آخر تحديث يوم الثلاثاء 17 - 06 - 2003م

.....

برق الشرق

بوش إذ يحرض على المقاومة الفلسطينية

دائماً يصنفون ممارسة العنف أو التحريض عليه ضمن خانة الإرهاب. هم يدينون العنف لأنهم متحضرون ومهذبون وراقون، يدينون عنف الضحية، ولو كان اختلاجة مذبوح. ويعتقد بوش وشيعته أن العنف في هذا العالم من (اختصاصه) و(اختصاص) حلفائه مثله مثل حق (الفيتو) الذي يتمتع به في مجلس الأمن تماماً، فهو الوحيد في هذا العالم الذي يقول (نعم)، وهو الوحيد الذي يقول (لا)، وهو الوحيد الذي يأمر بوارجه وحاملات طائراته ليغزو أي بلد في هذا العالم يتجرأ على أن يلوك هذين اللفظين (نعم أو لا) بفكيه.

تحريض بوش على المقاومة الفلسطينية ومطالبته باستعمال الشدة والعنف معها هو نوع من (الإرهاب) العالمي السافر والكالح، الذي يجب أن يكون مرفوضاً ومداناً، من يجرؤ ؟! وخطاب بوش في سياق التحريض هذا لا يقل رعونة وإثارة للكراهية والبغضاء عن أي خطاب متطرف يائس لم يكن في أصله إلا رد فعل على خطاب بوش وممارساته ‍‍!!

ثم إن تحريض الرئيس الأمريكي على (المقاومة) ينبئ عن حالة من (الجهل) والانجراف وراء الحقد الأعمى الذي يعتقد أن جز العشب عن وجه الأرض سيجعلها تتوقف عن الإنبات !!

لا أحد يستطيع في هذا العصر أن ينسب الإدارة الأمريكية إلى قصور معرفي، أو إلى عجز عن إدراك الحقائق والظواهر أسبابها وبواعثها، ولا أحد يمكن أن يبلغ مبلغ صانع القرار هذا في إدراك تشابك العوامل التي تؤدي إلى ظاهرة ما (سلبية أو إيجابية) وتعقدها، ولكن امتلاك المعرفة شيء والسير في ركابها والعمل بمقتضياتها شيء آخر.

إن ما يحاول بوش وفريقه من المعسكرين فرضه في منطقتنا، يقع خارج إطار (العلم) وخارج إطار الشروط الموضوعية والتاريخية للعلاقات الإنسانية في مختلف تجلياتها.

المعادلة في تصور أبناء المنطقة وبعيداً عن أي رتوش، أن غزاة محتلين ومغتصبين، انقضوا على شعب آمن معتدين بقوتهم الذاتية أو المستعارة، فسلبوه أرضه وطردوه من دياره، ثم بدأوا يراودونه على قبول هذا الواقع تحت مسميات كثيرة. في التأطير التاريخي لعملية الغزو هذه أن بوش القوي مادياً، وفريقه، يقرؤون التوراة، توراتهم طبعاً، وأن أصحاب الأرض والحق المستضعفين الأقوياء معنوياً يقرؤون (القرآن). والفرق الآخر أن بوش الذي يقرأ التوراة يؤمن بغطرسة القوة والقانون (الآني) أو (اللحظي)، وأن الذين يقرؤون القرآن يؤمنون بسنن الله الثابتة في دفع الناس بعضهم ببعض، لحماية الخير وإقرار مرتكزاته في الأرض، مرتكزاته المتمثلة في صوامع وبيع وصلوات ومساجد (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز..) وينسى بوش أن السنة الثابتة هي أقوى من اللحظة العابرة في تاريخ البشرية الطويل.

حين يطالب الرئيس بوش بالشدة أو العنف في التعامل مع حماس أو مع فصائل المقاومة الفلسطينية ينسى تجارب من سبقوه، في التاريخ الحديث مع هذا الإسلام العظيم، ينسى تجربة أتاتورك الذي حاول حصد الإسلام والمسلمين في تركية، وتجربة الشيوعيين يوم أصروا على تجريد المسلمين من هوياتهم في جمهوريات آسيا الوسطى، وينسى تجارب وتجارب كلها تقول لمن خططها ولمن نفذها أن الإسلام كان أقوى، وكذلك سيبقى، وفي حين ذهب كل الطغاة مع الريح بقي الإسلام وقيمه الحية الرائعة مع كل ما ينفع الناس.

ثم هل يعلم بوش أنه في نظر أبناء فلسطين، وفي نظر أبناء العرب والمسلمين، ليس نجم (كرة) محبوب، ولا عازف (بوب) له معجبوه، وأن أكبر دعاية يقدمها للمقاومة الفلسطينية، ولحركة حماس، هو موقفه المعلن والسافر ضدها.

وإذا كان الرئيس بوش، ومن وراءه أو خلفه يظنون أن (المقاومة) هي هؤلاء الأشخاص (القيادات والكوادر) فهو وهم في جهالتهم ووهمهم غارقون مع غزارة المعرفة وتوفر الخبرات.

ألا يتساءل الرئيس بوش و(الخبرة) التي تديره وتحركه: ترى لو غاب أو غيب: أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ومحمود الزهار وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق، من سيكون البديل ؟!

إن مثل الذي يمتلكون مفردات المعرفة ولا يستفيدون منها، والذين ارتبط ذكرهم بحلفاء بوش، من بني إسرائيل في القرآن الكريم مثل بالغ الإدانة والوضوح.

17 / 6 / 2003