آخر تحديث يوم الأحد 09 - 05 - 2004م

.....

فرعون وهامان

وفلسطين والعراق والشام

(وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)

في السياسة الأمريكية فوضى. الثور القوي الرامح في الحلبة يكاد يفقد صوابه. والمصارع النحيف الرشيق بستارته الحمراء قد استدرجه إلى مقتله. حيث نكاد نقول: تكسرت النصال على النصال.

مبهورون هم أولئك الذين مايزالون مأخوذين بقوة الثور وعنفوانه. لأنهم يسقطون من حساباتهم أن القوة والعنفوان تحتاج إلى حكمة، وهذه تغيب عن المشهد الأمريكي بكل أبعاده في فلسطين والعراق والشام.

ففي فلسطين تتخبط الإدارة الأمريكية وتتمرغ وراء شارون وحفنة من مستوطنيه، رهنتهم سياساتها وقراراتها طمعاً بعودة قريبة للرئيس إلى البيت الأبيض. الرئيس بوش مستعد لدفع كل شيء ثمناً لتلك العودة، وهو بذلك لم يخسر الفلسطينيين ولم يخسر العرب والمسلمين ولم يخسر شعوب العالم الحر فقط، وإنما خسر أيضاً شركاءه في الغرب وحتى في اللجنة الرباعية أصحاب خارطة الطريق، الذين قالوا للرئيس بوش بلسان واحد: كفى، فعاد مترنحاً لا يدري وأعوانه كيف يدارون ما نطق به رئيسهم تحت سورة نخبه مع شارون.

وفي العراق تتخبط الإدارة الأمريكية وتتمرغ.. في الفلوجة وفي بغداد وفي النجف وكربلاء والبصرة حيث قاد الهُلاّك من المنتمين إلى العراق، هذه الإدارة إلى المستنقع الموحل، وإلى مزرعة للكراهية سيحصد الأمريكي ثمارها لعدة أجيال. مازالوا هناك يحملون على كواهلهم عبء المشهد الياباني في هيروشيما وناغازاكي، وعبء المشهد الفيتنامي في صور الأشلاء وأنين الأطفال والنساء مازالوا هناك يحاولون النسيان!!

تأتي أخبار (أبو غريب) التي أسقطت المصداقية الأمريكية، بل الكرامة الأمريكية، وأظهرت الجندي الأمريكي وقواده الأعليين ساديين أنذالاً مصاصي دماء، لا يهابون الصليب حسب دراكولا الشهير، وإنما يحملونه بأيديهم ليلطخوه بأفعالهم التي يندى لها جبين الإنسان.

لم تنفعهم ألوان (المكياج الهوليودي) القناع الذي حملوه معهم من بلاد (الحكم الصالح والديمقراطية) و(البناء المعرفي الراقي) و(الفرص الاقتصادية المتاحة) كانوا حثالة وضيعة كأولئك الذين نَصّبوهم حكاماً في عالمنا منذ عقود، فكانوا في تصرفاتهم الإنسانية جداً والحضارية جداً والمتمدنة أشبه بهم من الماء بالماء وأكثر تطابقاً معهم من النعل على أختها.

ثم يفجؤك في المشهد الأمريكي هذه الفوضى لما تريده الإدارة الأمريكية من قطرنا العربي السوري؟ تتساءل وأنت تقرأ (تعزيز الديمقراطية في سورية) خيارات لسياسات الولايات المتحدة لفلينت ليفيرت وفريد غادري. أو أنت تقرأ (لقد حان الوقت لإشراك سورية لا لعزلها) لرولاند بروس (التقريران منشروان على موقعنا تحت عنوان متابعات). أو تتساءل وأنت تتابع الإدارة الأمريكية تستمر في تفصيل اتهامات جديدة لسورية كتلك التي اعتبرت مدخلاً لغزو العراق، فيقرر بعض المقربين من الرئيس (بوش أو شارون حيث لا فرق): (.. إن بعض إدارة الرئيس جورج بوش يعتقدون أن سورية لديها أجهزة طرد مركزي يمكن استخدامها في تنقية اليورانيوم لاستخدامه في صنع قنابل ذرية).

العجيب والغريب أن الثور الهائج، وهو اللقب الذي أطلقه الكثير من ساسة العالم على (جريح هوليود) مازال مزهواً بما يطنه انتصاره.

إن فرعون وهامان (بوش ورامسفيلد) مايزالان يرفضان تحمل مسؤولية ما صنع جنودهما في (أبو غريب) لا يرفضان الاستقالة من منصبيهما فقط، وإنما يرفضان الاعتذار. أيضاً.

9 / 5 / 2004