الحوار
مع الولايات المتحدة
بوابة
العبور
تقود
الولايات المتحدة في العالمين العربي
والإسلامي حملة من أجل العقول والقلوب.
لسان حال الإدارة الأمريكية والرئيس
بوش يقول: أنا جلادكم أحبوني!! ربما لو
تحولت الشعوب العربية والإسلامية إلى (مازوشية)
لنجح المسعى الأمريكي في تحقيق مبتغاه.
في مؤتمر الدوحة الثاني الذي يحاول
تمهيد جسور العبور بين الفريقين
تتطاير أوراق الحوار في فراغ ضبابي لا
يكاد يستقر على قرار.
الإدارة
الأمريكية التي تريد من العرب
والمسلمين عقولهم وقلوبهم لا تتوجه
إليهم بعقل ولا بقلب، وإنما تتوجه
إليهم بالازدراء ووسائل الإكراه.
الازدراء
يولد الرفض المسبق لكل ما يجيء به
المتغطرس المتعالي، ولو كان فيه بعض
الحق. ووسائل الإكراه المادي
والمعنوي، إذا كانت تولد الإذعان
والتبعية عند البعض، فهي تولد التمرد
والمقاومة عند الكثيرين.
هؤلاء
المتمردون الذين يتحركون على الساحة
اليوم إنما هم نتاج مباشر للسياسات
الأمريكية الرعناء، وهي نفس السياسات
التي ألقت عليهم عباءة الإرهاب. هؤلاء
المتمردون هم ضحايا الإرهاب الأمريكي
الذي شارك في نسجه حكام مذعنون اضطروا
بطول إذعانهم شعوبهم إلى التمرد
والخروج.
المواقف
الشعبية على الساحة العربية
والإسلامية من السياسات الأمريكية
امتدت على طرفي خط مستقيم يقف على
يمينه المتمردون العنيفون، ويقف على
شماله الأتباع والمستسلمون. تمثل
المدرسة الأولى الرفض العنيف الذي
يتجنب النظر في العواقب والمآلات،
بينما ترمز المدرسة الثانية إلى الذي
أعطى وكالة عامة للبيت الأبيض ليفعل في
المنطقة ما يشاء. وبين هذا وذاك فرقاء
ومذاهب ومدارس لا يكاد يضبطها ضابط، أو
تحدها حدود.
إن
بوابة العبور إلى أي حوار عربي إسلامي
وأمريكي غربي، إنما يبدأ من الاعتراف
بالآخر، والآخر ليس وجوداً بيولوجياً
تغريه الخرزات الملونة أو السلعة
الزاهية كما يظن الأمريكيون. الآخر هو
كينونة إنسانية ذات عمق عقائدي وثقافي
وحضاري، معجب بخصوصيته كما الأمريكي،
يقبل الحوار ليأخذ ويرد، ويرفض
الإذعان لما يفرض عليه.
هذا
(الآخر) بالصيغة التي نشير إليها مازال
مرفوضاً أمريكياً. وقد تعاملت الإدارة
الأمريكية خلال نصف قرن مع أنظمة
الاستبداد لاستئصاله وإقصائه، أعطتها
الصلاحيات المطلقة، غضت الطرف لسنوات
طوال عن ممارساتها القمعية، ولكن هذه
الأنظمة أخفقت في تحقيق الهدف
الأمريكي. اليوم تعود الولايات
المتحدة لتباشر العملية بآلياتها
الخاصة، لتعلن الحرب على كل من يخالفها
تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
بوابة
العبور إلى الحوار، إذا كانت الولايات
المتحدة تريد الحوار حقاً، ولا نظنها،
هو الاعتراف بالآخر واحترام كينونته.
أما
سياسات الازدراء والإكراه، فلن تولد
إلا المزيد من الكراهية والمزيد من
تدافع الشر. ولا نظن أن الولايات
المتحدة ستكون في حربها هذه أوفر حظاً
من أنظمة سامت أمتنا خلال قرن القهر
والعذاب.
12
/ 1 / 2004
|