برق
الشرق
دمشق
القاهرة بيروت الرياض القدس
ما
الفرق ؟!
لا
تبعد رفح كثيراً عن مدن الشام، وهي
لصيقة بيت بيت بأرض الكنانة. كان النصر
الأول للعدو، الذي أورثه كل هذه
الانتصارات، أنه أقنعنا أن ثمة فرقاً
بين عدوان على القدس أو غزة أو رفح وبين
آخر على القاهرة أو الرياض أو دمشق أو
عين الصاحب !!
حين
تقصف عين الصاحب فيكتب المحللون
والمعلقون عن تطور نوعي كما يقدرون في
الأحداث. وحين تقصف في كل يوم في فلسطين
المدن والبلدات والقرى، حين يذبح كل
يوم ثلة من أبناء الشعب الفلسطيني،
رجالاً ـ نساء ـ أطفالاً ـ ويعتقد
أبناء الأمة أن الأمور تسير في سياقها
المعتاد.. !! ويغفلون عن أن مسميات مثل (سورية)
و(مصر) و(فلسطين)، إن أريد بها غير
المعنى الجغرافي، فقد أريد بها ضلالاً.
ويغيب عنهم أن انتماء الشعوب إلى
عقيدتها وحضارتها وهويتها أكبر من
انتمائها لشبر من الأرض يمكن أن يزويه (طبوغرافي)
مرة هنا
وأخرى هناك.. في سياق هذه الرؤية
المتكاملة لبنية الأمة الحية تبقى
التسميات القطرية (أسماء سميتموها
أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من
سلطان.. !!) وتبقى وحدة الأمة، وحدة
الحاضر والمستقبل والمصير هي الحقيقة
الوحيدة القائمة في الواقع.
لقد
مضى على الدولة القطرية قرن من الزمان
وهي تحاول أن تعزز في نفس الإنسان
العربي والإنسان المسلم هذه النظرة (الاستقلالية)
التي لم تعن قط الحرية بقدر ما عنت
الانتماء إلى (قلة) وطنية كانت أو أثنية
أو طائفية أو (بلدية)، وكانت النتيجة هي
التي نعيش تقطعت الأمة أشلاء، وذهبت
أيدي سبا، واستؤصلت أعضاء الجسد
الواحد، وصاحبه حاضر وشاهد يرقب
عمليات الاستئصال كنا يرقب جمهور
الأمة المتكئ وراء شاشات التلفاز ما
يجري اليوم على أرض فلسطين أو العراق
أو أفغانستان، شيء من كل ذلك لا يعنيه !!
الشعوب
ألقت العبء على الحكام !! والحكام
استراحوا إلى مجلس الأمن ومقررات
الشرعية الدولية !! والشرعية
الدولية هي الميثاق العالمي لذبح
المسلمين، وتشويه الإسلام تواصوا به
وهم الطاغون،
والمعركة مفتوحة على كل محور بدءاً
من المعركة تدار ضد فتاة صغيرة تقصد
مدرستها وقد غطت رأسها التزاماً بما
تمليه عليها عقيدتها، وانتهاء برضيع
فلسطيني يذبح في حجر أمه لأنه يمثل
مشروع مقاومة في مخيلة مريض بهاجس خوف (يحسب
كل صيحة عليه.) فيعمل أدوات القتل ذات
اليمين وذات الشمال.
تعيش
الأمة حالة (المأخوذ) من الخوف الذي
ينسى في لحظة وَهَل كل شيء حتى وجوده !!
كنا نعجب حين نقرأ في كتب التاريخ أن
التتري كان يَصفُّ بعض أبناء الأمة، ثم
يأمرهم أن ينتظروه حتى يأتي بالسيف،
فيطيعوا مذهولين، فيذهب ويعود بسيفه
ليذبحهم دون أن يفكر واحد منهم ولو
بمحاولة خلاص..
يتساقط
عجبنا اليوم حين نرى أن الأمة أجمع
ونحن معها قد وقفت جميعاً في طابور
الموت ننتظر غضبة مجنون مثل (أفيغدور
ليبرمان).. ليحرق القاهرة ودمشق
والرياض وبيروت فوق رؤوس أبنائها.
أول
خذلاننا ألا نستشعر أن الدم الذي يسيل
على أرض فلسطين إنما يسيل من عروقنا،
وأن الإنسان الذي يذبح هناك هو واحد،
سواء كان من دمشق أو بيروت أو القاهرة
أو الرياض أو بغداد أو القدس أو غزة أو
رفح ؛ حيث لا فرق.
13
/ 10 / 2003
|