برق
الشرق
حق
العودة ... شرط العودة
المطالبة
بحق العودة إلى الوطن، لم يعد عنواناً
قاصراً على اللاجئين الفلسطينيين
الذين أخرجهم يهود من أرضهم وديارهم.
فدائرة العنوان أو المطلب اتسعت في
العصر الثوري العربي، لتشمل عشرات
الألوف من المواطنين السوريين
المحرومين من العودة إلى أوطانهم منذ
عشرات السنين.. وتحت سمع ساسة الأمة
ومثقفيها ونخبها وبصرهم !! وخيارات
المعارض السوري إما قبر جماعي، أو قعر
زنزانة، أو أن يغترب طريداً لا يلوي
على شيء.
وبوابات
العبور إلى (سورية) موصدة ليس في وجه
المعارضين السياسيين فقط، وإنما في
وجه أطفال ونساء لا يستوفون المعايير
الثورية الحيوية للعيش على أرض وطنهم !!
وأول هذه المعايير التلبس المطلق
بتصاريف (خضع
يخضع)،
و(ذل
يذل)
ليكون الإنسان خاضعاً ذليلاً مستكيناً
مستسلماً منقاداً !!
سياسة
لم الشمل بطابعها شبه الإنساني الذي
يفرض على السلطات الصهيونية حيناً بعد
حين، لا أفق لها لدى السلطات السورية
بعد !! الطفل الرضيع كما المرأة تجاوزت
الثمانين يمكن أن تشكل خطراً، بل هي
خطر على أمن الدولة الثورية القوية !!
وهكذا رد رئيس الجمهورية البعثي الذي
تجاوز الثمانين على الفضائيات مباشرة
إبان الحرب على العراق، دون أن يسأل
أحد من أهل هذه المسكونة: كيف؟! ولماذا؟!
وفي
حين يحظى اللاجئ الفلسطيني، بلقب لاجئ
بجميع امتيازاته (الآدمية) و(الإنسانية)
و(السياسية)، فإن الطريد السوري لا
يرقى للتمتع أبداً بمثل هذه الحقوق من
فئة الخمسة نجوم. يحرم الطريد السوري
من حقه في العودة، ومن حقه في الحصول
على وثيقة رسمية تثبت (وجوده !!) و(انتماءه
!!)، ومن حقه في أن يعيش كائناً آدمياً
حيثما ألقى رحله في دنيا الناس.
وبالمقابل
فإن هناك من يسعى ليعلق في عنق هذا
المسكين الطريد رضيعاً كان أو ابن
ثمانين بطاقة إرهابي ليستعين عليه
بخيل بوش ورجله.. حيثما نزل وأينما حل !!
فأزيز الإعلام السوري منشغل بالكيد
لهؤلاء المساكين عن التعامل مع (الإيباك)
و(المحافظين الجدد) الذين يؤثر (أن يدهن
لهم ليدهنوا له !!) ومن باب أولى أن
يتصدى لجهد يقوم به شارون وعصابته.
ثم
هناك من يسعى أيضاً، وهو الذي يحرم
الوليد شهادة ميلاد تثبت حقه في الوجود
؛ إلى سحب كرسي التعليم الأولي من تحت
طفل أو شاب هم مهما تقلبت بهم الأيام
سوريون، وليغلق في وجوههم
سبل التعليم وسبل الحياة معاً،
فحسب المفهوم الثوري ماتزال سورية
الوطن بحاجة إلى أعداد إضافية من
الأميين، أكثر من أولئك الذين يراكمهم
النظام الثوري التقدمي، لأنهم ينفعون
وقوداً للاستبداد والإرهاب، وهما
وجهان لحقيقة واحدة، وصورتان لجريمة
واحدة، الإرهابي يقتل الحياة،
والمستبد يقتل في الحياة أجمل ما فيها
يقتل الحرية.
يقال:
إن الولايات المتحدة وضعت امتحاناً
عسيراً للمعارضة السورية لكي تتبنى
قضاياها، كما تبنت قضايا المعارضة
العراقية من قبل. والمادة الأساسية (المرسبة)
في هذا الامتحان هو تعهد المعارضة
بالتخلي عن مقاومة مشروع بوش وشارون
للسلام. فإدارة بوش تسعى إلى حماية
النظام القائم من معارضة قوية تفسد
عليه مخططات المهادنة أو الاستسلام.
ولذا
تسقط الولايات المتحدة من قائمة
اشتراطاتها على سورية المطالبة بأي
انفراج داخلي، وتتناسى الحديث عن
قضايا حقوق الإنسان.
المطلوب
من (اللاجئ الدون) السوري، أن يشطب على
حق العودة للاجئ الفلسطيني لعله يعود.
وهذا هو الشرط الذي يفرضه طرفا الكماشة
الداخلي والخارجي في وقت معاً.
18
/ 8 / 2003
|