برق
الشرق
غسيل
بعض الفاجعة
عاشت
سورية قبل الاستقلال ، في ظلال معركة
التحرر الوطني لحمة واحدة، وصوتا
واحدا ، وموقفا واحدا.
كان جهدا لجميع ينصب في إطار تصليب
الموقف الوطني وتدعيمه، ومقاومة
المستعمر وتوهينه حتى تم الجلاء.
وكان
من الطبيعي أن تبرز بعد الجلاء
الاجتهادات والتوجهات والرؤى و (البرامج)،
وأن ينشأ عن ذلك نوعا من الاختلاف الذي
هو عمدة الحراك السياسي في العالم أجمع
لدفع مسيرة التطور وإحداث التغيير.
في
مرحلة من تاريخ سورية الحديث طفت (الفردية)
و(الشخصانية) و(الذهانية) على الفكرة
والرؤية والبرنامج، فتحول الاختلاف
المنشئ للحراك الوطني المسدد والمقوم،
إلى صراع عنيف خد في بنية المجتمع
السوري الأخاديد، وحفر الخنادق، ودفع
المسيرة الوطنية إلى الواقع الذي نشهد
اليوم، والتي نكتفي بالإشارة إليها
دون توصيف..
من
موقع الرؤية المختلفة المنشئة للحراك،
وليس المؤججة للصراع، والمعمقة
للخنادق والأخاديد، لا أحد ينكر أن
مسئولية ما حدث في سورية من صراع حاد
وعنيف ومنغلق تقع على الجميع، ولكن
السياق نفسه يحتم على كل منصف أن يقرر
أن السهم الأكبر والأعظم من هذه
المسئولية تقع على عاتق (السلطة) التي
تتحمل رسميا وعمليا أمانة الحفاظ على (الجميع)
وتمتلك القوة القهرية المتفوقة التي
تصون بها السلام الاجتماعي للجميع.
وحين
تخندقت (السلطة) القابضة على (زمام)
الدولة وإمكاناتها في خندق (الذهانية)
و(الشخصانية) الفئوية، ازداد عمق
الخندق ودوائر الانغلاق...
بنظرة
إلى المستقبل اليوم، المستقبل الحامل
لكوابيس ما جرى في العراق، وما بدأ على
أرض إيران، تتحرك نوازع الالتحام
الوطني من جديد، نوازع تبدأ عادة في
عالم الشعور يغذيها الصدق صدق
الانتماء، وحقيقة الإيمان بأن الأصابع
الخارجية إن لم نقل (اليد) الخارجية لا
يمكن أن تريد لهذه الأمة أو لهذا الوطن
أي خير...
درس
الثورة العربية الكبرى، والعربية (الفتاة)
وأحرار السادس من أيار ما يزال ماثلا،
مكافأة الحلفاء لشعبنا السوري بشكل
خاص على جهده وجهاده، كانت تقسيم سورية
إلى أربعة أقطار، ثم كانت في غضونها
محاولة التقسيم الفرنسي المؤود
والذميم.
هذه
المشاعر التي تجيش في نفوس أبناء القطر
وتتوجه إلى التعبير عن صدق الانتماء،
والبناء على حقائق السياسة تبحث عن
سبيلها العملي للتجسيد في موفق وطني
واحد، يخفف عن الأمة المفجوعة بعجز بعض
حطامها، واضطراب الرؤية عند بعض
أبنائها بعض مصابها...
رطانات
كثيرة نسمعها اليوم، كانت تعد بالأمس
القريب كفرا شرعيا وخيانة قومية
ووطنية يتشدق بها أناس يعتبرون أنفسهم
مثقفين وإصلاحيين ومتنورين وحداثيين
وديموقراطيين، رطانات سمعناها بأكثر
من لهجة، وعلى أكثر من لسان، وسمعناها
عربية حين تشرذم العراق، أو حين شرذم
الظلم والجهل وسوء التأتي والإعجاب
بالنفس والرأي العراق الى ملل ونحل
تغطي كل ما قرره يوما الشهرستاني.
وعند (الحمل) الذبيح شعرات متفرقة
بأيدي أبنائه كل حريص على أن ينتزع منه
خصوصية تأتي عليه.
ونسمعها
اليوم فارسية بلغة مولانا جلال الدين
والشيرازي والعطار الذين أسسوا مدرسة
الحب الإنساني في تاريخ الحضارة
الإسلامية فكأن شعوبنا ما عرفت الحب
ولا عاشق حقائق أن يحب المرء لأخيه ما
يحب لنفسه..
وفي
دورة السؤال المحمومة، التي يمتلكها
اليوم في هذا العالم من إذا قال فعل،
يتوجه السؤال بعنف وحدة إلى سورية...
في
سورية قال الشعب من خلال قواه الحية
كلمته وحسم موقفه، وألقى الكرة على من
في يده مفاتيح المغاليق، لطرد شج اليأس
الذي هو قرين الكفر عن النفوس.
بعد
الحرب العالمية الأولى، ولما أحس
السوريون من الحلفاء الغدر، كان
المؤتمر السوري سنة 1919 تجربة رائدة
أكدت أصالة هذا الشعب ونضجه وأسست
لمرحلة مقارعة الاستعمار وأطلقت مشروع
التحرر والاستقلال...
التحدي
المفروض على سورية يطرح عدة السؤال...
والأمة
تأمل أن يكون الجواب غسيلا لبعض
الفاجعة.
22/06/2003
|