برق
الشرق
الدورين
السوري والايراني
في
المقاومة ضد الوجود الاجنبي في
المنطقة
د
عاطف صابوني*
اذا
كانت الجيوش العربية - رغم مئات
المليارات من الدولارات التي أنفقت
على تجهيزها وتسليحها –
وقفت عاجزة عن صدّ التدخل العسكري
الأجنبي في المنطقة , سواء فيما يتعلق
بايقاف التوسع الصهيوني في قلبها أو في
منع التحالف الأنكلو أمريكي من اقتحام
وغزو الاراضي العراقية.
وسواء
أكانت أسباب هذا العجز المثير والمذهل
تتعلق بسوء السياسات العسكرية أو
بالخلل المريع في الاستراتيجيات
التسليحية أو الى الاخطاء في التعبئة
النفسية والعقائدية للجنود , وتحويل
ولاء هذه الجيوش الجرارة من الدفاع عن
حياض أوطانها الى الهتاف باسم الزعيم
الفرد و الخلط و التداخل الرهيبين
اللذان يسودان كل الجيوش العربية بين
الوطن والقائد, فان البديل الوحيد
المتاح اليوم لمواجهة هذا الواقع
المزري عسكريا وسياسيا هو اعادة
الاعتبار لمفهوم المقاومة الشعبية,
عبر كافة الادوات التي تبتدعها هذه
المقاومة بدءا بحركات الاحتجاج
السلمية والمقاطعة الاقتصادية
والعصيانات المدنية وانتهاءا
بالمقاومة المسلحة وحرب العصابات
والعمليات الفدائية.
لقد
شكلت المقاومة العربية الباسلة في
لبنان وفلسطين صفحة ناصعة البياض في
كتاب الفشل والتخاذل الرسميين الاسود,
واستطاعت هذه المقاومة أن تقدم بدائل
فعالة وذات تراكم وتأثير حقيقيين على
مستوى الحدث السياسي مما ساهم في ابقاء
المنسوب الحار والمشتعل للجبهة مع
العدو الصهيوني, وحققت انتصارات وما
تزال في ظل العجز والتراخي للقوات
العسكرية العربية وفي ظل الواقع
السياسي الحالي وانكشاف أقنعة العديد
من الانظمة الرسمية العربية التي
اختارت الاستلقاء النهائي في أحضان
راسمي السياسات الامريكية والصهيونية
في المنطقة, فان المواقف الجريئة التي
يمكن رصدها للموقف السوري, وبشكل أقل
على المستوى الاسلامي للموقف الايراني
يمكن أن يشكلا عمقا استراتيجيا وحاملا
مساعدا وحاسما لهذه المقاومة, وسيشكل -
اذا تبلور على هذه الصورة – عنصرا أساسيا في
انتصار المقاومة وتحقيق أرصدة حقيقية
وذات تأثير قوي ( باستمراره وتصاعده )
على احباط المخططات الانكلو امريكية
والصهيونية للمنطقة.
ان
ماهو مطلوب من سوريا وايران وهما
الدولتان الاكثر استهدافا أمريكيا
وصهيونيا بعد الانتهاء من ترتيب الوضع
العراقي, يذكرنا بذلك التحالف العضوي
الذي مارسته الدولتان مع المقاومة
الوطنية في لبنان, والذي كان له الاثر
الحاسم في الاندحار الصهيوني من جنوبه.
ان
خلق ودعم وامداد المقاومة في العراق
سيكون له أثر كبير ليس على محاولات
احباط المخططات الامريكية في العراق
وحده وانما في المنطقة بأسرها وعلى وجه
الخصوص اتجاه سوريا وايران, وهما
الهدفان المعلنان ضد الحملة الامريكية
المزعومة على الارهاب.
لقد
أثبتت التجربة اللبنانية سابقا
والفلسطينية اليوم أن حروب الاستنزاف
التي خاضتها وتخوضها المقاومة الشعبية
عبر أشكال وتكتيكات مختلفة ومتنوعة
تعجز عنها الجيوش عادة هي التي ترهق
العدو أكثر وتجعله عاجزا, ومع الوقت
يجد العدو نفسه محصورا ضمن تحصينات
ومواقع تتعرض للدك اليومي والاستنزاف
الطويل مما سيحصره ضمن خيارات تضيق
عليه باستمرار ولايجد نفسه في النهاية
الا أمام خيار الاندحار.
ان
تشجيع وامداد المقاومة من سوريا غربا
وايران شرقا ( رغم ماقد تتعرض له
الدولتان من ضغوط وخسائر كما حدث مع
الحالة اللبنانية ) سيضع القوات
الغازية المعتدية في العراق ضمن فكي
كماشة وحالة انعزال اقليمية واختناق
داخل أراضي العراق, لن تستطيع من
خلالها التقاط الانفاس للتوسع في
مخططاتها شرقا وغربا, وستجد نفسها مع
مرور الوقت أكثر اختناقا واستنزافا
ضمن مستنقع لن تعرف كيف تخرج منه.
ان
حدود كل من سوريا وايران مع العراق
تمتد آلاف الكيلومترات, والطبيعة
الجغرافية المعروفة لهاتين الدولتين
سيضيف الى عوامل النجاح عوامل اضافية
مساعدة لهذه المقاومة على تحقيق
أهدافها والاستمرار في عملياتها
وتكتيكاتها, عبر تهريب العتاد
والمتطوعين وتأمين المعلومات والدعم
اللوجستي والاعلامي والدعم العربي
والاسلامي للمتطوعين والمجاهدين
الذين سيتدفقون بعشرات الالاف, وكذلك
عبر الدعم المادي الذي سيوفره ملايين
المتبرعين لهذه المقاومة من المحيط
الى الخليج.
*كاتب
وباحث –
سوريا –
حلب.
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|