برق
الشرق
درس
الحرب
العالم
غابة لا مكان فيها إلا للأقوياء
خداع
وغدر وكذب وتمويه كل الأحاديث عن
الحوار والديمقراطية والحق والشرعية.
ذئاب على أجسادهن ثياب، هذه هي
الحقيقة، لم ينفع العلم ولا الثقافة
ولا المدنية في تهذيب الغرائز، أو
كفكفة غرب الطمع والجشع المتحررين من
كل الشرائع والقيم والقوانين.
كأس
المهانة التي نشربها منذ عقود صباح
مساء، هي ضريبة ضعفنا وخورنا
واستسلامنا وحرصنا على الحياة، ولو
كانت الذليلة المهينة التي نحياها؛
فلا أحرص منا اليوم على حياة !!
واقعنا
الذي نعيش لم تصنعه القيادات السياسية
وحدها، وإنما صنعته شعوب اثاقلت إلى
الأرض، ونخب فكرية وثقافية زينت لها
الدعة والخمول والطمأنينة، وزخرفت
حياة النماء العضوي، والركون إلى
القيم الخادعة المزيفة، وحببت إلى
الفرد أن يعيش قرير العين هانئاً، تحت
وصاية قوي وحمايته.
وجعلت
(التنمية) وحياة الرخاء والدعة هدف
مشروع تنادت إليه وأسقطت مشروع العزة
والقوة، فجسدت بذلك حديث الغثاء
والقصعة، وما زالت تماري وتداري عن
مواجهة الحق الأبلج في استرخاء هذه
الشعوب ووهنها وهوانها. قالوا وما
الوهن يا رسول الله (قال حب الدنيا
وكراهية الموت) وهذه هو سر عجزنا وذلنا.
درس
بوش في عدوانه على العراق ليس الأول في
تاريخنا الحديث، ولن يكون الأخير.
والخروج من قرارة الذل ليس سهلاً، ولا
يصنعه قائد أو حزب أو جماعة. الخروج من
قرارة الذل يحتاج إلى إرادة أمة، وإلى
جهدها وإلى صبرها ومصابرتها. يحتاج إلى
أمة تواجه واقعها بشجاعة، كما يحتاج
إلى قيادات فكرية ونخب ثقافية تطرح
مشروعها برامج قوة وعزة، لتوطن نفوس
الجماهير على أيام المحن، والسنوات
العجاف من الحصار والجوع والمخمصة،
وشد الحجر على البطن كما شدها أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم كان
سيدهم قد شد من الجوع على بطنه حجرين !!
كان يقول لهم وهم في حالة الشدة تلك (ما
الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح
عليكم الدنيا كما فتحت على الذين من
قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم
كما أهلكتهم.)
درس
بوش وبلير سيكون مفيداً جداً لو فهم
على وجهه وأدى رسالته، لأن هذه الدماء
الراعفة في العراق وفي فلسطين، وهذه
الكبرياء المحطومة في كل بيت من بيوت
الملايين ؛ ستكون أول الطريق إلى
الخروج من قرارة الذل والمهانة.
كل
ما يقال في العراق وعنه لا يهم
الولايات المتحدة ولا بريطانيا ولا
الصهاينة في فلسطين، ولا مجموعة
الإيباك في شيء ؛ إنما الذي أزعجهم
وأقلقهم وحركهم هو محاولة العراق أن
يكون قوياً، بمعنى لو أنك عرفت الطريق
ووضعت خيارك فيه، فستجد من يزلقك عنه،
ليعيدك إلى دوامة التيه.
العالم
غابة، لا مكان فيها إلا للأقوياء: و(يا
أيها النمل ادخلوا مساكنكم..) نعم
ادخلوا مساكنكم قبل أن يحطمكم بوش
وجنوده وهم لا يشعرون...
تأمل وهم لا يشعرون
5
/ 4 / 2003
|