برق
الشرق
الحزب
السياسي
حزب
الفكرة وحزب السلطة
الأحزاب
العقائدية.. مصطلح دخله الكثير من
التشويه في سوق الشعارات حامية
الوطيس، حين تلبس بعض زخرف القول لبوس
العقيدة، وظن البعض أنهم بمثل هذا
الزخرف يمتلكون ناصية الحقيقة، وما
كان وما سيكون إلى يوم القيامة.
واستمدت
بعض الطروحات قوتها في مرحلة زمنية
عابرة من قوة السلطة لا من قوة الفكرة،
فكانت السلطة تلقي بوهجها على الفكرة
لتجعل من زخرف القول رأياً يعتد به،
ونظرية يدافع عنها.
على
مستوى آخر تتمتع العقائد السامية
المطلقة، بفعل قوة ذاتية أصيلة كامنة
في بنيتها، بحضور (تاريخي) ظاهر،
فتراها وإن تعاقبت عليها عوامل المد
والجزر ثابتة باقية خالدة يفنى
أعداؤها ويقضي أنصارها، وهي تنتقل
بثقة من جيل إلى جيل، لا تنكس لها راية،
ولا تطمس منها حقيقة.
وكم
يخطئ أعداء هذه العقائد إذ يحاربونها
في قلوب أو في رؤوس حملتها، عاجزين عن
إدراك التحامها المتناسب طرداً
وصوابيتها مع مطلقات التاريخ العمراني
للإنسان.
القانون
الطبيعي، مثلاً، في تحديد معالم الحق
والباطل، الخير والشر، القبح والجمال،
هو نوع من الإدراك الفطري المتعمق في
نفس كل إنسان ينال حظه منه، ويستعصي
على كل محاولة لطمسه أو للتجاوز عليه.
الدينونة
المطلقة لله الخالق الرازق المدبر
حقيقة أخرى مشتقة من الوجود العقلي
للإنسان المفكر ومتلازمة مع هذا
الوجود، قلما تنفك عنه في أي طور من
أطوار الرقي والعمران البشري، سواء
على مستواه الفردي أو المجتمعي.
ثم
إن الإسلام الدين الرحمة، بعقيدته
الحنيفة وشرعته السمحة لازمة أخرى من
لوازم الوجود الإنساني الحضاري في
ديار العرب والمسلمين، شجرة لطيب
غرسها كان أصلها ثابتاً وفرعها في
السماء، قلما يخلو قلب إنسان يعيش على
هذه الأرض من شعبة من شعبها علم بذلك
صاحبها أو جهله، حتى أولئك الذين
يظهرون أحياناً أو يتظاهرون بعدائهم
لها.
حزب
الفكرة ببعده الإسلامي والعقائدي هذا،
لا يَصطنِع تجمعاً أو تآلفاً، وإنما
ينظم حالة جماعية قائمة، إن لم تتجسد
بهذا النفر من الناس تجسدت بغيرهم
لأنها كمطر السماء أو عشب الأرض.
وفي
إطار هذا التنظيم لانبثاقة الإرادة
والحياة يحتاج الناس إلى الكثير من
العلم والكثير من الحكمة والكثير من
الروية ليجتنبوا بُنيات الطريق،
المفضية إلى الضلال أو الهلاك، من هنا
وهناك.
وتبقى
السذاجة دائماً في أولئك الذين
يحاولون أن يمنعوا السماء أن تمطر
والأرض أن تعشب، والإسلام أن يكون له
رجال.
01
/ 10 / 2003
|