برق
الشرق
الغـرب
الحاكم
الفرد .. أو المؤسسة
طالما
سخر الغرب بحق، من ديمقراطيتنا
المزيفة، واستفتاءاتنا المتوجة
بالتسعات الخمس، من مجالس شعبنا التي
لا تعرف إلا هز الرؤوس والتصفيق، ومن
إرادة الفرد المتسربلة عندنا بالشرعية
المطلقة. ويبدو أن الوقت قد حان لتشرب
شعوب الغرب نخب مذلتها، وآن لنا أن
نسخر من ديموقراطيتهم كما يسخرون. هذه
الديمقراطية المزيفة التي يقيمون
عليها بنيانهم مخادعين أو مخدوعين.
إن زبدة (الشورى) أو (المشاركة)
في القرار أن يكون لدى (الكل المتبصر)
قدرة على اكتشاف الصواب في اللحظة
المناسبة، وقدرة على التزامه بعد
اكتشافه، إذ أن كثيراً من أصحاب
السلطان يزين لهم هواهم أن يجانبوا
الصواب، وأن ينساقوا وراء مشاعرهم
الشخصية حقداً أو كراهية أو رغبة في
انتقام.
الدرس العراقي أثبت لنا أن
مجلس العموم البريطاني أو الكونغرس
الأمريكي ليس أفضل حالاً من (مجلس
الشعب) في أي قطر عربي، الفارق الوحيد
أن الناس هناك يجعجعون وعندنا يطأطئون
!!
مؤسسة
القضاء، ومحاكم العدل العليا لم تكن
كذلك أفضل حالاً من محاكم (أمن الدولة)
عندنا فهؤلاء المعتقلون في عراء
العالم المكشوف، وتحت سمع الدنيا
وبصرها، يتم توقيفهم سنوات دون
محاكمة، دون مساءلة، دون أي مظلة
قانونية تظلل وجودهم الآدمي والإنساني
والسياسي تماماً كما يحصل في أي قطر من
أقطار عالمنا المنبوذ غربياً
بالشمولية والاستبداد، حيث في
الزنازين أو المطامير أو مقابر
الأحياء الجماعية الأمريكية وغير
الأمريكية يمكن أن تنشد:
فكان
ما كان مما لست أذكره
فظُن شراً ولا تسأل عن الخبر
مجلس
العموم البريطاني لم يستطع أن يأخذ على
يد رئيس الوزراء بلير وهو يراه ينساق
إلى أتون حرب مدمرة، وهو غير قادر
اليوم على محاسبته، بعد أن ثبت أن
الحرب كانت لا أخلاقية ولا مبررة !!
الكونغرس
الأمريكي، شيوخه ونوابه، بحكم ما هم
مشاركون فيه من روابط عوالمهم
الصغيرة، لم يستطيعوا أن يتصدوا لجموح
الرئيس، وهو يطلب الثأر من شعب بأكمله،
بل من أمة وحضارة، لصورة أبيه التي
كانت مرقومة بطريقة صبيانية على باب
فندق الرشيد. كما لم يستطع رجال
الكونغرس هؤلاء أن يضعوا اليوم حداً
لحماقات استنزفت الدم الأمريكي والمال
الأمريكي على حد سواء. فلا أحد يسأل
لماذا تصرف هذه المليارات، ولا أحد
يحتج على إراقة هذه الدماء.
درس
الحرب التي شنتها الولايات المتحدة
والغرب على أفغانستان وعلى العراق
أثبت لنا أن العالم، حتى المزهو
بديموقراطيته، لا تحكمه مؤسسات ولا
تؤثر في قراراته إرادة الشعوب.
ومن
هذه الرؤية يمكن أن نعلي الصوت ضد
مزيفي إرادة الشعوب، المتسلطين علينا،
لنرى أننا في الجرح شرق وغرب.
8
/ 10 / 2003
|