً أن نعزلهم
وندفنهم لكي تسلم لنا المقاومة التي
يفضلها بوش، ويحلم بها شارون.
بوش
وحده الذي يرسم لنا الطريق، وحده الذي
يعلم، وحده الذي يفاوض، وحده الذي
يبارك، وحده الذي يعلمنا ما ينفعنا وما
يضرنا. وحده الذي يقبل عطايا شارون
الإيجابية التي يعسر على عقولنا
فهمها، وحده الذي يضحك على شارون
باسمنا فيمنحه بعض الحقوق الزائفة من
أرضنا أو من وعد منسي بالعودة.. بوش
وحده هو الذي يقرر ما هو إرهاب وما هو
مقاومة وقد قرر أن حماس والجهاد وحزب
الله، وأهل العراق في الفلوجة والنجف
وكربلاء كلهم إرهابيون، فعلينا أن
نتبرأ منهم، وأن نسلمهم بأريحية
لقذائف شارون الذي يمهد طريق السلام
بحصد الأشواك فيه، الأشواك التي
يمثلها هؤلاء الإرهابيون الذي نجحوا
في خلط الأوراق!!
خلط
الأوراق خطر ومرفوض، ولكن أمتنا تعرف
موقعها جيداً وتعرف موقفها جيداً،
وتعرف أوراقها جيداً.
28/4/2004
|