آخر تحديث يوم السبت 24 - 01 - 2004م

.....

بوش

رسالة كراهية

نعلم أن للشعب الأمريكي اهتماماته وقضاياه، وأن أمنه ورفاهه يقع في رأس سلم أولوياته. الحقيقة التي يمكن إبرازها في الواقع العالمي الراهن أن أمن الشعب الأمريكي ورفاهه، مع أنهما مطلبان شرعيان يحق لكل مواطن في العالم أن يطالب بهما حكومته، لم يعودا شأناً أمريكياً داخلياً، بل أصبحا شأناً عالمياً بفعل موقع الولايات المتحدة على رأس الهرم العالمي من جهة، وبفعل التطورات التكنولوجية والاقتصادية التي يشهدها العالم تحت عنوان العولمة (الثقافية ـ والاقتصادية) من جهة أخرى.

من حق المواطن الأمريكي، بل من واجبه، في موقعه، المحلي والعالمي، أن يتلمس ظله العام وصورته في مرآة الآخرين، كجزء من تقويمه لسياسات رئيسه بعد جولة من الأداء السياسي، الذي يفخر هذا الشعب بامتلاكه أوراقه كل أربع سنين.

ولن نفشي سراً إذا أنهينا إلى هذا المواطن أن صورته، وصورة بلاده، أصبحت أكثر بؤساً وقتامة في عهد الإدارة التي أسند أمرها إلى الرئيس الحالي (بوش). لقد أصبح الأمريكي في نظر الشرائح العظمى من سكان العالم، ولاسيما الشرائح المفكرة والمثقفة، الإنسانَ المتعجرفَ المكروهَ.

لا نتحدث هنا عن سكان بقعة من بقاع العالم، لا نتحدث عن إنسان الشرق الأوسط، ولا عن الفلسطيني المذبوح بالسكين الأمريكية، ولا عن الأفغاني الذي دمرت سياسات بوش كوخه، ولا عن العراقي الذي احتلت إدارة الرئيس بوش وطنه لتحمي المواطن الأمريكي من أسلحة الدمار الشامل (الصدامية)، فإذا الحديث عن هذه الأسلحة مجرد هراء.. نحن هنا نتحدث عن الإنسان البريطاني (تأمل كيف استقبل الشعب البريطاني) بوش، ونتحدث عن الشعب الفرنسي وعن الألماني والروسي والسويدي.

لقد كان على المواطن الأمريكي أن يدرس عوامل نشأة رئيسه وسلوكه العام أيام صباه وفتوته بشكل أفضل. لقد أثبت بوش أنه حامل رسالة كراهية إلى العالم أجمع فبادله العالم الموقف بمثله، الخطير في الأمر أن ردة الفعل هذه لم تكن مقتصرة على الرئيس وإدارته، وإنما امتدت لتشمل الشعب الأمريكي والدولة الأمريكية.

الإدارة (البوشية) التي تسعى على عماء إلى بناء الإمبراطورية الأمريكية لا تحتل في الضمير البشري العام مكانة أفضل من مكانة (النازية) أو (الفاشية) أو أي حزب شمولي كانت لجنته المركزية تعتبر نفسها الحاكم بأمره في هذا البلد أو ذاك.. إذا كان العالم قد اكتشف في العراق القطر الصغير هذا الكم من المقابر الجماعية، فإن سياسة الرئيس بوش وإدارته تعمل على ملء كل سهل وجبل على ظهر المسكونة بهذه المقابر.

رسالة الكراهية التي بعثتها الإدارة المغرورة إلى كل شعوب العالم مُرّة، وأول من سيعاني من مرارتها الشعب الأمريكي الذي يعتبر من أكثر الشعوب مسؤولية لأنه من أكثر الشعوب قدرة على الاختيار.

24 / 1 / 2004