برق
الشرق
بين
استحقاقات الشراكة الأوروبية
واستحقاقات
الشراكة الوطنية
تضع
الحكومة السورية استحقاقات الشراكة
الأوروبية على رأس أولولياتها. وتتعلق
سورية بالأبعاد الاستراتيجية لهذه
الشراكة أكثر من تعلقها بالأبعاد
الاقتصادية. ذلك أن سورية، في هذا
الظرف الذي تعربد فيه الولايات
المتحدة في منطقتنا، تبحث عن جدار
استنادي تأوي إليه ولو قليلاً في وجه
العاصف الأمريكي.
استحقاقات
الشراكة الأوروبية من جهتها أكثر
تعلقاً بالإصلاحات الداخلية السورية (السياسية
ـ والاقتصادية) بينما تبدو الولايات
المتحدة أكثر شغفاً بسياسات سورية
تجاه (الإرهاب ـ حسب المنظور الأمريكي
ـ وإسرائيل والعراق). وتتغاضى الولايات
المتحدة عن الملف الداخلي، إلى حين
يتاح لها ترتيب أوراقها على ساحة يبدو
لها أنها أكثر تعقيداً وأصعب مراساً !!
تبدو
الخطوات السورية حثيثة في اتجاه
الاستحقاق الأوروبي مدفوعة برغبة قوية
في قطع الطريق على الإملاء الأمريكي
الذي تنساق معه سورية ملجأة هي الأخرى
ولو إلى حين !!
وبين
سياق الرغبة وسياق الإكراه تبدو
استحقاقات الشراكة الوطنية مؤجلة أو
معطلة، فالقوى الوطنية على مكانتها،
ماتزال الجانب الأضعف، أو التي يظن
فيها الضعف، الذي تحاول الحكومة
السورية أن تميل عليه !!
في
حقيقة الأمر يبدو ملف الشراكة الوطنية
بكل أبعاده صاحب الأولوية المطلقة
للخروج من (النفق) التاريخي إلى ساحة
العصر لاستبدال الاحترام بالشفقة
ومقابلة التحدي بأخيه.
إن
المراهنة على أصالة المواطن السوري،
وبصيرته وحسن تقديره، وإن كانت مراهنة
رابحة وفي مكانها الصحيح، إلا أنها من
جهة أخرى لا تجوز أن تسير بهذا المواطن
في وديان اليأس والقنوط واستشراء
العداوة والبغضاء حيث تعج الساحة بمن
يرود ويرتاد !! ليس سياسياً محنكاً ذاك
الذي يصرف أبناء وطنه بالضعف، ويفسر
طهرهم وأصالتهم وترفعهم بالعجز.
فالعاجز الذي يضيع ولا يحفظ، ويفرق ولا
يجمع، وينبذ ولا يجذب، وقديماً قالوا (إن
البعوضة تدمي مقلة الأسد)
حين
يطول الليل، ليل اليأس، سيفلت الأمل من
المستمسكين به، وسيحاصرهم من يتهمهم
بالقبض على الوهم، وستجري الموازنة
بين عصفور في اليد وعصافير على أشجار (البيداء)
!!
أسباب كثيرة تنتزع الأولوية
للشراكة الوطنية وتقتضيها حقيقة
ناجزة، وأساساً قويماً لانطلاقة أفضل.
فإذا كانت الشراكة الأوروبية المدعومة
بالرغبة، والأمريكية المفروضة بالقوة
؛ مجرد عقد يكون أو لا يكون، فإن
الشراكة الوطنية هي الحقيقة الجوهرية
الراسخة العتيدة التي غيبها رماد
الإحن، ومزق أواصرها سوء الظن بالأمس
واليوم والغد.
الشراكة الوطنية أكبر من
عقد، وأكثر من ضرورة، إنها الحقيقة
الغائبة أو المغيبة بفعل الأثرة، أو
سوء التقدير والتدبير فمن يميط عن جوهر
العلاقة الوطنية الرماد.
01
/ 07 / 2003
|