آخر تحديث يوم الأربعاء 25 - 12 - 2002م

.....

برق الشرق

باول والوعد الأمريكي

لم يفجأ باول أحداً من أبناء المنطقة بوعوده الزئبقية اللامعة. فالإدارة الأمريكية التي ورثت عن الغرب العهدة برعاية الاستبداد والتستر على المستبدين في المنطقة، رأت نفسها مضطرة هذه المرة للتلويح /بالجزرة/ على محورين: محور المستبدين أنفسهم بالحديث عن /كم/ من المساعدات المالية تجبر الكسر، وتعين على تجاوز الاختناقات. ومحور الشعوب الرازحة تحت رحى الاستبداد الأمريكي غير المباشر وذلك بالحديث عن ديمقراطية موعودة تحمل للشعوب السمن والعسل.

باول لم يشعر بالتناقض في (وعديه). لأنه كتب أو قرأ ما كتب له في فراغ مطلق، منه خرج وإليه عاد.

وباول: لا يشعر بالاختناق الحضاري الذي فرضه المستبدون على شعوبهم منذ قرن مضى، وهم يجهدون يائسين لتثبيت مواقعهم، مستعينين بإدارته في تجلياتها المختلفة، وباول الذي يرعى الآن معتقل (غوانتا نامو) لا يعلم أن سياسات إدارته قد جعلت من كثير من أقطار العالم العربي /غوانتا نامو/ كبير تُخنق فيه الكلمة، وتوأد البسمة.

وأخيراً.. فإن باول لا يدرك طبيعة هذه الشعوب المجهدة، المغلوبة، الكسيرة، التي يراودها عن نفسها لتبيعه (العراق) الإنسان والحضارة. العراق: الأب والأم. الأخ والأخت. الابن والبنت

لو أن باول وضع كل ثروة بلاده وكل إمكاناتها في كفة، ثم راود هذه الأمة عن أظفر عراقي واحد، بل عن أظفر فرد واحد من أبنائها، من طنجة إلى جاكرتا، لشالت كفة نقده لا وعده !! أولى بباول، وبالإدارة التي يمثلها، أن يبحث عن مرتكزات جديدة لخطاب هذه الأمة. وعن الممثلين الحقيقيين لروحها. ونظن أنه لو فعل سيجد آفاقاً سامية للتأسيس لعلاقات حضارية بناءة تدفع الشر والأشرار، وترسي قواعد الخطاب على الكلمة السواء. التي طالما دعونا العالم إليها.

25/12/2002