بين
محاكمتين
عزمي
بشارة ... ورياض سيف
زهير
سالم ـ م . مركز الشرق العربي للدراسات
الاستراتيجية والحضارية
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتعرض المناضل
العربي عزمي بشارة - عضو الكنيست
الإسرائيلي - إلى محاكمة نازية عنصرية
بتهم ملفقة ترتكز على تصريحات أدلى بها
في إطار قيامه بحق المسؤولية المناطة
في عنقه على الصعيدين : الفلسطيني
والقومي ...
وبنفس الأسلوب
يتعرض عضوا مجلس الشعب السوري رياض سيف
ومأمون الحمصي،
إلى محاكمة من النوع نفسه بذرائع
سلطوية ترتكز هي الأخرى على مواقف
اتخذها عضوا مجلس الشعب أداء للأمانة
التي وضعها المواطن السوري في عنقيهما
..
المراقبون هنا
وهناك، يجمعون على أن المحاكمتين
سياستان، أو بتعبير أدق سلطويتان ...
وإذا كان المرء
يستنكر التصرف الصهيوني بحق المناضل
العربي ولا يستغربه، فهذا الكيان ما
قام أصلاً إلا على العنصرية والإرهاب
والاستلاب، لإذلال المواطن العربي
الفلسطيني وتجريده من كافة حقوقه ...
فإن ما جرى على
الصعيد السوري هو موضع الاستنكار
والاستغراب؛ فلقد ضاقت ساحة الحرية في
سورية حتى استكثر الممسكون بزمام
السلطة أن يكون في مجلس الشعب السوري
طوال ثلاثين عاماً، رجلان فقط، يعلمان
أن مهمتهم الحقيقية هي غير التسويغ
والتصفيق ...!!
ثلاثون عاماً،
وأعضاء مجلس الشعب يقولون ما يقال لهم
... حتى أنهم عدلوا الدستور في دقائق
معدودة، في واقعة ما تزال موضع التندر
والسخرية، وجعلت منهم _أي أعضاء المجلس-
مثَلَ السوء للبرلمانات العربية ... !!
كان المنتظر من الممسكين بالسلطة،
في سورية، أن يتركا للفُرجة الضيقة
التي يتحرك من خلالها النائبان مساحة
أوسع، على الأقل في عملية تظاهرية،
تعطي للانفراج السياسي في العهد
الجديد بعض معناه...
ثمة مفارقات أخرى
أشد إثارة للألم في محاكمة عزمي بشارة،
ورياض ومأمون، يمسك عنها القلم،
احتراماً للذات الوطنية، ورغبة عن
إعطاء الأعداء مسوغاً للشماتة، أو
الادعاء ...!!
إلا أن الذي لا
يستطيع المرء أن يغفله، ويرى من واجبه
أن يشجعه ويحييه هو موقف المحامين
السوريين، الذين توقفوا عن المرافعات
أمام جميع المحاكم لمدة ساعة (11-12) من
ظهيرة يوم 27 /2/2002/ تضامنا مع المناضل
العربي عزمي بشارة، وتشكيلهم كذلك (
هيئة الدفاع القومية ) للدفاع عنه وعن
مواقفه الوطنية والقومية ... بادرة يرجى
لها أن تكون أول الغيث في موقف
المحامين السوريين الذين كانوا بحق في
تاريخ القطر حماة القانون، والمدافعين
عن حقوق الإنسان .
في تصريح للسيد
أحمد عيدو نقيب المحامين السوريين
لوكالة الأنباء السورية سانا قال : ( ...
إن توقف المحامين عن المرافعات في جميع
أنحاء الجمهورية العربية السورية يدل
دلالة قاطعة، على تأييد المحامين
واستعدادهم للدفاع عن المناضل عزمي
بشارة الذي يمثل صوته صوت كل إنسان حر،
وكل عربي شريف ...)
ترى ما هو رأي
السيد النقيب لو أننا استبدلنا اسم
رياض سيف أو مأمون الحمصي أو أي مضطهد
سوري آخر باسم عزمي بشارة، لا
استكثاراً للتأييد الممنوح للمناضل
العربي، وإنما تعميماً للتجربة
الوطنية والإنسانية ..
إن هؤلاء الرجال
الأحرار الذين زُج بهم منذ أشهر وراء
القضبان بذرائع سلطوية واهية، لا تقل
عنصرية وشوفينية عن ذرائع الأعداء،
إنما تأتي فظاعتها من كونها طعنة ذوي
القربى، وقديما قال العربي:
وجرح ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام
المهند
نتمنى أن يسمح
السيد نقيب المحامين في سورية أن نردد
ما قاله بشأن عزمي بشارة، ببعض التصرف،
فقط ببعض التصرف، وهذا التصرف اليسير
هو أمل كل مواطن سوري في المثقفين من
أبناء الوطن وفي جميع مؤسسات المجتمع
المدني والسياسي. (... مطالبين السلطات،
والقوى والنقابات والأحزاب السورية،
والهيئات والمنظمات الدولية بضرورة
بذل أقصى ما تستطيع من جهود لإجبار
الجهات السلطوية على وقف ممارساتها
القمعية واللاإنسانية، ضد أبناء
الشعوب العربية، والاعتراف بالحقوق
المشروعة للشعوب...)
إنها دعوة مخلصة
للتضامن مع المناضلين الشرفاء
والأحرار في كل مكان: مع عزمي بشارة
ورياض الترك ومأمون الحمصي والمعتقل
المجهول في أعماق أي زنزانة من زنازين
الإرهاب العالمي والمحلي، مهما كان
لونه أو ذرائعه، دعوة إلى حرية الإنسان
في كل مكان ..
01 / 03 / 2002م
|