برق
الشرق
حسنـاً
فعلـوا
تأجيل
القمة العربية الطارئة، أو رفض
الاستجابة لانعقادها، تصرف عربي رسمي
حكيم. فعلى الرغم من أن قائمة
التفسيرات والتبريرات التي قدمت
للامتناع عن حضور القمة لم تكن كلها في
صالح النظام العربي، بدءاً من
التكهنات التي ثارت بأن سبب الامتناع
عن الحضور كان تعليمات عليا صدرت من (الصدر
الأعظم !!) وانتهاء بالمعاذير الصغيرة
التي تنم على الروح الطفولية التي
يعالج بها القادة مشاكلهم !!
تأجيل
القمة الطارئة كان حسناً، وإلغاء
اللقاء الدوري سيكون أحسن، مادام
القادة العرب لا يمتلكون في جعبتهم غير
التأكيد على مبادرة الأمير عبد الله بن
عبد العزيز، وعلى ضرورة مباشرة
الإصلاح الفلسطيني، ليكون
الفلسطينيون لائقين للعيش مع (جوارهم
الرهيف الجديد !!). وعلى وجوب أن يكون
العراق أكثر انفتاحاً وتعاوناُ مع
لجان التفتيش لكي لا يعطي الأمريكان
ذريعة لإعلان الحرب. وربما يضيقون هذه
المرة ضرورات أخرى تتعلق ببعض آيات
تعتبر (محرجة !!) من القرآن الكريم، أو
أحكام الشريعة، ليبدو الإسلام مناسباً
تماماً للأنموذج الأمريكي الذي تدندن
حوله معاهد الدراسات (الصهيو ـ كية)،
والذي يطرحه جهاراً نهاراً: بوش وباول
وشارون.
صحيح
أن جسد الأمة العربية، أو الضمير
العربي لم يعد فيه موضع لسهم، فقد
تكسرت النصال على النصال كما يقولون،
ولكن قمة عربية تسير في هذا الطريق، في
هذا الزمان الصعب والبائس، ستكون بوزن
الكوارث كلها، وربما ستضع الوجدان
الشعبي العربي في حالة حرجة تتجاوز ما
يتوقعه الساسة والمسيسون.
من
جهة أخرى، يبدو أن النظام العربي، الذي
هو تركة النصف الأول من القرن العشرين،
قد فقد وزنه ومغزاه، وكذا الدولة
القطرية التي فقدت مداراتها في ظل نظام
العولمة المفتوح على كل شيء.
وجاء
اليوم دور الشعوب: دور الأفراد
والأحزاب والمنظمات، ومع أن الواقع
العربي لا يبشر بخير كثير، ومع أنه
أثبت أن شعوب العالم على اختلاف
عقائدها وأجناسها هي أكثر تفاعلاً مع
قضايا الأمة العربية المصيرية، فهي ـ
تلك الشعوب لا هذه ـ التي تسير
المسيرات بالملايين، وهي التي تحرك
الدروع البشرية إلى بغداد، وهي التي
تكتب وتخطب وتحاضر وتنتدي لمنع الحرب
على العراق؛ رغم كل ذلك، ومع إدراكنا
لدور مقامع الاستبداد في الإحاطة بجهد
الإنسان العربي وموقفه وقراره...
رغم
كل ذلك نقول، جاء دور الشعوب العربية،
دور المواطن الفرد في موقعه، والمثقف
في محيطه، والحركي في منظومته، لإخراج
الأمة أجمع من حالة السبات، ولإخراج
النظام العربي من حالة الارتهان.
مرة
أخرى حسناً فعل الذين أجلوا اللقاء،
وسيفعلون أحسن لو ألغوه، لأنه كما قال
حافظ إبراهيم:
ما
فاز إلا النوم
22
/ 2 / 2003
|