آخر تحديث يوم الأحد 09 - 11 - 2003م

.....

برق الشرق

غضب المدير العالمي !!

مدير الإدارة العالمية غاضب. غاضب على وكلائه في الشرق الأوسط، لأنه يعتقد أنه على الرغم من كل الصلاحيات التي منحت لهم جاءت نتائج فصولهم مخيبة للآمال.. وأن الخريجين راحوا يتمردون على الكتاب والمعلم ومن ثم المدير والمنهاج...

مدير الإدارة العالمية غاضب على وكلائه، ويهددهم ويتوعدهم بالديموقراطية !! لأنه تأكد أن قرناً مضى من سياسات القتل والسحق والإبعاد والسجن والتهجير وطمس الأبصار وكمّ الأفواه.. كل هذه السياسات التي كانت تمارس بإذنه، وتنفذ على عينه ؛ لم تنتج له ما يشتهي، ولم تكتب لمشروعه (الصهيوني ـ الرأسمالي) النجاح. بل كانت النتائج عكس كل المدخلات والتوقعات.

مدير الإدارة غاضب ولاسيما بعد عقد من نجاح مشروعه في الاتحاد السوفييتي، حيث انهار الاتحاد السوفييتي القطب الكفؤ لمناوأته والتصدي له منذ ما يزيد على العقد، وأخفق وكلاؤه وحواريوه ومريدوه ومبشروه في حركتهم بين هؤلاء الأناسي المنتهكين المقهورين المستذَلين...

مدير الإدارة ليس غاضباً لأسباب إنسانية تجعله يألم لما يلم بهذه الشعوب على يد وكلائه من ظلم وسحق، ولما ذاقت من منظومة الفساد التي أطلق في أديم هذه الشعوب العزلاء المنكوبة من فقر ومرارات وحاجة.

مدير الإدارة، يهدد وكلاءه بالديموقراطية، وهو ليس غاضباً لانتهاك الآدمية في الشرق الأوسط، ولا لسرقة الثروات، ولا لضرب التخلف بكل أشكاله على هذه الشعوب.. هو غاضب فقط لأن هذه الشعوب بطبيعتها وبعقيدتها وبخلفيتها الحضارية قد قلبت السحر على الساحر.. وضربت بعصا موسى الحجر فانبجست منه عيون هذه الصحوة الإسلامية، وألقتها في وجه ثعابينه المزيفة، فإذا هي تلقف الإفك بكل صوره وأشكاله.

نقطة الخطأ الأساسية في حسابات المدير العالمي أنه يظن شعوب هذه المنطقة التي خرج من بين ظهرانيها (إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد..) حزمة من المغامرين، ونهاز الفرص، وينسى أن هذه الشعوب حاملة رسالة تعلم جيداً كيف ترعاها حق رعايتها.

المدير العالمي يهددنا بالديموقراطية، التي حرمنا منها وكلاؤه قرناً مضى، ونحن أيضاً نطالب بالديموقراطية ونجاهد من أجلها، ولكننا على يقين أن المدير العالمي لا يريدها لنا.. لأن نتائجها ستفاجئه بغير ما يشتهي، وهذا الذي مازال يهرب منه منذ قرن.

وإذا كان المدير العالمي يريد لنا (الحرية) و(الديموقراطية) حقاً، وأن ننعم بشرعة حقوق الإنسان، فالميدان أمامه للتجربة مفتوح هذه فلسطين.. وهذه العراق وتلك أفغانستان ولتكن ميادين حية لاختبار حسن النية، وحقيقة الطرح. فليبدأ بوش بكف يد شارون عن إنساننا في فلسطين، لتتوقف آلته الأمريكية عن هدم بيوتنا، وقطع أشجارنا ومحاولة اغتصاب إرادتنا.

دعوة بوش للديموقراطية في الشرق الأوسط لن تنجح ولن يكون لها أي انعكاس إيجابي، إذا لم يعلن بوش وإدارته استعداده لإجراء مصالحة إنسانية حضارية.. مصالحة تقوم على احترام الآخر، وخياراته ضمن حريته الذاتية، ورؤيته الخاصة.. وعلى أساس التوقف عن سياسات الاستغلال والابتزاز والاستعلاء.

وإلا فإن المعركة بين المدير ووكلائه لا تهم كثيراً شعوب المنطقة التي تعلم جيداً مرتكزات انطلاقها وآفاق حركتها.

9 / 11 / 2003