هذا
الغربي
هل
يعرفني ؟!
بعيداً
عن التقاذف المتبادل (لماذا نكرههم ؟!)
أو (لماذا يكرهوننا ؟!) نتقدم خطوة نحو
التأسيس القرآني للعلاقة بين الأمم
والشعوب: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا..) حيث يشكل التعارف بوابة
العبور إلى العلاقة القويمة.
يتساءل
المواطن العربي: هذا الغربي هل يعرفني
؟! وتتساءل المرأة العربية، وهي ترى من
حال المرأة الغربية على شاشات الفضاء
ما لا يسرها، هذه المرأة الغربية هل
تعرفني ؟! أم أن غلالة الحجاب الذي
أتحصن به، قد صرفت بصرها عن رؤية حقائق
جوهرية في وجودي ؟!
التعارف
الحقيقي هو العتبة لبناء العلاقة
القويمة بين الناس، والنجاح في تكوين
التصورات كل طرف عن الآخر، يعتمد
اعتماداً وثيقاً على مصادر المعرفة
ومكوناتها.
لا
يشك أحد أن مصادر (المعرفة) التي يستمد
منها كل فريق تصوراته، ليست موضوعية
ودقيقة في الحدود الدنيا لتشكيل
التصورات السليمة، وهذه المصادر لا
تتجرد من الشبهة والهوى والمصلحة
الآنية لفرقاء يعملون على تشويه
التصورات وتعميق الخلافات.
يؤثر
الموروث التاريخي بأبعاده السلبية
المتراكمة في تكوين تصور كل فريق عن
الآخر.. من جهتنا كمسلمين نعلم أن
الإسلام قد تعرض منذ فجره ومايزال،
لعمليات تشويه متعمدة. كثير من
الغربيين، مثلاً، ينظرون إلى المسلمين
كوثنيين مع أن العقيدة الإسلامية أبعد
في التجريد والتنزيه من أي عقيدة دينية
عرفتها الحضارة الإنسانية..
أدبيات
الحروب الصليبية الأولى، والهجمة
الاستعمارية التغريبية الثانية في
مطلع القرن العشرين كان لها دورها
أيضاً في تعزيز التصور السلبي وتبادله
بين الفرقاء.
يشارك
(الفقر) و(الضعف) الذي يعيشه العالم
الإسلامي في حجب كثير من الحقائق
الإنسانية الجوهرية، ولا سيما حين
يُقوَّم هذا العالم من منظور مادي محض..
ربما
يعيننا على فهم أفضل لمكانة المرأة في
قلب نيويورك، أو جبال أفغانستان أن
نمثل بمكانة جَدَّة من هنا وأخرى من
هناك.
على
الطرف المقابل نحن نتعرف على الإنسان
هناك، من خلال منبر البيت الأبيض الذي
نراه دائماً منحازاً.. ومن أفلام القتل
أو القسوة أو الشهوة التي تضج بها
الفضائيات، وأحياناً عن طريق سمسار
يحاول أن يبتزنا ثرواتنا، أو عن طريق (السلعة)
الباهظة الثمن التي لا يشتريها إلا بعض
الموسرين من بني قومنا.
توثيق
مصادر المعرفة أمر مهم للفريقين
لتكوين التصورات المؤسسة لرحلة
التعارف، والتأسيس للعلاقة الإنسانية
الرشيدة.
7
/ 3 / 2004
|