برق
الشرق
دمشق
متى
يكون الطريق إلى القصر الجمهوري
سالكاً
ما
يقرب من ثلاث مائة مفكر وسياسي وأديب
وطبيب ومهندس ومحام وإعلامي ومخرج
سينمائي ورجل أعمال وفلاح ومهني،
جمعهم الهم الوطني الواحد، فوقعوا
عريضة رفعوها إلى الرئيس بشار الأسد في
القصر الجمهوري عن طريق (البريد المسجل)
!! التمسوا فيها، استجابة لمقتضيات
المصلحة الوطنية العليا، ونظراً
للظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة ؛
أن يبادر السيد الرئيس إلى قيادة حركة
إصلاح سياسي شامل، يستقطب من خلالها
الجهد الوطني على اختلاف توجهاته،
ويصهره في موقف واحد. ورسم الموقعون
على العريضة أو الالتماس خريطة
المبادرة التي يتصورونها من خلال:
الإفراج عن جميع
المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي،
والسماح بعودة المنفيين قسراً أو
طواعية خارج البلاد، وتسوية أوضاع
المواطنين المحرومين من الجنسية
والحقوق المدنية، وإلغاء حالة الطوارئ
والأحكام العرفية والمحاكم
الاستثنائية جميعها، وإلغاء صلاحيات
وممارسات الأجهزة الأمنية، ومنعها من
التدخل في الحياة السياسية للمجتمع
والمواطنين، إلا في إطار القانون وتحت
رقابته، وإطلاق حرية الرأي والتعبير
والاجتماع والانتقال والسفر والعمل
النقابي والسياسي وجميع الحقوق
المنصوص عليها في الدستور والشرعة
الدولية لحقوق الإنسان، وعقد مؤتمر
وطني عام تحضره كافة الشخصيات والقوى
السياسية السورية يبحث في نهج وسائل
تعزيز الوحدة الوطنية، وسبل إخراج
البلاد من أزمتها.
المطالب
التي تقدمت بها العريضة مطالب وطنية
إجماعية، حيث دارت حول جوهرها
المطالبات الوطنية في الداخل والخارج،
الإسلامية
والقومية واليسارية. وهي تنبع من روح
الرؤية الوطنية المخلصة، التي تتجاوز
الشرانق والقواقع لتنظر إلى سورية
وطناً يظلل جميع أبنائه.
وتميز
الموقف الوطني السوري على الرغم من
تعقد الواقع، وتشابك العوامل المؤثرة
فيه، بخصوصية من الصفاء الصوفي الشفاف
الذي لم يقبل أن ينفتح على أي مناورة
تدور حول (الذات) بعيداً عن المحور
الوطني.
وأكدت
المعارضة السورية المهجرة قسرياً، بكل
فصائلها على الالتحام مع الوطن في أي
معركة تفرض عليه، واعتبار مصلحته
العليا مصلحتها الأساس.
ولقد
نص ميثاق الشرف الوطني الذي تواثقت
عليه أكبر شرائح المعارضة في الخارج،
والتي تضم نخباً سياسية وثقافية
إسلامية ووطنية، والذي طرح في وقت مبكر
سابق على التطورات الأخيرة في
المنطقة، على:
ـ (مواجهة
التحديات الخارجية المفروضة على الوطن
مهما كان مصدرها وصبغتها بروح البنيان
المرصوص معلين من شأن التضحية في سبيل
حماية الوطن وأمنه وعزته.
ـ تقديم مصلحة
الوطن العليا على المصالح الذاتية
والخاصة في كل الموازنات السياسية،
مهما كان في التنازل عن المصلحة
الذاتية من ألم وتضحية أو شعور بالغين).
إن اللامبالاة
الملحوظة تجاه هذه الطهورية الإجماعية
السورية، والانزواء بعيداً عن الإجماع
الوطني، بالإصرار على التقوقع
والتمترس خلف لافتات الوهم لن تغني
أصحابها ساعة العسرة من الحق شيئاً.
إن
إرسال العريضة إلى رئيس الجمهورية من
نخبة ثقافية تشكل قطاعاً عريضاً من
المهتمين بالشأن العام، (عبر البريد
المسجل) !! تجعل المرء يتساءل، كم هو
بعيد القصر الجمهوري في سورية عن دمشق
وحمص وحلب ودير الزور والحسكة ؟! وإذا
كانت مثل هذه النخبة الموقعة على
العريضة لا تجد لها طريقاً إلى
القصرالجمهوري إلا عبر البريد المسجل،
فمن يجد هذا الطريق ؟!
في
أحد لقاءاته السابقة، اعترض السيد
الرئيس على الذين يخاطبونه عبر وسائل
الإعلام، وقد يكون محقاً في ذلك، ولكن
هل فتح الرئيس لمواطنيه على اختلاف
شرائحهم وتوجهاتهم، بوابات الوطن
وأبواب القصر ليسمع منهم، غير الذي
تنقله بطانة...
8
/ 6 / 2003
|